العجز حتمي لعجز الحكومة..
فاجأت الحكومة المجتمع الكويتي عبر وزارة المالية، باحتمال وقوع عجوزات خطيرة في الموازنة العامة خلال السنوات القليلة القادمة، ما قد يؤدي إلى إفلاس الدولة خلال 20 عاما، وقدمت مشروعا للموازنة العامة للدولة، جاء فيه: ان المصروفات الجارية بلغت 86.6% والمصروفات الاستثمارية، بلغت 13.4% (المصروفات الجارية هي معدومة بينما الاستثمارية لها مردود على الدولة)، معللة أسباب العجز المتوقع بما تقدمه الدولة من دعومات لطاقة والسلع والعمالة الوطنية وغيرها.
والحقيقة أن العجز سيأتي بل والإفلاس «لا قدر الله» ولكن ليس بسبب الدعومات وإنما بسبب سوء إدارة الحكومة وتخبطها وعجزها عن اتخاذ القرارات الجريئة التي تخدم الوطن وأهله، فهي بعد أن فلقت رؤوسنا بتعهدات عدم زيادة مصروفات الدعومات، إلا أنها سرعان ما انقلبت على تعهداتها عندما جاملت بعض التجار فزادت القرض الإسكاني بقيمة 30 ألفا، ولكن ليس ذلك بيد المواطن وإنما من خلال دعم بعض السلع التي يبعها بعض التجار وكانت الكلفة باهظة على الموازنة وقدرت بأكثر من 300 مليون دينار، وبسبب عجزها وقلة حيلتها قدمت ميزانية حصة الاستثمار فيها 13.4% فقط بالرغم من الفوائض المتوافرة لديها، ولديها برلمان، أغلبيته في جيبها، كان بإمكانها أن تحول هذه الفوائض لاستثمارات تشكل مردودا ماليا عظيما في القريب، كأن تنشئ 100 مصنع للاستثمار في إنتاج مشتقات النفط لتستبدل تصدير النفط الخام بالمشتقات التي سعرها أكثر استقرارا، ومن جانب آخر توفر فرصا وظيفية للكويتيين، ناهيك عن ان أسعار المشتقات تفوق أسعار النفط الخام أضعافا، ولكنها لم تفعل ولن تفعل لأنها تفتقر الى النظرة الإستراتيجية، وهمها محصور في الحديث عن الدعومات وضرورة ترشيدها على المواطنين، ولا أدري لماذا على المواطنين فقط؟ فهناك 1000 طريقة لترشيد الدعومات منها: وقف دعم الكهرباء على المناطق التجارية والاستثمارية مثلا، ولكن هل تجرؤ هذه الحكومة على اتخاذ قرار جريء مثل هذا؟
بل إن الدولة توزع الأراضي على مستحقي الرعاية السكنية مقابل 4 آلاف دينار، ولكنها في المقابل تمنح القطاعات مساحات أكبر وفي جميع المناطق السكنية القريبة والبعيدة بعقد إيجار سنوي بقيمة رمزية، وكأن هذه القطاعات جمعيات خيرية، فإن أرادت تعظيم إيرادات الميزانية العامة فلتقم ببيع هذه الأراضي بأقل من السعر العادل بـ 10%، ولكن هل تملك هذه القدرة على اتخاذ مثل هذا القرار العادل؟!
هذه أمثلة سريعة على عجز وتخبط وقلة حيلة هذه الحكومة التي انحصر تفكيرها في إنهاء دولة الرفاه في مواجهة المواطن وإبقاء الرفاه وحصره لفئة معينة. ويبقى الأمل في تغير هذا الواقع بما فيه من تهديد لمستقبل وطن وشعب، يبقى الامل معقودا على رحيل هذه الحكومة ولا حل آخر، فهذه الحكومة خلقت للكويت مشاكل في السنتين ونصف السنة الماضية تضاهي مشاكلنا خلال العشرين سنة التي سبقت توليها.
باسل الجاسر
baselaljaser@hotmail.com
baselaljaser@