استبيان “اللي ما يشتري يتفرج”
راكان بن حثلين: العمل التشريعي أضحوكة ومثار سخرية لدى البائع والمشتري والمتفرج.. «اللي ما يشتري يتفرج»
راكان بن حثلين: المناورات الأخيرة كشفت حجم السخط لدى الشارع من أداء السلطتين التشريعية والتنفيذية وعدم قدرة أعضاء السلطتين على مواجهة الشعب
راكان بن حثلين: حالة التخبط والتوهان في المؤسسة التشريعية أصبحت سمة المجلس الحالي
راكان بن حثلين: الكل يريد المساواة والعدالة في تحديد الرواتب والأجور والمكافآت سواء كانت نهاية خدمة الموظف البسيط او الوزير
راكان بن حثلين للنواب: لا نريدكم ان تكونوا «كومبارسات» ونسخا مقلدة للسياسيين وأعضاء البرلمانات في الدول التي تؤمن بالديموقراطية ومبادئها
ما ان يسدل الستار على فصل هزلي، حتى يبدأ فصل هزلي جديد، ولكن الجديد في آخر هذه الفصول، اقتباس مواقف شبيهة بما يقوم به بعض كبار المسؤولين في الدول الاوروبية، وتغيير المسرح، ونقل أحداثه الى «الأفنيوز»، ليصبح التجسيد لهذا الدور عملا مسخا لدرجة تبعث على الغثيان، والعمل التشريعي أضحوكة، ومثار سخرية لدى البائع والمشتري والمتفرج، او كما يقول الأخوة المصريون «اللي ما يشتري يتفرج».
قد يعتقد البعض ان مثل هذه التمثيلات قد تنجح في صرف أنظار بعض «الهواة» عما يجري على الساحة السياسية من أمور مصيرية، ترتبط بأمن البلد واستقراره ومقدراته، وجذب تركيزهم الى أمور هامشية، وفرقعات اعلامية تتبدل من حين، كتبدل الأزياء بحسب الموضة.
ولكن مثل هذه المناورات وان نجحت في صناعة «مانشيتات» انشغلت بها بعض الصحف، الا أنها كشفت حجم السخط لدى الشارع من أداء السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعدم قدرة أعضاء السلطتين على مواجهة الشعب الكويتي، نظرا لانعدام الانجازات الحقيقية التي ترضي تطلعات المواطنين، ووهن التبريرات لحالة التردي التي يشهدها البلد في مختلف المجالات.
فبمجرد الاعلان عن إقامة حدث الاستبيان مجمع «الأفنيوز» لاستطلاع آراء المواطنين بشأن توحيد نهاية الخدمة، هددت مجاميع شبابية وسياسية باظهار معارضتها على طريقتها تجلت حالة التخبط والتوهان في المؤسسة التشريعية، هذه الحالة أصبحت سمة المجلس الحالي، وفقدان الرؤية الواضحة في تحديد الاهداف، وخطى تحقيق هذه الاهداف، وتحول المؤسسة التشريعية وسيلة لتحقيق غايات خاصة لدى الكثير من أعضاء مجلس الأمة.
الاستبيان الاستعراضي الذي تم التدشين والحشد الاعلامي له، تحول من وسيلة لاستعراض المواهب والقدرات السياسية، الى مأزق محرج لمن ابتدعوا هذه البدعة، ومحل سخرية وتندر لدى الاوساط السياسية، بعد أن بدأ الهذيان وتضارب التصريحات والمواقف وتقاذف المسؤوليات بين النواب.
ولأول مرة وبهذا الشكل المكشوف نشهد تجسيد لعبة «القط والفأر» على أرض الواقع، من خلال الزيارات المباغتة التي قام بها بعض أعضاء مجلس الأمة لمجمع الافنيوز، واختيارهم الأوقات التي يكون أعداد الباعة ورجال الأمن اكبر بكثير من أعداد الرواد من المواطنين والمقيمين.
ويستمر الاستبيان، وتستمر حالة الهذيان، والنتائج معروفة مسبقا، أغلبية مطلقة من المواطنين «القلة» الذين تفاعلوا مع الاستبيان يجيبون بـ«نعم» عن السؤال المعروف جوابه بديهيا.
نعم الكل يريد المساواة والعدالة في تحديد الرواتب والأجور والمكافآت، سواء كانت نهاية خدمة الموظف البسيط، او الوزير او النائب أو المستشار على حد سواء، وان يكون التفاوت مبني على أسس الكفاءة العلمية والمهنية، لا على الولاءات والانتماءات والمحسوبيات.
ولكن لماذا الاستبيان في امر متفق عليه ؟ وهل اصبحت المؤسسة التشريعية في حال من الضعف بحيث تستنجد بالشارع لشرعنة واسناد اي قرار تتخذه في هذا الجانب ؟ اذا كان الشارع يمكن يمرر – وبطنه تكاد تنفجر من الضحك – لمجلس الأمة اختيار المكان الخطأ وطرح الاستبيان في مجمع تجاري، بدلا من توجيه هذا الاستبيان الى النخبة واصحاب الاختصاص والدراية، او حتى في الدواوين التي كانت ولا تزال تمثل مرجعية للكثير من السياسيين، الا أنه لا يمكن أن يقبل استغفاله باستبيانات هزيلة لا تعبر عن أولويات المواطنين.
اذا كان أعضاء مجلس الأمة جادين في استبيان أراء المواطنين، فليكن الاستبيان في قضايا فعلا تشغل وتشعل الشارع، وفي قضايا مثل مدى تأييدهم لزيادة الرواتب، أو حل المجلس الحالي، أو اقالة الحكومة، أو تعديل الدستور أو الحكومة المنتخبة، وكل هذه القضايا التي تشغل وتشعل الشارع بشكل فعلي، ولنرى حينها ان كان مجلس السوابق الحميد سيلتزم بما ينتهي اليه رأي الشارع.
لا نريدكم ان تكونوا «كومبارسات» ونسخا مقلدة للسياسيين وأعضاء البرلمانات في الدول التي تؤمن بالديموقراطية ومبادئها، ويبدؤون بتطبيقها على أنفسهم، بل نريدكم فقط ان تكونوا صادقين وانتم تخاطبون الشارع، وأذكياء في قراءة مطالبه وتوجهاته، وقدوة للآخرين في تطبيق القوانين على الجميع بدءا بأنفسكم، لا متذاكين متحايلين يستغبون الشارع ويحاولون استغفاله.