العماري: الغناء الشعبي الكويتي فن متميز مرتبط ببيئة الكويت والخليج
أكد فنان الغناء الشعبي سلمان العماري تميز الفن الشعبي الكويتي واستحالة اندثاره كونه ينبع من البيئة المحلية والخليجية الحاضنة له التي انطلق منها ويرتبط بها ارتباطا وثيقا.
وقال العماري اليوم ان الغناء الشعبي الكويتي فن تعبيري مرتبط بالاحساس الداخلي للانسان الخليجي وهو ابن بيئته لذلك من الصعب اندثاره لعلاقته الوطيدة بهذه الارض مضيفا انه أخذ يتطور ويحافظ على طبيعته دون ادخال أي من الآلات الموسيقية الحديثة.
وأضاف ان ما يميز الفن الكويتيي الشعبي هو فن الصوت الذي يطلق على الأغنية المحترفة التي ظهرت في ثلاثينات القرن الماضي والذي يقدم بمرافقة آلة العود والطبل الصغير المعروف قديما ب(المرواس) والتصفيق موضحا أن كلمات الأغنية تكون باللهجة الشعبية لكن لا بد من وجود بيتين من اللغة العربية الفصيحة في اخر الأغنية يؤديان على شكل موال.
وذكر أن أداتي الصك والعود تستخدمان على نطاق واسع في الكويت في حين يستخدم أهل البادية أداة الربابة مبينا ان هذا النوع من الفن طوره ونشره في الكويت الفنان والشاعر عبدالله الفرج أما من حيث تسمية هذا الفن بالصوت فهي تسمية قديمة حيث كان العرب يعرفون نوعا من الموسيقى والغناء يسمى الصوت أيام العباسيين.
وبين العماري أن فن الصوت الخليجي انتشر عبر الاسطوانات الغنائية التي كانت تدار على آلة ال(غراموفون) أو ما يعرف ب (البشتختة) إذ كان يتجمع الناس قديما في المقاهي الشعبية ويروحون عن أنفسهم بالاستماع الى ذلك الفن الجميل الذي يميزه اللحن والايقاع.
ولفت الى ما ميز فن الصوت وأدى الى انتشاره وتأثر الناس به أيضا تلك الالحان العربية القريبة من بيئتهم البحرية لذلك تعلق به محبو الغناء والموسيقى به ميفا ان من رواد مدرسة الاصوات محمد فارس وضاحي بن وليد ومحمد زويد.
واشار الى أن انواع الاصوات تصنف الى شامي وعربي وخيالي وتختلف عن بعضها بعضا بأوزان الايقاعات مبينا ان أدواتها الموسيقية هي العود والمرواس والكمنجة والقانون وان فن الغناء البحري الكويتي لعب دورا جوهريا في نشأة الفن الخليجي والاغنية الخليجية.
وقال العماري ان ما ساعد على انتشار ذلك الفنون البحرية التي تعتبر أساس الفنون الشعبية انها تتناول معاناة الأشخاص الذين عاشوا قساوة ركوب البحر آنذاك وذكرياتها الجميلة والحزينة مضيفا أن الفن الشعبي يحمل احساسا صادقا لا يستطيع أي فنان القيام بغنائه.
وبين ان الفنون البحرية تقسم الى فنون عملية مثل (اليامال و الدواري وخطفة بصدره و رأس طبل و لمةالجيب والشرت) وفنون ترفيهية مثل (فن حدادي وحساوي وعدساني و مخالف وحجاز و مسروق) ومن أدواتها (الطارة و الطبل البحري و الطويسات والهاون والمرواس).
وأضاف ان بحارة الخليج العربي أطلقوا على المغني الذي يؤدي أغاني البحر والذي يصاحب البحارة في اغانيه اسم (النهام) كما اطلقوا اسم النهمة على كل اشكال اغاني البحر مبينا ان النهم نوع من الدعاء يعبر به البحار عن حالته النفسية متوجها الى الله تعالى للتخفيف من متاعب وآلام المهنة.
