مقالات

ذكريات «سعد».. بطولات وتساؤلات!!

أهلت علينا بالأمس ذكرى رحيل سمو الأمير الوالد حبيب الشعب، الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، رحل عنا قبل 6 سنوات.. ولايزال تاريخ الثالث عشر من مايو عالقاً في الأذهان وسيبقى كذلك بحجم الفقدان الذي يشعرون به منذ ذلك الحين.

أحببناه.. فهذا الرجل تتذكره الكويت في السلم والحرب.. كم كان مقداماً لا يخشى لومة لائم ولا يعرف لليأس طريقاً، وكان حبه للكويت يسكن في أعماقه، ولذلك كان يتوحد مع شعبه في أفراحه وأحزانه.

٭٭٭

بالأمس تجولت عبر مواقع التواصل الاجتماعي وطالعت تغريدات المغردين الذين يتذكرون هذا الرجل، ووجدت حبه ومواقفه معروفة ومحفوظة.. فقد برع المحبون في جلب ونشر مقاطع تلفزيونية له سواء كمداخلاته في مجلس الامة أو لقطات له خلال مواقف بطولية أثناء غزو الكويت، كان من أكثرها ما وقّع على نفسي هي كلمة الشيخ سعد التي ألقاها في يوم 1990/8/9، في الجلسة السرية للجامعة العربية التي طالبت مصر العزيزة بعقدها، لمنح الشرعية العربية للتحالف الدولي لتحرير الكويت، وتأكيد رفض المجتمع العربي لما حدث من غزو صدامي على أرض الكويت.

٭٭٭

أنصت لكلماته وأنا أعود بذهني الى تلك الأيام السوداء.. انصت له بقلبي وعقلي وهو يسرد المحطات التي كانت بمثابة نقاط خلاف مع نظام العراق، واسترجعت في نفسي كيف فند الشيخ سعد كل ادعاءات النظام الصدامي تجاه الكويت وكيف فعل ذلك وبثقة ممتزجة بمزيج القوة ووضوح الحجة، ما يكسبه احترام المتلقي لحديثه كان كالأسد، في امتلاكه الحجة بقوة ووضوح ووضعها أمام رؤساء الدول العربية لمواجهة العمل الاجرامي العراقي بحق كويتنا الغالية، كم كان سعد كبيراً ومسؤولاً وقائداً في وقت الحرب وكم كان أباً وحبيباً في وقت السلم، رحمه الله وطيب ثراه وأسكنه فسيح جناته.

٭٭٭

ما زلت أتذكر تلك الأيام وقد كان يجمع بين ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء، كان له حضور وهيبة ومع ان أحوال البلد لم تكن كما نتمنى ونحب، بحكم ان الملفات – أو التحديات – التي كانت أمامه صعبة ومعقدة: مثل ملف العراق ونظامه والذي ظل مفتوحاً، أيضاً ملف أسعار النفط المتدنية، بينما احتياجات اعادة الاعمار باهظة.. وملف صراعات البرلمان وتعاقب مجالس الأمة مجلساً تلو آخر كان مفتوحاً، ناهيكم بالعراقيل التي وضعت بطريقة العمد والمؤامرات والمماحكات السياسية التي حيكت ضده.. من هنا وهناك، ومع ذلك استطاع ان يقود الكويت الى بر الأمان.

٭٭٭

هذا دور تاريخي.. وماثل للأذهان حتى اليوم خاصة في ظل وجود رؤساء وزراء «أُستهلكوا» و«أستنزفوا» ما تبقى لنا من صبر وجلد وتحمل، وفي المقابل لا حضور فاعلاً لهم على الساحة.. لا رؤى.. لا طموح.. لا أفكار.. على الرغم من ان الظروف الحالية مختلفة كلياً.. فلا توجد معاناة من تدني الأسعار النفطية.. بل لدينا وفرة وفوائض مالية غير مسبوقة، ولدينا استقرار سياسي حققه مرسوم «الصوت الواحد»، وامتلكت الحكومة به أغلبية نيابية مريحة لها.. تجنبها كل شيء.. ولم يعد لها حجة.. بل ان الذي يعوزنا نحن هو التنفس، فالجميع هنا يشعر بالاختناق بسبب سياسة الحكومة المبهمة وغير منتجة والتي وحدت الجميع اليوم ضدها!!.

