مقالات

تواضروس و«نحن»

حين سمعت كلماته عن الإمارات لم تفاجئني، فقامة كالبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية يعرف قيمة الأشخاص والدول ومقاماتهم وإنجازاتهم.. أما كلمات البابا عن الإمارات خلال زيارته القصيرة منذ أيام فقد كانت ذكية. لقد فهم جزءاً من سر نجاح وتميز الإمارات، وذلك عندما قال إنه لاحظ أن الجميع في الإمارات عندما يتكلمون يقولون «نحن» وليس «أنا».. لقد أثار هذا الأمر انتباه ضيف الإمارات عندما كان يلتقي الحُكام والشيوخ وكبار المسؤولين، وعندما التقى بعض المواطنين، فأبدى احترامه لهذا السلوك.

 في الإمارات تعلمنا أن نعمل بروح الشعب الواحد، تحت ظل قيادة واحدة، ومن أجل تحقيق هدف واحد، لذا فإننا نتكلم بصيغة الجمع، ونتحرك بروح الفريق، فيشترك الجميع في الفرح والاحتفال إذا حقق أحد أبناء أو بنات الإمارات إنجازاً أو تبوأ مكانة، ويحزن الجميع إذا أخفق شخص، أو فقدنا شخصاً، وإنْ لم نكن نعرف عنه إلا اسمه، أو إنجازه… إنه سلوك قيادة وشعب.

لذا شاركنا جميعاً في بناء هذه الدولة، ووقفنا جميعاً أمام التحديات التي واجهها الوطن، عندما خرج من بيننا أهل الضلال والفتنة، وحاولوا شق صف الوطن، فأعاد الجميع تشكيل هذا الصف سريعاً ليكون أقوى من ذي قبل لمواجهة فتنة العصر «الإخوان».. لقد كنا في الإمارات، وسنبقى شركاءً في التنمية والرخاء، كما كنا شركاء في مواجهة التحديات والمخاطر وشظف العيش.

شرور «الإخوان» لا تتوقف، ومحاولات الفتنة البائسة لا نهاية لها، والبحث عن الأخطاء، أو اختلاقها سلوك لا يتوقفون عن ممارسته.. فمنذ يومين أصدروا بياناً معيباً وقعوه بلا اسم، وأطلقوا على أنفسهم هذه المرة «طلاب العلم في الإمارات»، رغم أن الكل أصبح يعرف أنهم فعلياً طلاب سلطة وأتباع جهل وضلال، إلا أنهم يعتقدون أن الناس لم يكتشفوا ألاعيبهم القديمة، فكان بيانهم انتقاداً لزيارة البابا للإمارات، والأغرب من ذلك البيان، أنهم كانوا يحذرون فيه من «التنصير» في جزيرة العرب! فماذا بقي من الجهل والكذب لم يتكلموا عنه، ولم يمارسه هؤلاء المدعون؟ لقد شوهوا صورة المسلمين والإسلام طوال قرن، واليوم يأتون ليشككوا في عقول الناس ووعيهم، وكأن زيارة عابرة للبابا أو بناء كنسية ستجعل الناس يغيرون دينهم!

إذا كان طلاب السلطة ومروجو الجهل يريدون أن يعرفوا ما الذي يجعل بعض الناس يغيرون دينهم، فعليهم ألا يشكوا للحظة في أنهم «الإسلاميون». فهم أهم الأسباب لدفع بعض الناس إلى تغيير دينهم، وهم من دفع الكثير من الشباب ليس إلى التفكير في تغيير الدين، وإنما إلى الإلحاد.

نحن، كشعب الإمارات، سعداء بزيارة البابا تواضروس الثاني، وزيارة أي إنسان يحب السلام والخير للبشرية وللعالم، وينشر التسامح بغض النظر عن دينه أو عرقه أو لونه، كما أننا لا نكون سعداء بأي طائفي أو عنصري، أو أيديولوجي متطرف وإنْ كان من بني جلدتنا.

كل التقدير للبابا على زيارته التي أراد من خلالها أن يشكر الإمارات على دعمها لمصر، واهتمامها بالمقيمين المصريين، وقلنا له ونقول ،،لا شكر على واجب،، فهم بين أهلهم، وكل العرب في دار زايد هم في دارهم.

نحن كإماراتيين تعودنا أن نرحب بكل الناس على أرض هذا للوطن، أما من ضايقتهم زيارة البابا كما تضايقهم زيارة غيره، فهم ليسوا منا «نحن» إنهم ممن تضخمت عندهم «الأنا» حتى أصبحوا لا يطيقون حتى أنفسهم.

محمد الحمادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.