أهم الأخبارمقالات

إصلاح القاعدة

راكان بن حثلين: السواد الأعظم من المواطنين أصبحوا ناقمين على الأوضاع ولا ينظرون إلا إلى النصف الفارغ من الكأس

راكان بن حثلين: المشكلة الأكبر هي أن تكون الكويت ومشاريعها التنموية ضحية الصراعات وتصفية الحسابات

راكان بن حثلين: التيارات السياسية والمتنفذون والطامحون «نارهم تأكل حطبهم».. ولكن أين مصالح الشعب في وسط هذا الصراع؟

راكان بن حثلين: بعض التيارات نجحت في زراعة ثقافة « التحلطم» وقادت الشباب إلى خوض معركة خاسرة بالنيابة عنها

راكان بن حثلين: علينا كمواطنين قبل أن ننتقد الحكومة.. أن نبدأ بتقويم وتقييم انفسنا نسأل ماذا قدمنا لهذا البلد؟

راكان بن حثلين: على الحكومة أن تخرج امبراطوريتها الإعلامية عن صمتها وأن تبدأ بمخاطبة المجتمع

قليلاً ما نجد مَنْ يتحدث عن الإيجابيات في الواقع الكويتي، أو من ينظر الى ما أنعم الله به علينا من خيرات ومزايا تحسدنا عليها شعوبٌ أخرى، بدلا من البكاء على اللبن المسكوب، فالسواد الأعظم من المواطنين أصبحوا ناقدين وناقمين على الأوضاع، لا ينظرون الا الى النصف الفارغ من الكأس، ويسقطون النصف الممتلئ من الميزان. هذه الحالة ليست ظاهرة مستجدة، وإنما هي ثقافة ترسخت عبر السنوات، ساهمت فيها الحكومات بشكل أو بآخر، ما شجع على اتساع دائرة المعارَضةِ.. المعارِضة لكلِ شيء.

فالكل يتحدث الآن عن تجاوزات وهدر للمال العام في المشاريع، وتنفيع ومحاباة للتجار والمتنفذين، وحجم المكاسب التي سيحققها هؤلاء، ولكن قليلا ما نجد أحداً يلتفت الى الإيجابات، او يتحدث عن الأهداف والنتائج التي تترتب على هذه المشاريع، وعدد المواطنين المستفيدين منها. بل ان المشكلة الأكبر هي ان يكون البلد، والمشاريع التنموية، ضحية الصراعات وتصفية الحسابات، إلى أن وصل الأمر الى مرحلة بالغة الخطورة، عندما وجد البعض انفسهم في مرحلة «أكون أو لا أكون»، وبدأ بتطبيق قاعدة «عليَّ وعلى أعدائي».

لسنا هنا للدفاع عن هذا الطرف او ذاك، أو لتوقع مَنْ سيكون الطرف المنتصر في نهاية الصراع الدائر، ولكن لا نريد ان نكون نحن الوقود والضحية في هذا الصراع.

التيارات السياسية والمتنفذون والطامحون، «نارهم تأكل حطبهم»، ففي النهاية كل منهم يسعى الى مصالحه الخاصة، ولكن أين مصالح ومكاسب الشعب في وسط هذا الصراع؟ منذ سنوات والبلد حاله من سيئ الى أسوأ نتيجة الصراع، والآفات التي عششت وترعرعت وارتوت من شريان خلافاتنا، أوراق هنا وأوراق هناك، وشد وجذب وجدل عقيم، وضياع للوقت والجهود، واستنزاف لكل طاقة الشعب وقدرته على التحمل، وكأن هناك من يريد أن يقودنا الى الانفجار.. انفجار نكون نحن أول المتضررين منه، يقودنا الى مستقبل مجهول، وواقع جديد كل المؤشرات تدل على أنه.. سيئ.

بعض التيارات نجحت في زراعة ثقافة « التحلطم» بين أوساط المجتمع، وقادت بعض الشباب الى خوض معركة خاسرة بالنيابة عنها، وكادت تودي بالكثيرين منهم الى المهالك، وللأسف المجتمع والحكومة «على طمام المرحوم»، ولم يحركا ساكنا لزراعة فكر مضاد بين الشباب حتى لا يتكرر المشهد.

فرغم كثرة التكرار لم تتعلم الحكومة من أخطائها، بل وكأنها تصر على استمرارها في نفس النهج، دون مراعاة لتطور ثقافة المجتمع والشباب على وجه الخصوص، وسرعة انتشار المعلومة بفضل الثورة التكنولوجية التي شهدها العالم، وعدم ادراكها ان قناعات كثيرين يمكن أن تبنى على مجرد «إشاعة»، والأسر ومؤسسات المجتمع المدني تبدو وكأنها غير عابئة بمصير الأبناء، إذ لم تبادر بإطلاق اي برامج او أنشطة لتوعية الشباب، وغرس الأفكار الإيجابية بينهم، حتى يكونوا عنصر بناء لا عنصر هدم، او وقودا وضحية للصراعات السياسية والفكرية.

إن المطلوب من الحكومة ان تخرج اجهزتها المعنية، وامبراطوريتها الإعلامية عن صمتها، وان تبدأ بمخاطبة المجتمع ولاسيما الشباب بشكل مباشر، وأن تبدأ برنامجا تسويقيا لمشاريعها التنموية، تسويقا يهدف الى حشد الدعم الشعبي، لمؤازرة الحكومة في مواجهة أي تصعيد غير مبرر.

كما ان علينا كمواطنين قبل ان ننتقد الحكومة، أن نبدأ بتقويم وتقييم انفسنا، وأن نسأل ماذا قدمنا لهذا البلد، وأين أخطاؤنا في حق هذا البلد، ومتى تقاعسنا عن أداء واجباتنا تجاهه؟ ومن منا الإيجابي الذي يستحق ان يتقاضى أجراً من هذا البلد مقابل عمل، ومن الذي اصبح يشكل عالة على المجتمع بفعل سلبيته في كل شيء، حتى في النقد؟ وعلينا اذا انتقدنا ان نضع الحلول والبدائل والمعالجات، لا أن نتحول الى مجرد راصدين نفتش عن المشاكل والسلبيات بين أنقاض الخلافات.

علينا كمجتمع ان نبدأ بتقويم سلوكياتنا وسلوكيات أبنائنا، وان نزرع فيهم ثقافة العمل والعطاء والمشاركة الإيجابية في تقويم الأداء الحكومي، بدلا من الاتكالية وجعل الحكومة شماعة تعلق عليها كل الأخطاء.

علينا ان نبدأ بالإصلاح من أنفسنا أولا، لأن الاصلاح إن لم يأت من أعلى الهرم يمكن ان يبدأ من القاعدة، وعلينا ان نتذكر دائما أننا في نعمة يحسدنا عليها الاخرون.

عضو جمعية الصحافيين الكويتية

راكان بن حثلين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.