حتى لا نكون شهود “زور”!!
حسناً فعل النائبان علي الراشد وصفاء الهاشم، حينما اختارا الوقوف الى جانب الحق والانتصار للمبادئ التي لطالما دافعا عنها، وهنا ليست المسألة ان نائبين آخرين أضيفا الى قائمة المستقيلين، ليرتفع العدد الى خمسة، وإنما المسألة تتعلق هنا بتزايد قناعات الآخرين، ولفت النواب إلى ضرورة إدراك حقيقة رغبات الإرادة الشعبية، والتي لن ترحم المتخاذلين والصامتين على الجرائم البرلمانية والافساد السياسي الذي يجري الآن، وارتهان الارادة الشعبية عبر خضوع المجلس المنتخب للارادة الحكومية.. فاقداً بذلك كل قدره وكل حق في الرقابة والتشريع ومتابعة خطط التنمية!.
٭٭٭
قيمة الاستقالات الجارية في انها رسالة بالغة الأهمية للشعب الكويتي بأن الأمور وصلت فعلاً اليوم الى طريق مسدود، كما قال وعبر بدقة بيان استقالة نواب «المسار المستقل» الذي كان أبلغ رسالة بأن ما حصل من انحراف في مجلس الأمة في استخدام الرقابة والتشريع، ساهم في وأد مادة الاستجواب، وتكميم الأفواه، وعدم اعطاء الفرصة للأقلية.. حيث أكدوا انهم وصلوا الى قناعة بأن بقاءهم في هذا المجلس بات بمثابة عطية أو منحة تكسبه الشرعية الشعبية، وبأن وجودنا داخل مجلس سُلبت منه كل وسائل الاصلاح والمحاسبة، هي بمثابة شهادة زور وصك تأييد للمخالفات والتجاوزات التي يرتكبها المجلس في حق الشعب الكويتي، بعدما أصبح أداة طيّعة في يد حكومة عاجزة فشلت في تحقيق «الحد الأدنى» مما وعدت به صاحب السمو أمير البلاد وأهل الكويت !.
٭٭٭
إن استقالة 5 نواب، والتي يمكن اعتبارها من السوابق التاريخية، والتي لم يحدث ان أجمع نواب على مثل هذه الرئاسة السيئة للمجلس، انما هي أبلغ دليل على ديكتاتورية الأغلبية التي نراها الآن في مجلس الأمة، بحيث ان المجلس لم يعد منبراً لتعدد الآراء، ولا قاعة مقدسة للتعبير الديموقراطي الحر، وانما أصبح نوعاً من الممارسة، التي تتمثل في تضييق الخناق على كل رآي معارض، وتقليص مساحة حرية التعبير، ولكن الأسوأ من هذا كله هو عدم الحيادية الآن في ادارة الجلسات.. وكل هذه الممارسات المسيئة للديموقراطية، والتي سبق ان حذرت في كتاباتي عنها، لم يعد متوقعاً – أو مرتجى – منها أي خير!!.
٭٭٭
هذه الرئاسة تحاول أن تصدر للشعب الكويتي خطاباً بأن المستقيلين هدفهم اسقاط هذا المجلس وأن هذه هي الغاية..وهو قول لا صحة له.. بل هو دليل عجز على مواجهة السابقة التاريخية التي كشفت عورات الأداء البرلماني المسيء.. وكشفت عن مخاطر زواج الحكومة بالبرلمان عبر تحالف تجار السياسة مع الحكومة.. وهو أيضاً ما سبق ان حذرنا منه كثيراً.. والدليل على ذلك انه في حالة ما لم تنشط الاستقالات وتتزايد تعبيراً عن موقف باقي النواب من استمرار هذا الأداء، فان المجلس يمكنه ان يستمر عبر إجراء انتخابات تكميلية..فهل هذا ما يريده النواب الخمسة المستقيلون حتى الآن ان يفقدوا مقاعدهم ومشاركتهم ودورهم الفاعل في الحياة البرلمانية بالتصدي لرموز الفساد والافساد السياسي والبرلماني والمالي أيضاً!!.
٭٭٭
كلام رئيس المجلس قاصر.. ومرود عليه، ولا نظن ان يأتي على ذهنه مفردات مثل «تحقيق الإصلاح» و«خطط التنمية» وحق الشعب في ممارسة الرقابة والمساءلة.. والرغبة في الانجاز، وكلها مفردات يقيناً وردت على أذهان النواب المستقيلين الذين حلموا كثيراً بتحقيق خطط التنمية..وبأن تكون الكويت واحة للديموقراطية.
لا يدرك رئيس المجلس ان النواب المستقيلين لا يشرفهم ان يستمروا بهكذا مجلس وأن يستمروا كشهود زور على ما يحدث داخل المجلس من ممارسات غير حيادية وغير اخلاقية للبعض، فضلاً عن كونها غير دستورية !!.
٭٭٭
في فترة سابقة من عمر تجربتنا البرلمانية بعد الغزو كنت أجري تقييماً لأداء مجلس الأمة، على ضوء المجالس السابقة، ولو أجريت مثلها الآن فسأجد أنه قد تعاقب 3 رؤساء على المجالس السابقة، نستطيع ان نقول عنهم الكثير.. فتجاربهم مازالت حية، فمثلاً «الخرافي» في عز المعارضة الصاخبة أشهد له انه كان يتعامل بحيادية كاملة وباحترام تام لكل النواب، أيضاً أحمد السعدون.. فعلى الرغم من أنه في المجلس المبطل كانت له ممارسات وتعديات على اللائحة الداخلية، ومع هذا كان يحترم الجميع ويعطي الفرصة لكل خصومه إيماناً منه بحرية التعبير خصوصاً تحت قبة البرلمان!.
٭٭٭
أما اذا تحدثنا عن تجربة الرئيس «علي الراشد» فقد كان نموذجاً وكانت تجربته نموذجية سواء في الحيادية أو في احترام النواب واتاحة الفرص الكافية أمامهم للتعبير عن ذاتهم ولم يتدخل في ادارة الجلسات الا بشكل حيادي، أما الادارة الحالية فحدث ولا حرج، وهي المسؤولة عن كثير من الأزمات وقد شهدنا جميعاً لما يتعرض له الاخوة النواب من ممارسات غير سوية!!.
٭٭٭
ان الأخوة المستقيلين اذا لم يكن هدفهم اسقاط المجلس كونهم يعرفون ان هذا مرتبط بزخم استقالات كثيرة، لا يجعلنا نتوقف من دون ان نتمنى على النواب المخضرمين أمثال عدنان عبدالصمد وصالح عاشور، ونظرائهم ممن نكن لهم الاحترام الشديد وأعرف أنهم لا يقبلون التعدي على الدستور في هذا المجلس، ان يتفكروا بالأمر وان يتدارسوا ما جرى من انتهاك للدستور خاصة وأنهم نواب لهم تاريخ ومجرد تقديمهم لاستقالاتهم كفيل بإضافة المزيد من الرسائل القوية الى الشعب.. لأن هذا المجلس يجب أن يسقطه الشعب ولا يجب لأحد ان يكون شاهد زور فيه!!.
.. والعبرة لمن يتعظ !!.
منى العياف
alayyaf63@yahoo.com
twitter@munaalayyaf