زيارة سمو الأمير المرتقبة إلى إيران محطة جديدة في مسيرة العلاقات الثنائية المتميزة
يقوم سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بزيارة رسمية الى العاصمة الايرانية (طهران) مطلع الشهر المقبل تلبية لدعوة من الرئيس الايراني حسن روحاني تعد الأولى لسموه منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد عام 2006.
وتأتي هذه الزيارة الهامة لتضيف علامة جديدة ومتميزة الى مسيرة العلاقات الأخوية بين الكويت وايران التي ترجع جذورها الى عشرات السنين.
وتعتبر العلاقات الكويتية الايرانية نموذجا للعلاقات الحيوية والمتزنة بين دول قامت أساسا على الاقتصاد والتجارة ثم ما لبثت أن تطورت الى ميادين أخرى لتشمل السياسة والأمن والثقافة.
ففي المرحلة الاولى من تاريخ العلاقات الثنائية شكل العامل الاقتصادي الركيزة الأساسية في التقارب بين الشعبين الكويتي والايراني خصوصا في مرحلة ما قبل استقلال الكويت في اربعينات وخمسينات القرن الماضي.
وكان يتم ذلك من خلال التبادل التجاري بين موانئ الكويت وموانئ المحمرة وبوشهر وبندر عباس الايرانية الى جانب تجارة الترانزيت التي كانت رائجة بين البلدين على ضفتي الخليج.
ومن بوابة الاقتصاد كان الولوج الى عالم السياسة فمنذ استقلال الكويت عام 1961 شهدت العلاقات بين الدولتين الجارتين تطورا ملحوظا اذ كانت ايران من أولى الدول التي اعترفت رسميا باستقلال الكويت ليترجم ذلك واقعا ملموسا باقامة العلاقات الدبلوماسية الثنائية عام 1962.
وبعد قيام الثورة الاسلامية في ايران عام 1979 قام سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح وكان يشغل آنذاك منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية بزيارة رسمية الى طهران في شهر يونيو ذلك العام ليصبح بذلك أول مسؤول رفيع المستوى من منطقة الخليج يزور ايران بعد قيام الثورة فيها.
وشكل الغزو العراقي لدولة الكويت في الثاني من اغسطس عام 1990 نقطة مفصلية في العلاقات بين البلدين الصديقين حيث أعلنت ايران منذ الايام الاولى رفضها التام لهذا الاحتلال السافر وأيدت قرار مجلس الأمن رقم 660 الذي دعا العراق الى الانسحاب غير المشروط من الكويت.
كما أبلغت ايران الامم المتحدة امتثالها لقرار مجلس الامن رقم 661 القاضي بفرض المقاطعة الشاملة على العراق والتزامها التام بتنفيذه وهو الموقف الذي قوبل بارتياح من الدول العربية وعلى رأسها القيادة الكويتية.
وفي مرحلة ما بعد تحرير الكويت عمل الجانبان الكويتي والايراني على إعادة بناء وترسيخ أواصر العلاقات فيما بينهما على أسس جديدة أكثر شمولا وثباتا في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والامنية.
وقام سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح في 11 يناير 2003 وكان سموه يشغل حينها منصب النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية بزيارة بالغة الأهمية الى (طهران) للتباحث حول ظروف المنطقة آنذاك وخصوصا في ظل استعدادات واشنطن لشن حملة عسكرية على العراق.
وأسفرت تلك الزيارة عن نتائج ايجابية لعل أبرزها تطابق وجهات النظر بين الجانبين الكويتي والايراني حول أهمية التوصل الى حل سلمي للأزمة العراقية مطالبين النظام العراقي بتنفيذ قرارات مجلس الأمن بما فيها القرار 1441.
كما أثمرت هذه الزيارة الهامة التوقيع على ثلاث مذكرات تفاهم بين البلدين في المجالات الاقتصادية و الفنية الى جانب الاتفاق على رفع مستوى اللجنة التجارية المشتركة بين البلدين الى اللجنة العليا للتعاون الاقتصادي والثقافي والعلمي والعسكري والأمني برئاسة وزيري خارجية البلدين.
كما اعتبرت الزيارة القصيرة التي قام بها الرئيس الايراني السابق محمود أحمدي نجاد الى دولة الكويت في فبراير 2006 بما تخللها من مباحثات ثنائية أجراها مع سمو أمير البلاد حول العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها دليلا واضحا على عمق العلاقات بين البلدين الصديقين.
ووصف الرئيس الايراني خلال تلك الزيارة علاقات بلاده مع الكويت بأنها “جيدة” لافتا الى أن البلدين يشتركان بالقواسم السياسية والاقتصادية والتجارية والتاريخية والجغرافية والثقافية التي تجمع بينهما.
أما على الجانب الأمني فقد أدرك المسؤولون في كلا البلدين أهمية التنسيق بينهما حيال قضايا الأمن الداخلي والخارجي وكانت أولى مساعي التعاون الامني الثنائي عام 1992 عندما قام وزير الداخلية الكويتي آنذاك الشيخ أحمد الحمود الجابر الصباح بزيارة الى (طهران) تم خلالها الاتفاق على انشاء لجنة مشتركة لبحث سبل مكافحة تهريب المخدرات.
وفي يونيو 1996 وقع وزير الداخلية الكويتي حينها الشيخ محمد خالد الحمد الصباح خلال زيارته (طهران) على مذكرة تفاهم مع نظيره الايراني حول سبل تعزيز التعاون الأمني ومكافحة تهريب المخدرات بين الجانبين.
ولعل الزيارة التي قام بها سمو الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء حينما كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع في سبتمبر 2002 الى (طهران) من أنجح الزيارات الرسمية المتبادلة بين الدولتين على الصعيد الأمني كونها أسفرت عن توقيع مذكرة للتفاهم الدفاعي الثنائي تعد الاولى من نوعها بين ايران ودولة خليجية.
وعلى الصعيد الاقتصادي فقد وصل حجم التبادل التجاري بين الكويت وايران عام 2010 الى نحو 213 مليون دولار بلغت حصة صادرات ايران للكويت منها 103 ملايين دولار فيما بلغت وارداتها 110 ملايين دولار.
وتعتبر الفاكهة والخضروات والمكسرات والسجاد ومواد البناء والأجهزة الكهربائية من أهم الأصناف التي تستوردها الكويت من ايران فيما تصدر اليها الحديد والصلب والأنابيب المعدنية ومادة اليوريا.
وتأكيدا لهذا الاهتمام الاقتصادي المشترك وقع الجانبان الكويتي والايراني في شهر أكتوبر عام 1999 اتفاقية التعاون التجاري للمناطق الحرة التي تهدف الى تسهيل نقل البضائع عن طريق البحر.
وفي يناير عام 2000 وقع الجانبان أيضا مذكرة التفاهم التجارية التي جاءت في ختام اجتماعات اللجنة الكويتية الايرانية المشتركة في ما تم توقيع اتفاقية تعاون ثنائي في مجال انتقال الأيدي العاملة والشؤون الاجتماعية والتدريب الحرفي والمهني في يناير 2001.
وفي يناير 2008 وخلال زيارة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي آنذاك الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح الى (طهران) تم توقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي بين البلدين.
وعلى الصعيد الانساني ساهمت دولة الكويت في مساعدات قدمها مجلس التعاون الخليجي بقيمة 400 مليون دولار للتخفيف من حدة آثار الزلزال الذي ضرب مدينة (بام) الايرانية في شهر ديسمبر عام 2003.