عربي و دولي

الانقلاب العسكري يهدد باندلاع حرب أهلية في تايلاند

تتزايد المخاوف أن يتسبب الانقلاب العسكري الذي شهدته تايلاند مؤخرا في اندلاع حرب أهلية في البلاد، في الوقت الذي اعتقل فيه الجيش رئيسة وزراء البلاد السابقة ينجلوك شيناواترا في معسكر يبعد ساعتين تقريبا عن العاصمة بانكوك، بالاضافة الي القبض علي 190 ناشطا وشخصية سياسية بارزة أخرى، ومنعهم من مغادرة البلاد.

أول دفعة من الاعتقالات، التي بلغ عددها 155 اعتقالا، أتت بعد يوم من استيلاء قائد الجيش التايلاندي الجنرال برايوت تشان-أوتشا على السلطة بعد قيادته انقلابا عسكريا أعلن فيه ضرورة استعادة النظام والحياة الطبيعية” في تايلاند.

وكان قد أصدر الجنرال برايوت تشان-أوتشا، القائم بأعمال رئيس وزراء تايلاند، أمرا بأن يحضر أمامه في مقر الجيش التايلاندي بالعاصمة بانكوك 155 زعيما سياسيا، بما في ذلك عشيرة شيناواترا والمتظاهرون المؤيدون والمناهضون للحكومة، ومن بين تلك الشخصيات القائم بأعمال رئيس الوزراء المؤقت خلفا لينجلوك شيناواترا نيواتامرونج بونسونجبايسان ووزير العمل السابق تشالريم يوبامرونج.

اعتقالات جماعية

أضيف لقائمة الاعتقالات مؤخرا 35 اسما آخر لشخصيات صدر أمر لهم بتسليم أنفسهم. ويعتقد أن زعماء القمصان الحمراء، وهي جماعة ضغط تايلاندية، الذين يؤيدون حكومة حزب بيو تاي التي أطيح بها في عام 2006، قد تم نقلهم إلى قواعد عسكرية مختلفة في جميع أنحاء البلاد للتقليل من احتمالية حدوث أية مقاومة للانقلاب العسكري الذي أعلن عنه مؤخرا.

عملية اعتقال هذا العدد الكبير من الزعماء والسياسيين تمثل أهمية، لأنها تتضمن عشيرة شيناواترا. يذكر أن تاكسين شيناواترا، رئيس الوزراء الأسبق الموجود في المنفى حاليا، الذي أطيح به في عام 2006 بعد انقلاب عسكري، كان يتمتع بشعبية هائلة بين الناخبين في الأحياء الريفية، كما أثنى على سياساته الشعبوية بينما كان في منصبه، ومع ذلك، كان يسخر منه النخبة المؤيدة للملكية الذين يعيشون في المدن، حيث اتهموه بالفساد والمحسوبية.

جمود سياسي

ومنذ ذلك الحين تعيش تايلاند في حالة من الجمود السياسي، في الوقت الذي تحارب فيه القوات المناهضة لتكسين من أجل تنصيب زعيم غير معين، أي الجنرال برايوت تشان-أوتشا، الذي يعتزم الإشراف على مجموعة من الإصلاحات المبهمة، وفي الوقت الذي تطالب فيه أيضا القوات المؤيدة لتكسين بإجراء انتخابات.

ومن جانبه، أصدر روبرت أمستردام، محامي تكسين، بيانا محذرا من أن “استيلاء الجيش على السلطة” قد يؤدي لانقسام واضح في السلطة.

وبعد الإعلان عن الانقلاب العسكري، نظم مئات المحتجين اعتصاما على ضوء الشموع في وسط مدينة بانكوك، حاملين لافتات مكتوبا عليها “لا للانقلاب”، “اتركوا الشعب يصوت”، و”المجلس العسكري..اخرج!”.

وأشارت تقارير نشرت على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي أن اشتباكات طفيفة نشبت بين الطرفين، وتم اقتياد بعض المتظاهرين لإجراء تحقيقات معهم.

وفي وقت سابق، انتشرت تقارير لم يتم التأكد من صحتها تفيد أن الجيش في تايلاند يحاول اعتقال المنتمين لجماعة القمصان الحمراء في شمال وشمال شرق البلاد، وأفاد موقع إخباري إلكتروني أن الجيش أغلق الحدود بين تايلاند ولاوس، في محاولة لمنع المنتمين لجماعة الضغط المؤيدة لحكومة بيو تاي التي أطيح بها من الفرار من البلاد.

ومثله مثل تكسين، الجنرال برايوت لا يعد غريبا على الانقلابات، إذ أنه كان جزءا من مجلس عسكري ساعد في الإطاحة بتكسين، في عملية استيلاء على السلطة ساعدت في تعزيز قاعدة تدعم تكسين تعرف باسم الجبهة الموحدة للديمقراطية United Front for Democracy ، وهو ما أدى في نهاية المطاف لاندلاع معارك هائلة في الشوارع بين المؤيدين للملكية من جماعة ضغط القمصان الصفراء والمؤيدين لتكسين في عام 2010، وهو الأمر الذي أسفر عن مقتل نحو 100 شخص.

اعمال عنف

ومع ذلك، زعم الجنرال برايوت أن الاستيلاء على السلطة سيساعد في استعادة السلام للبلاد، ولكن صحيفة بانكوك بوست Bangkok Post أشارت مؤخرا في مقالة افتتاحية أن “الانقلاب العسكري من المحتمل أن ..يتسبب في اندلاع أعمال عنف ومن المحتمل أن يتسبب في تكبد مزيد من الخسائر في الأرواح..هذا الانقلاب لا يمثل الحل”.

الانقلاب العسكري الأخير يعد التاسع عشر الذي تشهده تايلاند منذ القضاء على الملكية في البلاد عام 1932، وأدان هذا الانقلاب مجموعة من المنظمات الحقوقية والدول، بما في ذلك فرنسا واليابان واستراليا وألمانيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والولايات المتحدة.

ومن جانبه قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إنه لا يوجد مبرر للانقلاب، مطالبا بإطلاق سراح جميع السياسيين المعتقلين.

وكان قد أشار معظم المحللين السياسيين إلى أن الوضع في تايلاند من المستبعد أن يتحسن قريبا، كما أفاد تقرير أصدرته منظمة سيام انتليجنس يونيت Siam Intelligence Unit أن “الجنرالات المتشددين يقودون في الوقت الحالي المشهد السياسي، وينبغي أن نتوقع نتيجة سلبية لذلك”، مضيفا أن “حكومة المجلس العسكري الجديدة سوف تدير البلاد لمدة عام أو عامين، ومن أسوأ السيناريوهات المحتملة اندلاع حرب أهلية مزمنة في البلاد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.