٭٭٭

لا أريد ان أخرج عن سيرة هذا الرجل الذي آلمنا فقده دائماً فسيّر الرجال العظام تذكرنا أننا قادرون دائماً على جعل حياتنا سامية، هذا ما ردده الفرنسيون بعد ثوراتهم الاصلاحية، لهذا لا ندري عندما نسترجع سيرة هذا الرجل الذي تفتقده الكويت صاحب مقولة «نموت نموت وتحيا الكويت»، هل ستشد ذكراه العطرة من عزمنا وتعطينا الأمل بالحاضر والمستقبل؟! هل ستجعلنا نثور على وضعنا الحالي، أم ان الذكرى ستفوت.. وستمر مرور الكرام.. ولا عزاء لأحوالنا!!.

٭٭٭

طرائف مجلس الأمة..

بالأمس وفي مطالب طريفة فوض المجلس رئيس المجلس (!!) بأن يجرى محاوله لثني النواب الخمس عن استقالاتهم؟! وكم أضحكني هذا الاجراء؟!.

إلى هذا الحد الصورة غير واضحة أمامكم؟ كيف تطلبون من «شخص» ان يقوم بمحاولة من اتهمهم بأن استقالاتهم جاءت ضمن «مؤامرة» لتقويض البلد واسقاط السلطات الثلاث، وان المستقيلين جزء من مخطط يقوده «عراب».. بأن يقوم هو نفسه بمحاولة ثني المستقيلين عن استقالاتهم؟ أهذا يعني أنه تراجع عن اتهامه لهم بالمؤامرة، أو عملية ترميم صورته أمام القيادة السياسية والشعب؟ ألا يعني قبول «الغانم» بهذه المهمة تراجعاً عن اتهامه للمستقيلين بأنهم متآمرون يقودهم «عراب مؤامرة»؟ أم أنه يعلم ان حديثه كان افتراء؟!.

٭٭٭

ثم كيف بالله عليكم.. تطلبون اليه ذلك، بينما الصحف التابعة لهذا الشخص (الرئيس) لا تزال تردد اتهاماته بالغمز واللمز لهذا التآمر.. وكيف يستقيم هذا كله مع ان هذه الصحف قامت بتحديد موعد لاجراء الانتخابات التكميلية؟! على من تضحكون؟ أليس هذا استخفافاً بعقول الكويتيين؟ من الذي سيصدقكم؟!.

ثمة نقطة أخرى مهمة.. وتتعلق بالنواب الساعين لتحويل مسلم البراك للنيابة بسبب أقواله عن وجود مؤامرة على البلد؟ فهل ستكون لديكم مسطرة واحدة وتقومون بنفس الاجراء مع رئيس مجلس الأمة، الذي قال أيضاً بوجود مؤامرة لهدم الدولة؟! وهل سيقدم رئيس الحكومة شكوى للنائب العام بسبب أقوال رئيس المجلس عند اتهامه بوجود مؤامرة ضد البلد لكي يقدم معلوماته، فلا يجوز ان يتهم بدون دلائل؟! ألا يجب على الحكومة ان تقوم بنفس الاجراء الذي قامت به في الشكوى المقدمة ضد «البراك» بان تقدم شكوى اخرى ضد رئيس المجلس، فالفعل واحد، هذا اذا كان بالفعل هناك دولة تحترم نفسها وتدافع عن البلد أمام الكبير قبل الصغير!!.

.. والعبرة لمن يتعظ!!.

منى العياف

alayyaf63@yahoo.com

twitter@munaalayyaf

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.