مقالات

د.بشارة.. وبحر التناقضات!!

أحرص دائماً على متابعة شخصيات سياسية بعينها، خاصة تلك التي كان لها دور سابق في الحياة السياسية في فترات مختلفة، كما انها قريبة من القيادة السياسية، وتمتلك «نوافذ» يمكن منها ان تسمع رأيها.. لذا أرغب دوماً في ان أعرف ما يدور في خلدها ومتابعة ما تسطره هذه الشخصيات في «مقالاتها».

٭٭٭

استوقفني مقال الدكتور عبدالله بشارة، الذي نشرت له الوطن يوم 2014/5/5 مقالاً بعنوان «أحوال الكويت.. وصمت الوطن» أحصيت فيه العديد من النقاط التي تستحق الرد، ما كنت أتصور انه يوردها في مقال له على انها المشهد الحقيقي لأحوال الكويت اليوم.. وكان تأملي لها يقطع يقيناً بأن الحرس القديم هو السبب في ما وصلنا اليه ومن أسف ان هذا لايزال هو الذي يجثم على نفوسنا ويتحكم بكل شاردة وواردة ويجبرنا على الأخذ بأفكار وأساليب، ويعمل بعقلية لا تتناسب مع طبيعة عصرنا.. أناس خارج الزمن ويكفي ما نراه بأم أعيننا الآن وكيف أصبحت الكويت في تراجع لا نظير له، والسبب تلك الأفكار والسياسات والآراء التي عفى الله عليها!!.

٭٭٭

اسمح لي.. د.بشارة، بداية ان أتحدث عما عنونته بقولك «صمت جريدة الوطن» فأقول لك ان ما حدث لهذه الصحيفة لا يوصف الا أنه «ردة» حقيقية نعم ردة من قبل هذه الحكومة، التي ترى ان رئيسها يسير بأسلوب ناجح ولا يتعثر في مطبات.. مع ان هذه الحكومة لا تستحق البقاء يوماً واحداً، هي «وصمة عار» في جبين «حرية الرأي»، فما حدث هو صفعة لثوابتنا الديموقراطية وانتكاسة لكل ما كنا دائماً نتغنى به، أو أياً كانت الحقائق التي أرادوا طمسها، فان الحقيقة ستبقى أبداً خارج النوافذ المغلقة، فنحن في عصر لا يمكن فيه تكميم الأفواه ولله الحمد، عادت «الوطن» وستثبت الأيام يوماً بعد آخر ان هذه الحكومة تحيط بها بطانة السوء من كل جانب، وبسببهم ستدفع الكويت ثمناً فادحاً!!.

٭٭٭

من المعروف والثابت ان القيادة السياسية في الكويت لا تفرط في اولادها الذين تنعموا بخيراتها، وظلوا الى جوارها أوفياء لها في كل العصور، فهي لا تلفظهم حتى بعد خروجهم من مواقعهم التي تسيدوها كالملوك سنوات طويلة، وتتحايل بتقريبهم منها للعمل كمستشارين لها، لكي يتمتعوا بنفس المميزات والوجاهة الاجتماعية، ويكونوا أيضاً داعمين لها في لحظات عصيبة كالتي تعيش فيها، ولكن هؤلاء يلاحظ ان وفاءهم غالباً ما يبتعد عن ثنائية الوفاء للنظام والوطن ليقتصر على الوفاء للنظام فقط، على الرغم من ان المعادلة سيئة تماماً، وهذا نتاج قدرة وفكر هؤلاء.. هم يملكون مهارات الاقتراب والبقاء في السلطة والتقرب منها، والتمتع بمزاياها، ولكنهم لا يتمتعون بالقدرة على الأفكار وتقديم الاستشارات الصحيحة، التي تخدم النظام وتخدم الوطن.. ولذلك فان كل أفكارهم المحدودة التي لا تستند لا على دراسة، او مهارة، هي التي تساهم في النهاية في تكريس واقعنا المتردي وتظل تقودنا نحو الهاوية.. يوماً بعد يوم!!.

٭٭٭

لو عدنا الى المقال فأجد ان هناك نقاطاً يجب ان نفندها بالتعليق عليها، فقد قلت (د.بشارة): «ان اخفاق الاستجواب ادى الى اندفاع بعض الأعضاء الى اعلان الاستقالات من المجلس»!!.

لتسمح لي.. الاستجواب لم «يناقش» أصلاً حتى نقول أخفق وقد تم «شطبه»!! وهي مخالفة صريحة لمواد الدستور واللائحة، وسابقة خطيرة غير مقبولة، وقد أقسم هؤلاء النواب الذين تصف أقدامهم على الاستقالة «بالاندفاع»، أقسموا على احترام الدستور قسماً.. هل تعلم كم هو عظيم!!.

وحينما تكون تلك قناعة صاحب القسم.. فكيف بالآخرين يقللون من قيمة ما قام به ويسمحون بنقده!.

٭٭٭

وهل اذا كان هناك أناس يفتقرون لمثل هذه «الجسارة» في التصرفات.. فان من حق الآخرين ان يعتبروا هذا «اندفاعاً»؟!.

دعني أقل لك هنا أنك تتناقض مع نفسك!! مشكلة الكويت يا دكتور هي في مثل هذه الآراء التي تكتبها والتي تنم عن الضيق بالدستور وبتداول السلطة، مع ان هذه هي «الميزة» التي تتمتع بها الكويت وتعطي لها بريقاً يميزها عن باقي دول المنطقة، والناصحون للقيادة السياسية أحياناً بمثل هذه الآراء يعزلونها عن نبض الشارع الحقيقي،.. وكما انه يخالف كل كلمة كتبتها في السطور السابقة بشأن «اغلاق الوطن» والتي أوردتها في بداية مقالك!!.

