لقاء حول الأمن الفكري والإرهاب!
استضافتنا قناة العربية ضمن برنامج «بانوراما» الذي تقدمه السيدة منتهى الرمحي للحديث حول الأمن الفكري والإرهاب المنتشر بشكل لافت في المنطقة العربية هذه الأيام بشكل بات يهدد وحدة اراضيها، وقد رأينا ان الارهاب هو مرض خطير حاله كحال اي مرض آخر يساهم في استفحاله وانتشاره ثلاثة امور: اولها انكار الاصابة بالمرض، ثم التشخيص الخاطئ، والثالث تركه دون علاج.
***
وظاهرة الارهاب ليست امرا مستجدا على الساحة العربية حيث كانت بدايتها في الستينيات والسبعينيات عندما انفردنا كعرب دون الحركات التحررية والوطنية واليسارية الأخرى في العالم بعمليات الارهاب وترويع الابرياء من رجال ونساء عبر خطف الطائرات والبواخر السياحية وتفجير السفارات ومهاجمة المطارات والقيام بالاغتيالات واقتحام الدورات الأولمبية العالمية، ولم يدن احد تلك الممارسات الارهابية التي لم يقم بمثلها الفيتناميون او الافارقة خوفا من ان تمس الإدانة سمعة القضية الفلسطينية التي ارتكبت كل تلك الجرائم باسمها ومن ثم بالتبعية انكار الاصابة بالمرض تارة وتشخيصه بشكل خاطئ تارة اخرى عندما اعتبرت تلك الأعمال ضمن المقاومة الوطنية المشروعة ومن ثم استفحل وانتشر المرض.
***
وإبان الحرب العراقية ـ الايرانية فترة الثمانينيات تحول الارهاب اليساري الى ارهاب لقوى إسلامية شيعية قامت بخطف الطائرات وتفجير السفارات.. إلخ، والملاحظ ان الفاعلين آنذاك لم يكونوا من الشيعة غير العرب بل كانوا عربا من لبنان والعراق ودول الخليج مما يظهر ان الارهاب قضية تقبل بها ثقافتنا العربية التي تتقبله كوسيلة للوصول الى الغايات التي تراها نبيلة.
**
وبعد مرحلة غزو الكويت حتى اليوم انحسر الارهاب – الشيعي العربي كما انحسر قبله الارهاب اليساري – العربي بعد ان ثبتت عدم جدواه ليحل محله ارهاب سني – عربي كذلك، ممثل في تنظيم القاعدة وتوابعها ولم يلحظ احد وجود مشاركين في تلك الأعمال الارهابية من مسلمين إندونيسيين أو ماليزيين أو بنغال وأفارقة وباكستانيين وهنود.. إلخ رغم كثرتهم العددية وتنوع ثقافاتهم مما بات يهدد بتشطير وتفتيت بلداننا العربية ولو أننا لم نجامل لوأدنّا وحاربنا الارهاب منذ يومه الأول قبل خمسين عاما بدلا من التسلي بمقولة اننا ـ ودون امم الارض ـ لا نعرف تعريفا محددا للارهاب ولا الفارق بينه وبين حركات التحرر الوطني، لما استشرى سرطان الارهاب ولما وصلنا الى ما وصلنا إليه.
***
آخر محطة: (1) جميل ان يتبنى وزراء الداخلية العرب كما حدث مؤخرا قضية «الأمن الفكري» كوسيلة لتعزيز المواطنة ومحاربة الارهاب.
(2) كانت جماعة أبو نضال ابان النضال الارهابي اليساري هي الاكثر تشددا في الوطنية كحال تشدد تنظيمي القاعدة وداعش في دعاوى الاسلام هذه الأيام، فيما بعد كشف الباحث البريطاني المختص في شؤون المنطقة باتريك سيل في كتابه الشهير «أبونضال بندقية للإيجار» ان ابونضال الذي يدعي التشدد كان مرتزقا اجيرا لمن يدفع اكثر وانه استخدم كثيرا من اعداء الأمة.
(3) كانت اوروبا حتى النصف الاول من القرن العشرين تماما كحال الأمة العربية هذه الأيام تمتلئ ارضها بالحروب الخارجية والأهلية والفقر المدقع والدمار وقضايا النزوح واللاجئين والارهاب، حتى ان الحرب الكونية الأولى التي ذهب ضحيتها 15 مليون اوروبي تسبب فيها عمل ارهابي قامت به منظمة «الكف الأسود» الصربية ضد ولي عهد النمسا وزوجته، بعد النصف الأول من القرن العشرين توقفت الحروب في اوروبا واستقرت في منطقتنا العربية وستبقى وستستفحل ما لم نواجه مشاكلنا بصراحة وصدق.
سامي النصف
salnesf@
samialnesf1@hotmail.com