الفارسة «صفاء».. التي ترجلت ستبقى في المقدمة!!
صفاء الهاشم..
ليست مجرد اسم.. أو أمرأة كويتية.. أو سيدة اقتصادية في عالم المال والأعمال.. أو سيدة مجتمع.. أو نائبة في مجلس الأمة، بل هي كل هؤلاء.. وفوق هذا وقبله وبعده هي امرأة استثنائية.. عملت بالسياسة.. وفي سنة أولى سياسة لها.. حققت الكثير.. حضرت بتجربة رائعة محت آثار تجارب نساء اخريات كانت دون المستوى.. (أعلم أنهن كن تحت ضغوط الأضواء.. وما شابه) ثم انها تفوقت على تجارب نواب مخضرمين في المجلس.. يحملون أسوأ النماذج في الأداء البرلماني!!.
هي فارسة البرلمان.. وقد استحقت هذا اللقب خلال سنة أولى برلمان.. أطلقه عليها الناس الذين يتابعونها ويشاهدونها في الشارع.. او الذين يتحدثون عن أدائها في الدواوين.. استطاعت ان تعلو بأدائها على أداء عشرات النواب الآخرين.. وقدمت نموذجاً للنائب الذي نريده ونحلم به ان يكون، والذي يقسم بالله العظيم ويحترم قسمه.. ويؤدي مهامه بكل الأمانة والصدق.
٭٭٭
لو استعرضنا مسيرتها في البرلمان سنجد أن مواقفها تدل عليها.. ففي التشريع هي لا تألو جهداً في تقديم مشاريع قوانين ومقترحات والعمل بها وقد قدمت عصارة خبراتها فكرها وجهدها لإصدار كثير من القوانين وبالأخص القوانين الاقتصادية.
وكانت تناضل من أجل ان يكون للمواطن وللوطن النصيب الأكبر منها بحيث تنعكس عليه هذه القوانين بطريقة ايجابية، ونجحت في مقاومتها ونضالها على الرغم مما تعرضت له في هذا المجلس الديكتاتوري من اقصاء لها في كل شيء، وفي لغة الاسفاف المباشرة للأسف من زملاء لها، وكلنا شهدنا ذلك.. فلولا المحاولات الحثيثة التي قام بها أحد زملائها لما نجحت في دخول اللجنة المالية، التي حصلت على عضويتها (وكانت صوتاً واحداً داخل اللجنة مقابل 6 أصوات معارضة رافضة)، ولم تأل جهداً في الدخول في باقي اللجان كمستمعة، لتواكب وتعرف مواطن الخلل في مؤسسات الدولة.. وكانت تفعل المستحيل خلال عضويتها من أجل تحقيق كل ما هو في صالح الوطن والمواطنين.
٭٭٭
كانت أول من يحضر الجلسات، وكانت تتابع باهتمام.. وكانت بالفعل تشبه «خلية نحل» من فرد واحد فقط.. ومن النادر ان نرى نائباً يقوم بمثل ما قامت به!!.
وظلت حتى قدمت استقالتها، مشاركة بفعالية، تقدم اقتراحات بقوانين، ويتم تجاهلها ويتم العبث بها ومع هذا فقد كانت مصرة وفاعلة ومناضلة.
أما من جانب الرقابة فأنا أعلم ان الصف الأول في قاعة عبدالله السالم من وزراء الحكومة كانوا يعلمون من هي صفاء الهاشم ويحسبون لها ألف حساب، مجرد ان ترسل أسئلة مباشرة لهم يعلمون تلقائياً أنهم ليسوا بعيداً عن المساءلة، فقد قامت باستجواب رئيس الوزراء، وكان من الاستجوابات النادرة جداً، فقد رأينا مرافعة امتازت بالسلاسة والجدية والرقابة والصرامة، وتفوقت على نفسها وكل ما نطقت به كان يمثل أهل الكويت..ولولا تخاذل نواب المجلس لظهرت وبرزت ورقة عدم التعاون في منتصف مرافعتها لا نجد ما نقوله الا ان التاريخ سيكون خير من يشهد لها !.
٭٭٭
أما استجوابها لوزيرة التخطيط والتنمية فكان نموذجاً لممارسة المحاسبة والمراقبة التي تعكس امكانيات مذهلة في شخص النائب صفاء، لا تتوافر عند أحد من زملائها، فهي صاحبة ذلك «الكعب العالي» في مضمار «الرقابة»، فهي إذا حددت «الهدف» تأتي بسهامها من كل صوب حتى تسقطه، وقد شهدنا ان هذه الاستجوابات كانت في يوم واحد والى ساعات متأخرة من الفجر أنهكت الجميع، الا «صفاء»، ظلت شامخة قوية متماسكة الى ان حققت هدفها وكان لها ما أقدمت عليه باستقالة الوزير!.
