مقالات

التعليم مهنة ليست للجميع

ماذا تعتقدون الذنب العظيم الذي قام به ولد الصف الخامس لكي يعاقب بترك مكانه والجلوس مهملا في آخر الصف، لا شيء غير تهنئة زميل له جاء المدرسة حالقا شعر رأسه قائلا له: نعيما.كان يمكن للمدرسة الفاضلة ان تغتنم تلك الفرصة، وتغرس في نفوس باقي تلاميذ الفصل فضل اهداء التبريكات بين الناس، وفضل التحلّي على الآخرين، فتزرع الحب في قلوبهم، وتقوي الصلات بينهم، فالتعليم ليس تلقين مناهج فقط، فهناك تربية، وهناك تدريب على قيم المجتمع وعاداته وتقاليده الطيبة، وهناك هدف سامي هو بناء علاقات ايجابية بين المدرس وتلاميذه، وبين التلاميذ وبعضهم البعض، ثم ما المشكلة في الخروج لمدة ثواني من جو الدرس، والطلب من الجميع قول كلمة نعيما لزميلهم هذا صاحب (قصة) الشعر الجديدة.أبناؤنا الصغار بحاجة ماسة الى احترام كينونتهم، وتنمية شخصياتهم، واكسابهم المفاهيم الايجابية التي تقودهم الى عيش حياة سليمة وصحية في المستقبل، وها هم بعض الشباب فقدوا حياتهم بسبب نظرة أو خزة أو مشاجرة سخيفة، فهل كانت تلك الجرائم ستقع لو أحسنا تربية من قتلهم وهم لما يزالون في ريعان الشباب.مدرسات وزارة التربية، بعضهن بالطبع وليس كلهن، نجحن نجاحا باهرا في تحطيم نفسية تلاميذهن الصغار، اما بسبب الجهل أو بسبب قلة الخبرة، أو بسبب نقص الكفاءة، فما أحوجهن الى دورات تدريبية حقيقية، يكتسبن منها ما ينقصهن من ثقافة تعليمية، ومعلومات تربوية ترفع من مستوى أدائهن، وتزيد من قدرتهن على التعامل مع الفئة العمرية التي يقمن بتدريسها.أنظر، مثلا، الى تلك المدرسة التي ترفض رفضا باتا خروج الصغار لدورة المياه، ظنًا منها بأنهم يكذبون عليها، بدون ان تحسب حسابا لما قد ينجم عن ذلك من تحطيم لصورة وشخصية الصغير اذا ما وجد نفسه يعملها على نفسه أمام زملائه، فأي أثر سيئ تركته تلك النوعية من المدرسات على هذا التلميذ، ثم حتى لو كان التلميذ يخرج من الحصة تحايلا للهروب منها، ألا يدل ذلك على فشل المدرسة في جذب التلاميذ اليها والى درسها.هذا التسلّط من بعض المدرسات قد يذهب الى أبعد من ذلك، كما حدث في احدى مدارس منطقة العاصمة التعليمية.تلميذة في الصف التاسع في احدى مدارس منطقة العاصمة التعليمية، أصيبت بالتهاب رئوي حاد أدخلت على أثره المستشفى لمدة أسبوعين، وبعد شفائها وعودتها للمدرسة، رفضت رئيسة قسم احدى المواد اعادة الاختبار لها، على الرغم من تقديمها تقريرا طبيا من المستشفى الذي كانت تعالج فيه، وتركتها ترسب في المادة، فبماذا نصف ذلك غير أنه تصرف ديكتاتوري تسلّطي لا مبرر له.أنا، لو كنت في مكان رئيسة القسم هذه لذهبت للطالبة في فصلها، ولتحمدّت لها بالسلامة، ولسألتها ان كانت تحتاج مساعدة في الدروس التي فاتتها، فليس ذنبها أنها مرضت، وبدلا من ان أمنحها صفرا في المادة، أعطيها درسا عمليا في التعاون والتعاطف والتكافل الاجتماعي، ومؤكد أنه سيكون أنفع لها بكثير من دروس ستنساها فور أدائها الامتحان النهائي، ولكن ما العمل والكثير من معلمات هذه الأيام (مالهم خلق).

عزيزة المفرج

almufarej@alwatan.com.kw

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.