إشكال مصر ليس بالقصر!
إن كنا ومثلنا الأغلبية المطلقة من الشعب المصري قد دعمنا المرشح عبدالفتاح السيسي، إلا أننا لا ندعي للحظة أن بيده مفتاحا سحريا لحل كل إشكالات مصر المتعاظمة والذاهبة إلى المزيد من التعقيد مع كل يوم يمر، فما نقوله هو أنه أفضل بكثير من منافسة على الرئاسة، وأفضل ممن سبقه والذي أساء لما يمثله بأكثر مما يستطيعه أعدى أعداء ذلك التوجه السياسي.
فمشكلة مصر مرتبطة بالشارع وليس بالقصر، وأولى تلك الإشكالات الكبرى هي «الانفجارات السكانية» على أرض محدودة الموارد يتم فيها توفير الخدمات التعليمية والصحية بالمجان، كما تتعهد الدولة بتوظيف الجميع، ويتم تقديم الخبز والكهرباء والماء بأسعار زهيدة تتحمل كلفتها الحقيقية ميزانية الدولة ذات العجوزات الضخمة، إضافة الى حقيقة أن الشرائح الأسرع تكاثرا هي الأقل اهتماما بالتربية والتعليم والتدريب مما ينتج عنه وجود أعداد بشرية وافرة غير منتجة وتشكل عبئا كبيرا على الدولة المصرية.
ويزيد الطين بلة مجموعة إشكالات غير مسبوقة في تاريخ مصر، منها تناقص مياه النيل بشكل كبير ومتوقع أن يبدأ أوائل عام 2016 كنتيجة لانتهاء أعمال سد النهضة الحبشي وتجميع المياه خلفه، مما يجعل مصر مهددة خلال عامين من تولي المشير السياسي الرئاسة بالعطش والتصحر والظلام، ومن الإشكالات انتشار العمليات الإرهابية المدعومة هذه المرة من جماعات سياسية رئيسية تضم أعدادا كبيرة من الأتباع، وتحظى بدعم دول كبرى بعكس العمليات الإرهابية السابقة التي كانت تقوم بها مجاميع صغيرة يمكن السيطرة عليها.
وبسبب الإرهاب ونقص الطاقة قد يحجم بعض المستثمرين والسائحين عن القدوم لمصر مما سيضاعف حجم المشاكل الاقتصادية ويشكل ضغطا على سعر صرف الجنيه في بلد يستورد كل شيء، يضاف الى ذلك موروثات العهد الاشتراكي من عدم اتقان الجموع لحرفها وعدم الرغبة في العمل لساعات طوال في ظل العولمة، حيث تتوافر البدائل الأكثر جودة والأرخص سعرا من دول العالم الأخرى وعلى رأسها الصين ودول شرق آسيا.
آخر محطة: (1) نرجو ألا تضطر أو ترغم مصر مستقبلا على التورط في حروب خارجية ضد اثيوبيا كنتيجة للضغط الشعبي وأخرى ضد بعض الجماعات المتطرفة في ليبيا تزامنا مع حرب ثالثة ضد الإرهاب بالداخل.
(2) الانخفاض المتوقع في الحقبة القادمة لأسعار النفط والغاز سيضر مصر بشكل مزدوج، فمن ناحية سيخفض من دخلها كونها دولة مصدرة للنفط والغاز وسيحد في الوقت ذاته من الدعم الخليجي.
(3) تعلمنا تجارب المنطقة أن إبقاء حالة الفوضى وعدم الاستقرار يقتضي تقوية الطرف الضعيف وإضعاف الطرف القوي، لذا لابد أن نشهد في المستقبل القريب عودة قوية للقوى المعادية للمشير السيسي بعد انتصاراته السياسية الساحقة الأخيرة.
سامي النصف
samialnesf1@hotmail.com
@salnesf