إنها نموذج نادر في الرقابة والتشريع، وهي لا تكل ولا تمل في متابعة قضايا الناس وتقديم الاسئلة البرلمانية ومتابعتها.
هذه النائبة بكل ما حققته من قناعات عند معارضيها قبل مؤيديها تجعلنا نقول عنها باطمئنان إنها حققت ما لم يحققه نائب مخضرم لوطنه على مدار تجربته خلال أشهر قليلة.
٭٭٭
صفاء الهاشم اليوم هي بالفعل (الرقم الصعب) فلو كانت الانتخابات تجرى وفقاً لنظام الدائرة الواحدة لكانت من العشرة الأوائل، وأنا أعلم ما أقول!.
صفاء الهاشم اليوم هي نجمة حقيقية، واستقالتها من المجلس تعتبر احدى ادوات القوة والثقة والاصرار لدى النائب الذي يحترم الدستور.. استقالتها كان مضمونها رفضاً قاطعاً لأن تكون «شاهد زور» على ممارسات تهدر الدستور وتفرغه من مضمونه وتعتدي على صلاحيات النائب..وتتيح سرقة المال العام باسم القانون، وكان لسان حال هذه الاستقالة يقول: لن انتهك الدستور بسبب كرسي وحصانة برلمانية ووجاهة.. لن اكون من كتلة «إلا الرئيسين».. ولن اقبل هذه الرئاسة غير الحيادية.. التي اعطتنا نموذجاً سيئاً للرئاسة، كان ذلك عندما اختصمت رئيس المجلس وأنزلته من على كرسي الرئاسة ليدافع عن نفسه بعد ان انهكته وأكدت تناقضاته واقواله المرتبكة سواء داخل اللجنة التشريعية أو في قاعة عبدالله السالم، بدا في حالة يرثى لها من الجميع، وبعد هذا كله، وبعد ان كشفت كل ما حدث للجميع بعثت برسالة اخيرة أكدت فيها أنها هي صاحبة الكلمة.. وقالت: «تنازلت عن حقي لأنني أتيت لكي أراقب الحكومة وأشرع للدولة لا ان أتخاصم مع زميل لي».
٭٭٭
صفاء هي حالة فريدة نادرة تجاوزت سمعتها الكويت الى الخليج والعالم العربي.. والحقيقة ان مشاعري تجاهها واضحة تماماً، فانا أعلم ان استقالتها خسارة للوطن، لكن في نفس الوقت أنا لم أتفاجأ على استقالتها، ولم أحزن على استقالتها من مجلس كهذا، وأنا على يقين ان الشعب الكويتي لن يخسرها فهي صوت البسطاء وللمرأة (وكسير الجناح) وستكون دائماً معهم.. فصفاء لن تتخلى عن دورها وانما ستكون دائماً موجودة وسط الحدث ولا أتصور أن تتخلى عن مسؤولياتها.
٭٭٭
صفاء اليوم التي «رفست» الكرسي الأخضر الذي يتعارك عليه أشباه الرجال.. هي اليوم لا يعنيها شيء ولن تتخلى عن مسؤولياتها سواء بحصانة او من غير حصانة صفاء اليوم تعني كتيبة من الإخلاص والتفاني وحب الوطن والقوة والحق.
أنا لا أرثي الاستقالة.. والخروج من المجلس.. أبداً.. فأنا اكتفي من صفاء بأن يكون أحد عناصر قوتها التي تملكها، هو انها لم ترتجف ولم تخف على «كرسي» وبينما يعج التاريخ ويمتلئ بالجبناء، وممن يخافون فقدان هذا الكرسي.. فانه يفتقر الى القلائل من أمثال «صفاء»!!.. وهنا استذكر أيضاً النائبة الدكتورة معصومة المبارك التي قدمت نموذجاً مشرفاً أيضاً وقت ان كانت تتحمل مسؤولية وزارة الصحة، حيث احترمت القسم ولم تحنث به!!.
٭٭٭
اليوم.. صفاء حققت انتصاراً آخر يضاف الى انتصاراتها السابقة وكما يقول المثل بالعامي: (كسرت عيون الكثيرين)، وانتصرت للمرأة وأكدت ان المرأة هي جناح أساسي في الرقابة والتشريع.
أخيراً.. أسمع هناك من يردد مقولة تقول انها (استراحة محارب).. أما أنا فأقول صفاء ستظل في الصفوف الأمامية في أي معركة، والأيام حبلى.
.. والعبرة لمن يتعظ !!.
منى العياف
alayyaf63@yahoo.com
twitter@munaalayyaf