مقالات

رسالة برتقالية

خلافي مع نهج الحراك الفوضوي خلاف مبني على قناعة تنطلق أولا من حبي لبلدي ثم لمكانة الأمن وأهميته لدي ، في الحفاظ على أرواح العباد وممتلكاتهم يمكن في المحافظة على النظام وأمن البلد .

فخلاف مع الحراك البرتقالي الفوضوي على أعتبارات أهمها :

أولا : الحفاظ على النظام وأركان الدولة وأمن البلد وأرواح العباد وممتلكاتهم مقدم على محاربة الفساد والقضاء عليه فلا يمكن لنا أن نحارب فساد من خلال فساد أعظم منه وذلك بحجة أننا نريد الإصلاح .

ثانيا : خلافي أيضا مبني على أن معركتهم الفوضوية هي معركة تفتقر لأبسط مقومات العدالة والنزاهه التي تجعل المواطن يقاتل في سبيل الإنتصار فيها بكل ما هو نفيس ، ذلك أن حقيقة صراعهم الفوضوي والذي تجاوز حدود سقف العمل السياسي المشروع .

ذلك أن محور صراعهم الفوضوي وركيزة مطالبهم قائمة على ألية التصويت بـ ـ 4 أصوات ـ والمطالبة إلغاء مرسوم الصوت الواحد ، ولم تكن يوماً ما ترتكز على محاربة الفساد والمفسدين وإصلاح البلاد والمطالبة بتنمية شاملة كاملة تنتشل البلاد والعباد من مستنقعات التخلف والضياع .

ركيزة تلك المطالب أساسها إحياء تلك التحالفات السياسية المشبوهه ، والتي أغلبها لا تقوم على أساس وطني بحت بل قد يكون أساسها عرقي أو طائفي أو طبقي والذي أستخدموا في سبيل تحقيق ذلك جميع الوسائل المشروعة والغير مشروعة ، وقاموا بهدم كل سقف سياسي سواء كان عقلاني أو أخلاقي .

بل وتنادوا في سبيل تحقيق ذلك للخروج للشارع دون وعي أو أدراك لخطورة تلك الدعوة المسمومة ، وتناسوا بأن الخروج للشارع بتلك الفوضوية ، ومع وجود هذه الأنفاس الفئوية الملحوظة ، هي مغامرة قد تكلفنا خسارة أمن وطن ضياع مستقبل مواطن .

ذلك أن الشارع لا يوجد له زمام يستطيع كائن من كان ، أن يتحكم بزمامه أو يسطر على تحركاته وقد يتحكم بزمام الشارع مستقبلاً ، وبعد أن يختلط الحابل بالنابل ـ قادة وزعماء ـ قد يختلفوا عمن كانوا ينادوا بالماضي به .

وبذلك قد تعم الفوضي ويتصدر المشهد الشوارعي ـ قائد ـ لا يعتاش إلا على الفوضى ولا يفقه من مفاهيم المواطنة سواء تجارة الحروب والفتن ، ولا تستغرب أن وصلت الأمور الفوضوية بنا إلى حد نكون فيه كـ لبنان جديد ولكن بسلبياته فقط ، ودون أن نجني من ثمار تلك الدعوات إلا التناحر والدمار .

ثالثا : خلافي مع الحراك الفوضوي لقناعتي التامة أيضا بأن محور مطالبهم وركيز حراكه هو المطالبة بعودة الــ ( 4 أصوات ) فقط ، رغم أنه محور فاسد ومطلب باطل لا يمت للعدالة والمساواة بصلة ، بل هو أقرب ما يكون لـ تزوير حقيقي لإرادة الأمة ، إذ أن إرادة الأمة واحدة ( صوت واحد ) وليست أربعة إرادات ( أربع أصوات ) .

وليقييني بأن ذلك التزوير فاسد سيخلق تحالفات غير وطنية لا تقوم على أساس وطني صالح نستطيع من خلاله أن نحارب فساد والمفسدين ، ذلك أن القاعدة تقضي بأن المقدمات الباطلة دائما ما تؤدي إلى نتائج باطلة .

لهذا كان هناك خطيين شعبيين واضحيين في السابق تقوم عليها توجهات المواطن العادي ، خط شعبي مع النظام والأمن ( الأزرق ) ، وخط شعبي أخر ضدهما ( البرتقالي ) ، وبعد أن أنتصر الحق وزهقت دعوات الباطل ، وتم الحد من التطاول على النظام بعودة البرلمان من خلال التصويت بألية حقيقية وعادلة ( صوت الواحد ) ، وشارك من شارك ، وإستقرت الأمور وغاب عن ساحة العمل السياسي من كان من أسباب التأزيم والتحالفات المشبوهه .

ظهر لنا فساد أخر ومن نوع أخر كان ولا بد من محاربته وبيان أوجه فساده ، وهو الفساد القائم على إنحراف البرلمان والحكومة عن المسار الإصلاحي المرجو ، وذلك بتحالف باطل بين الحكومة والتجار الساسه من جهة ، وتحالف الحكومة من جهة أخرى مع الحركات الطائفية والتي لا تؤمن أصلا بمفهوم الدولة المدنية ودولة المؤسسات والقانون .

ونتج عن ذلك التحالف الفاسد ـ علاقات مشوهه ـ لا ترتقي لمصلحة وطن ، ولن تراعي مصالح مواطن ،و تلك العلاقات المشوهه حقيقتها فساد مخل وإنحراف واضح للمسار الإصلاحي المرجو ، بعد أن تم أستبعاد عناصر التأزيم والقضاء على التحالفات المشبوهه .

مما تطلب ظهور معارضة شعبية جديدة ذات لون أخر وطعم أخر لا تمت للأجندات المجيرة والأبواق المسمومة بصلة ، والتي تنحصر معارضتها بمحاربة الفساد وأربابه ، ولا يكون ذلك إلا بالتصدي لهذه التحالفات الفاسدة بين الحكومة وبين التجار من جهة ، وبين الحكومة والتيارات الطائفية من جهة أخرى وهذا ما كان .

وذلك بظهور قوى وطنية مستقلة غايتها محاربة الفساد والمفسدين أينما كانوا وأي كانوا واي كانت ألوانهم ومكانتهم ، على أساس أن المعركة الوطنية القادمة ، هي معركة ضد الفساد والمفسدين أي كانت ألوانهم ومسمياتهم .

معركة وطنية شريفة أساسها مصلحة الوطن ومصالح المواطن وفق العقل والأخلاق و وفق القانون والأطر الدستورية ، ولن تكون أبداً عن طريق الشارع والفوضى وزعزعت النظام وتهديد أرواح المواطنين وممتلكاتهم ، ودون إسفاف بلغة الخطاب أو التدني إلى مستوى الحوار الهابط والغير أخلاقي .

فلا قيمة للمال إن فسدت الأخلاق ـ ولا يمكن أن يكون إصلاح الوطن بزعزعت أركانه وثوابته .

المحامي محمد الشنوف الماجدي .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.