جمبازية المرحلة !!
لست بصدد الحديث عن لعبة الجمباز او لفظ جمبازي كما جاء في قاموس المعاني وهو الشخص الذي يمارس هواية او رياضة الجمباز، بل ما اريد الحديث عنه كلمة من موروثاتنا الشعبية الخليجية و الكويتية تحديدا، التي يوصف بها كل شخص متقلب كذاب منافق ، انتهازي للفرص ، المتلاعب البارع في التحايل ، الماكر آكل الاموال بغير وجه حق ، الذي لا يمكن التنبؤ بأفعاله فيقال عنه ان فلان جمبازي. كما يستخدم وصف الجمبازي احيانا على سبيل المزاح بين الناس و الاصدقاء خاصة اذا استغرب احدهم فعل الآخر فينعته بالجمبازي.
لأنها كلمة متلونة متعددة المعاني ( السيئة ) قد تزعج شخصا او تسعده اذا وصفته بها وفقا للحالة والمناسبة في استخدامها،و تطور تداولها منذ ان كان المجتمع صغيرا منغلقا واستمر بتداولها بعد ان اصبح المجتمع دولة ( متطورة ) في شتى المجالات الثقافية والاجتماعية و الاقتصادية والسياسية، واصبح للمواطن حقوق و واجبات وفق القانون، فتؤدي ما هو عليك مكتوب لتحصل على ما هو لك منصوص بإطار مؤسسي منظم، تشارك بالقرار فتنتخب مشرعين للقوانين مراقبين لأداء التنفيذيين ، حريصين على المال العام ومقدرات الوطن. وحين يجد الفساد مدخلا في ذلك المجتمع ( المتطور ) يبدأ الجمبازية بالانتشار كما ينتشر المرض في البدن.
شيء غريب فعلا بالسابق كان اصحاب الصفات السيئة او الجمبازية سرعان ما كانوا ينبذون من البيئة الصالحة عند اكتشاف افعالهم وسوء نياتهم بعكس ما نحن عليه اليوم، انتشار الفساد و داعميه وصولا الى تحقيق مكاسب للمصلحة الخاصة على حساب المصلحة العامة و غياب الوعي المجتمعي الذي لازال متشبثا بالفئوية و القبلية و الطائفية بعد اكثر من خمسين سنة من الديمقراطية ثبّت ذلك الجمبازي امامنا و وضعه في كل مكان مستغلا كل تلك الظروف.
تعلمنا ان الخط المستقيم اقصر الطرق بين نقطتين وبمفهوم التعامل بين البشر ان صدق النية و الوضوح و الصراحة و الاخلاص في العمل هو الطريق المستقيم لبلوغ الاهداف والنهوض بالوطن وبمستقبل اجيال واجيال تبني و تعمّر، لكننا اليوم نجد اللف والدوران والتسويف والطرق الملتوية و المساومات و المؤامرات اساس كل عمل فأي تنمية تنشدون و أي بناء له تطمحون و أي طريق انتم سالكون مادام الجمبازية هم المتقدمون و معاول الهدم لا البناء بهذا الوطن يحفرون.
ياسر بدر النقي
Twitter:@yaser_b_alnaqi