هذا الخـطـر.. مسؤولية من؟!
قرأت دراسة أميركية تشير إلى أن وكالة حماية البيئة الأميركية قامت بفحص 593 مردماً للنفايات في مناطق مختلفة في أميركا، فتبين وجود ارتفاع كبير في نسب الإصابة بسرطان المثانة والرئة والمعدة والأمعاء، لاسيما في المناطق القريبة من تلك المرادم.
هذه الدراسة فتحت لدي شهية التساؤلات، على اعتبار أن الكويت يحيط بها 16 مردماً من النفايات، ومعظم مواقع تلك النفايات موجودة في قلب المدن السكنية، ومنها ما لا يبتعد عن المنازل سوى 100 متر، والمعضلة تكمن في بقاء تلك المرادم من غير معالجة، الأمر الذي يدعو للقلق ويثير مخاوف ظهور خطر صحي بانتشار الأوبئة، وتمتد لخطر الأمراض السرطانية، كما وضحت العديد من الدراسات العالمية.
أعود للتساؤلات التي طرحتها على خبير بيئي من خلال اتصال هاتفي، تطرقنا لتلك القضية وتداعياتها، وسألته: من المسؤول عن استمرار مرادم النفايات من دون معالجة؟! وما أضرارها على الدولة؟! ومن هم أكثر عرضة للإصابة بخطر تلك النفايات؟!
أكد الخبير البيئي.. أن مسؤولية استمرار المشكلة من دون معالجة تقع على عاتق بلدية الكويت، وهناك مرادم مغلقة عددها يفوق المرادم العاملة، وعندما قام المجلس البلدي بتخصيص بعض الأراضي للمشاريع التنموية والإسكانية، فوجئ بأنها تتعارض مع مرادم نفايات مغلقة، وهو ما حدث مع مشروع توسعة المطار الذي تعطل بسبب وجود مردم جليب الشيوخ، وأضرار تلك النفايات تكمن في استنزاف القيمة المالية للأراضي، وهي قيمة عالية مقارنة بالدول الأخرى، كما أن الكويت تتكبد خسائر تصل إلى 255 مليون دولار سنوياً في إدارة النفايات الصلبة، ومعالجتها ليست آمنة، هذا وفق ما ذكر في تقرير البنك الدولي، خاصة أن الكويت تنتج 3000 طن يومياً من النفايات المختلفة، وتحتاج إلى مساحات شاسعة من الأراضي لردمها.
وإن الأكثر عرضة لخطر تلك النفايات وفق دراسة جرت عام 1998 من قبل علماء في مدرسة لندن للصحة والطب، أن هناك 33 بالمئة زيادة في خطر الولادة ناقصة النمو للأطفال المولودين من أمهات يعشن ضمن مسافة 3 كم بعيداً عن مرادم النفايات، ودراسة أخرى قام بها القسم الصحي التابع لمدينة نيويورك عام 1998 على مرادم النفايات، أكدت أن النساء اللواتي يعشن قرب النفايات هن أكثر عرضة للإصـابة بسرطان المثـانة وسرطـان الدم (اللوكيميا) بنسب تزيد على أربع مرات عن الأشخاص العاديين.
إن طرحي لتلك الدراسات ليس بدواعي تخويف وترهيب الناس أو لمجرد الاستعراض، بقدر ما هو تحذير للمسؤولين بخطورة القضية وانعكاساتها على المستوى الصحي، وخاصة أن أكبر 6 مواقع من حيث المساحة في مناطق «الصليبية، الجهراء، الدائري السابع، ميناء عبدالله، كبد، القرين»، وجميع تلك المرادم تعد في قلب المناطق السكنية، الأمر الذي ينذر بخطر انبعاث الغازات السامة، كغاز الميثان الذي يجلب الأمراض الخطرة المختلفة، وفي اطلاعي المتواضع عن مرادم النفايات وجدت أن معظم المرادم في دول العالم أماكنها على الحدود، وفي الكويت أماكنها وسط الكويت، وهذا للأسف يدل على سوء التخطيط.
اتمنى من المسؤولين ، بعد نشر هذا المقال ، أن لا يتم تجاهل ما يحمل من مخاطر مدعمة بدراسات توضيحية حول انعكاسات المشكلة ، ومن واجبنا الصحفي كشف القضايا المستحقة للمسؤولين ، لعل وعسى أن تتحرك الحكومة لمعالجة هذه القضية الحساسة والتي باتت هاجساً مرعباً لطالما تلك المرادم وجودها مستمراً في قلب الكويت.
حسن الهداد
جريدة الكويتية