٭٭٭

وفي المقابل ترى انهم كنواب كان يجب عليهم تحمل مسؤوليتهم، فأنت تعتبرهم «شركاء في القرار ويتحملون أعباء الفشل والاخفاق وعليهم المشاركة وليس المواجهة»!!.

هنا أستوقفك قليلاً لأقل لك: كيف تريد نواباً يشاركون بينما كل أسئلتهم يرد عليها باجابة واحدة تقول: انها أسئلة غير دستورية وذلك عن تعمد شديد بعدم الاجابة عليها!! كيف يشاركون واستجواباتهم تشطب دون سند دستوري لذلك، بل ويتم منعهم من الحديث بمنتهى التعسف واللاديموقراطية ويتم اهمال كل مجهودهم في مشاريع القوانين، في ترجمة واضحة ونتاج ملموس للادارة السيئة لهذا المجلس والتعامل من دون حيادية الذي يميز هذه الادارة!!.

٭٭٭

كل هذا لم ترصده ولم تلتفت اليه يا دكتور وانما كل الذي رأيته انه يجب عليهم عدم المواجهة، وأي اخفاق هم يتحملونه، كما الوزراء، وأنت تعلم كيف يتم اختيار الوزراء وكل التشكيلات الوزارية التي جاءت لا ترقى الى طموحات اهل الكويت، فلا تأتوا بهكذا وزراء ثم تطالبون نواب الأمة بان يتعاونوا معهم وهم غير مؤهلين أصلاً للإنجاز!.

أما عن سؤالك المطروح حول تقصير النواب وقولك: «لماذا لا يذهب من يريد استجواب رئيس الوزراء الى مكتبه ويساله عن مسببات الاخفاق»، فدعني أقل لك ان رئيس الوزراء هذا بالذات اخذ من النصائح ما يكفي، وان هذا الرئيس (المحظوظ) وهو الذي مهدت له الأرضية بشكل غير مسبوق فقد كان المجلس المبطل الأول الأغلبية معه، وفي المجلس المبطل الثاني كانت الأغلبية كلها معه، وفي المجلس الحالي الأغلبية كلها معه، ومع كل هذا لم ينجز شيئاً غير تشكيل 7 حكومات!! وذلك في ظل وفرة مادية غير مسبوقة وقلة عدد سكان، ومع هذا لم ينجز شيئاً.. سوى اعادة تشكيل حكوماته!!.

هل هدر الوقت لا يعني لك شيئاً؟ وهل تردي الخدمات لا يعني لك شيئاً؟!.

٭٭٭

فهل تعتبر اليوم ان خروج 5 نواب يتيح لرئيس الوزراء الفرصة للانجاز؟! فأي مجلس من دون «معارضة» يمكنه الانجاز؟! هل هذا يعقل في هذا الزمن؟! هل تريده «مجلس صوري» او مجلس «وطني»؟ أهذا هو الطموح وهذه هي الفرصة للانجاز؟!.

وتكتب هكذا معتبراً ان خروج 5 نواب مستقيلين عادياً ولا تعني شخوصهم لك شيئاً وترى انها «فرصة الآن للعناصر الشابة الواعدة للنزول» بدلاً من هؤلاء؟.

٭٭٭

هل استقالة النائب السابق رئيس مجلس الأمة (علي الراشد) لا تعني شيئاً لك وهو ابن النظام ومهندس انتخابات «الصوت الواحد» التي حمت البلاد من كارثة، وهو من وقف مدافعاً عندما كادت ان تضيع،.. هل استقالته لا تعني شيئاً لك؟!.

هل تعكس مقالتك هذه النصائح التي تقدمها للقيادة السياسية؟ هل هي تعني كما يقال بالمثل العامي (بداله غيره)؟!

٭٭٭

كيف أمكنك ان تقيم شباباً مثل هؤلاء المستقيلين؟ د.عبدالكريم الكندري الاستاذ في القانون بجامعة الكويت، والطبيب د.حسين القويعان، وصفاء الهاشم المرأة الوحيدة التي تمثل نساء الكويت في المجلس، والتي تعتبر استقالتها خسارة للبسطاء الذين يريدون ان يوصلوا صوتهم الى هذا المجلس والتي عملت أنت معها شخصياً وتعرف قدراتها المالية، كل هؤلاء لا ترى مانعاً من خسارتهم وليحل مكانهم آخرون هكذا؟! بدلاً من ان تنصح بالأخذ بسياسة «الاحتواء».

٭٭٭

هل الشاب رياض العدساني لا يرقى الى مستوى اعتباره كفاءة وطنية واعدة في اعتقادك؟!.

بصراحة الشق عود يا دكتور، ويصل الى ذروته عندما نقرأ نهاية مقالك تشيد بمرزوق الغانم، فبينما تشهد الساحة السياسية كلها اخفاقاته يوماً بعد يوم، وجره للمجلس جراً الى خوض حروبه الشخصية، كما جر الكويت في وقت سابق الى حروبه الرياضية.. نجدك انت تشيد به وبنجاحه!!.

تدري.. تحسرت وأنا اختم مقالي وأنا تلح عليَّ مقولة للمهاتما غاندي تقول: «كثيرون حول السلطة وقليلون حول الوطن»!!.

.. والعبرة لمن يتعظ!!.

منى العياف

alayyaf63@yahoo.com

twitter@munaalayyaf

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.