تضحية عظيمة لحماية الدستور
الاستقالات التي تقدم بها النواب الأفاضل العدساني والقويعان والكندري والراشد والهاشم كانت بالفعل تضحية عظيمة لحماية المبادئ التي يرفعها الجميع، ولكن لم نر قط منذ
50 عاما من يقدم على التضحية بكرسي يتقاتل الخلق لاعتلائه، وتبذل الأموال والمبادئ والقيم للوصول إليه، ويعزف على أوتار الطائفية والقبلية والفئوية بعنف بما فيها من فت في عضد الوحدة الوطنية من أجل اكتساب هيلمانه، بل إننا سمعنا وشاهدنا فرسان الكارتون عندما تباكوا ولطموا على الدستور وأقسموا بأنهم سيستقيلون من المجلس ولكنهم لم يجرؤوا على الأقدام على تقديم كتاب الاستقالة رسميا، ورغم أنهم انقطعوا عن الدوام بالمجلس لأنهم لم يتنازلوا عن امتيازه ورواتبه وهيلمانه؟
بالأمس، أعلن ثلاثة نواب شطب استجوابهم بمخالفة الدستور وبما يدمر هذه الأداة الرقابية الراقية، انهم سيستقيلون من مجلس أغلبيته لا تلتزم بمواد الدستور، فلاحقتهم أدوات قوى الفساد بالتشكيك بفي قدرتهم على الإقدام على هذه التضحية الجسيمة، ففوجئوا بموقف أمر وأنكى بأن أعلن النائبان علي الراشد وصفاء الهاشم اللذين طالهما ذات التشكيك وقيل لهما «إن الثلاثة شطب استجوابهم فلم تستقيلان أنتما؟» وفي حلقة نقاشية في تجمع المسار قال أحد الإخوة «لماذا نتبعهم نستمر ونقدم استجوابا لسمو الرئيس فإن شطب تقدموا باستقالتكم»، فجاء الرد المبدئي الواضح الشريف «نحن نتبع الحق بغض النظر عن شخص من يرشد عنه، ولن نقبل أن نكون شهود زور أو نقبل بنشوء عرف دستوري يعطي الحكومة الحق في مخالفة الدستور بحرمان نواب الشعب من أدواتهم الرقابية وبما يفرغ الدستور من محتواه».
والحقيقة أن النواب الخمسة قدموا درسا عمليا جزلا للكافة في الوطنية والفزعة والتضحية للدستور، لم نر لها مثيلا منذ 50 عاما، من خلال التضحية بعضوية جاهدوا وناضلوا في صيف قائظ وهم صائمون للفوز بها ولكنهم وجدوا أنفسهم سيساهمون بصورة أو بأخرى في إضفاء شرعية على إلغاء أداة نواب الشعب الفعالة في الرقابة على السلطة التنفيذية اعترضوا بالقول بكل قوة وشجاعة.. وعندما لم يجد القول اقدموا على التضحية بذلك الكرسي الأخضر الوثير وبكل امتيازاته المالية والمعنوية.. انها بالفعل تضحية عظيمة لا يقدم عليها الا من صدق الله والناس وبر بما اقسم عليه عندما قال: «أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا للوطن وللأمير، وأن أحترم الدستور وقوانين الدولة، وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق».
وأشهد بالله يا نوابنا الأفاضل أنكم نطقتم بلسان حال أغلبية الشعب الكويتي الساخط على أداء الحكومة وعلى أداء الأغلبية بالمجلس وعبرتم عنهم بكل صدق وشفافية وقد حفرتم أسماءكم بقلوبهم وفي ذات الوقت كتبتم أسماءكم بأحرف من نور في صحيفة تاريخ الكويت السياسي والنيابي.. ولطمتم قوى الفساد لطمة موجعة مازالت تقض مضاجع الفاسدين.. فشكرا لكم من أعماق القلب، وثقوا وتأكدوا أن الأمر لم ينته بالاستقالة، فما هي إلا بداية ولها ما سيعقبها من تحقيق ما يصبو إليه كل كويتي شريف.. وإنني لعلى ثقة بأن العزيز البصير لن يسمح باستمرار الحال على ما هو عليه وإنني على ثقة بأن الأيام حبلى.
باسل الجاسر
baselaljaser@yahoo.com
@baselaljaser