مقالات

فتاوى الهوى

فتوى الهوى مصطلح يطلق على ما يقوم به رجل يتاجر بالدين حسب مصلحته وهواه، ومن الأمثلة على ذلك أن شيخ دين يسكن في إحدى الفلل التي فرشت بأفخم الأثاث، حتى إن كلفة التصميم تكاد تتجاوز سعر الأرض نفسها، كان لدى هذا الشيخ جار صالح يفصل بينهما جدار، وفي أحد الأيام بال كلب على الجدار الذي يفصل شيخ الدين عن جاره؛ فذهب أناس إلى الشيخ وقالوا له: إن كلباً بال على جدار، فما الحكم؟ فقال: يُهدم الجدار من أساسه، فأعادوا له السؤال قائلين: أتى كلب وبال على جدار، فما الحكم؟ فأعاد فتواه بالهدم، فقالوا له في الثالثة: أتى كلب وبال على الجدار الذي يفصل بينك وبين جارك، فما الحكم؟ فقال: قليلٌ من الماء يطهره.
فكان هذا المثل الذي يقال لكل شخص ينطبق عليه مسمى مفتي الهوى.
للأسف هنالك العديد من هذه الصور في بلداننا العربية، لمن تزيّوا بزيٍّ خادع، واختبؤوا تحت مسميات ومصطلحات عديدة، ولكنهم في الآخر يندرجون تحت مسمى صريح هو «المتاجرون بالدين».
السياسة تفسد الدين إذا كانت تتاجر به لأجل المطامع الدنيوية، أو كانت مرجعاً للتفاوض حوله، وكذلك إذا هي خالطت الدين ولو بجزء صغير منه فسوف تخربه، لأن
البعض يتخذ من ذلك حصناً ويجعل الدين دريئة بينه وبين السياسة، وهو ما سيؤدي ولا شك إلى ضياع هيبة الدين.
يجب ألا تسير السياسة بجانب الدين، ويجب ألا يتم اقتران الدين بالسياسة، فالسياسة لها رجالها في الدولة ولها منهجها الخاص، والدين ثابت وأصله معروف في الكتاب والسُنّة، وهو لا يتغير بمرور الزمن، أما السياسة فتتغير نتيجة تغيّر وضع ما أو مصلحة شخصية أو عامة.
في النهاية، أود أن أؤكد أن هذا الكلام ليس موجهاً إلى فئة معينة أو شخص معين، ولكن المقصد هو الفكرة المجردة نفسها، فأنا لا أودّ أن يأتي أحد يوماً ليؤكد أن مقالي هذا موجه إلى فئة دون أخرى.
في المحصلة هذا رأيي الشخصي المبني على قناعاتي ومشاهداتي في هذه الحياة.
فيصل أحمد الأذينة

جريدة الكويتية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.