احنا وين والضريبة وين؟!
وزير المالية السيد انس الصالح على قولة المصريين يبيع المية في حارة السقايين، او يتفرعن على هامان. فهو يتكرم ويبشر بشدة بان الحكومة ليست لديها اي نية لفرض ضرائب على دخول الافراد. وطبعا لو كان التصريح بهدف الاعلام المجرد لبلعناه. لكن السيد الصالح والحكومة يعلنان هذه «النية الطيبة» بهدف التمنن على الناس والتطمين الزائف بان الحكومة ستراعي اوضاع الافراد، ولن تفرض الضرائب عليهم كما يشيع «المغرضون» بالطبع.
يا سيدي لا انت ولا اكبر راس في حكومتك قادر على فرض الضرائب. ليس لانكم لا تقدرون.. فانتم حكومة بيدكم كل شيء. ولكن لان فرض الضرائب لن يجدي ولن يفيد ولن يقدم او يؤخر في دولة الكويت. وهذا ما نطالبك بايضاحه. لو نفيت نية فرض الضرائب باعتبارها ليست حلا عمليا، لقدرنا فيك الصراحة والمسؤولية. لكن محاولة التكسب والتمنن على المواطنين بتصوير امر فرض الضرائب خيارا ممكنا ولكن ترفضه الحكومة رأفة بالمواطنين، فهذه عملية تسويق رخيصة للحكومة ولسياساتها الخرقاء.
لن يجدي، ليس فرض الضريبة على الافراد، بل حتى فرض الضريبة على الشركات، لن تقدم او تؤخر هي الاخرى في الحالة المالية للدولة. لان الامر ببساطة ان الجميع، افرادا وشركات، مثل ما رددناها مرارا وتكرارا يتعيشون على الانفاق الحكومي. يعني بالعربي الحكومة او الدولة لازم تعطيهم اولا عشان تاخذ منهم.. لهذا فان الاولى الا تعطيهم وتفكنا وتفك روحها.
فرض الضرائب يتطلب انشاء جهاز ضريبي. وخلق وظائف سيقوم بها في الغالب محاسبون عرب. لانه ليس لدينا محاسبون كويتيون، والموجود من الكويتيين بالطبع لن يشتغل لانه كويتي. وتحصيل الضرائب في مجتمع مثل الكويت تتقارب مثل ما تتباعد فيها علاقات القرابة، فان التهرب من الضريبة سيكون سهلا ومكلفا على الدولة التي ستنشئ جهازا لن يحصّل حتى تكلفة موظفيه. لان الاغلبية ستتفنن في التهرب من دفع الضريبة، والاخرون سيتوسطون وسيتعاونون لالغائها. وفي ظل تسيب وفساد الجهاز الاداري الحالي للدولة فان انشاء جهاز ضريبي وطني هو جزء من المحال.. يعني في النهاية ستطلع الحكومة من المولد بلا حمص.
وزير المالية كان المفروض فيه ان يوضح هذه الحقائق او الحقيقة. وهي ان لا احدا في الكويت «ينتج»، وبالتالي فان تحصيل ضريبة حقيقية من المواطنين او الشركات امر مستحيل قبل ان يكون صعبا.. بدلا من استغلال هذا الحقيقة وتطويعها لزهلقة السياسات الحكومية والتمنن على الناس.
عبداللطيف الدعيج
(القبس)