وذكر ان (النهمة) ترتبط اساسا بالعمل في السفينة ولها قواعد ثابتة خاصة بالاداء ميفا ان لكل أغنية شكلا يتناسب مع العمل الذي تؤدى خلاله “فالعمل المؤدى أثناء رفع الاشرعة وانزالها له ضوابط غنائية محددة لرفع الشراع او خطف الشراع كما يسميه البحارة ويطلق على هذا الاداء الخطفة”.
وتناول العماري أنواعا كثيرة تؤدى على سطح السفينة أخذت مسمياتها الغنائية من الاعمال البسيطة الاخرى على سطح السفينة والتي يتم انجازها بسرعة فيستخدم البحارة اثناء تأديتها غناء (اليامال).
وعن أنواع الشعر الغنائي عند البحارة أوضح انها تنحصر في شكلين اساسيين هما (الزهيري) و(المويلي) مضيفا ان البحارة استنبطوا أنواعا كثيرة من الشعر الزهيري واستخدموها في اغانيهم لذا ظهرت أنواع كثيرة من الشعر الزهيري منها السباعي والسداسي والخماسي وأهمها السباعي.
وقال ان غناء (المويلي) يمتاز بأنه يبدأ بالدعاء والشكر لله تعالى و يستهل عادة بالصلاة والسلام على الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام مبينا ان العادة جرت اثناء غناء (المويلي) ان يقوم بغنائه عدة نهامين يبدأ غناؤهم بالدعاء والشكر ويجاوبهم بقية البحارة بترديد النحبة لتساعدهم على سهولة العمل والتخفيف من عنائه خصوصا اثناء رفع الشراع الذي يتطلب مجهودا شاقا وذلك لثقله وكبر حجمه.
وذكر العماري ان بعض اغاني البحر يمتاز بالغناء الجماعي ويطلق عليها (الشيلة) وهي عادة تتألف من بيتين او ثلاثة ابيات شعرية لها لازمة ثابتة وتغنى عادة اثناء العمل.
وتطرق الى فن (العرضة) الذي يعتبر احد الفنون الاصيلة في التراث وينقسم إلى البرية والبحرية وهذان الاسمان أطلقا من واقع المكان “فالبرية تؤدى على اليابسة والعرضة البحرية تؤدى على ظهر السفينة”.
وبين ان العرضة البرية تؤدى في التاريخ القديم أثناء الحروب والاستعدادات لها أما في التاريخ الحديث وحتى اليوم فأداؤها يظهر واضحا في الأعياد والمناسبات الوطنية مضيفا ان أداء العرضة البحرية كان ينحصر على ظهر السفينة عندما تشارف على الوصول الى أحد الموانئ فقط تعبيرا عن الابتهاج بسلامة الوصول.
وعن (المالد) أفاد بأنه فن شعبي غنائي يؤدى في المناسبات الدينية كالمولد النبوي الشريف وليلة الإسراء والمعراج وتقدمه سيدة متدينة مختصة أو رجل مختص ينشد نصوصا من السيرة النبوية الشريفة والمدائح ويرد عليه الحاضرون منشدين “حي الله” فيما ينحنون إلى الأمام مع كلمة “حي” ويعتدلون مع ترديد “الله” وتؤدى هذه الأناشيد دون أدوات موسيقية وتكون عادة باللغة العربية الفصحى.
ورأى الفنان العماري ان الفرق الشعبية قل أداؤها كثيرا في الاونة الاخيرة بسبب قلة الاهتمام بها معربا عن الامل بوجود مدرسة لاحياء الفن الشعبي للمحافظة عليه واحياء الموروث الغنائي وإيصاله للناشئة سواء كان فن الصوت او اللون البحري اوالخماري اوالسامري او مختلف صنوف الغناء الشعبي والتراثيات القديمة يعد واجبا ورسالة وطنية حتى يتعرفوا على تراث آبائهم وأجدادهم.
وأشار الى أن انتشار الاغنية الحديثة أثر كثيرا على الفنون الشعبية الا ان هناك صحوة حديثة من شريحة واسعة من الشباب عادت بقوة الى تلك الفنون الاصيلة.