مصر الجديدة
أنهت مصر بنجاح مرحلة مهمة في تاريخها السياسي ربما تفوق في أهميتها جميع الحروب التي خاضتها، والأحداث السياسية التي شهدتها على مرّ تاريخها وهي عملية الانتخابات الرئاسية.
لقد كانت عملية تحدّ كبيرة، تحدّ داخلي لعمليات إرهابية دمويّة تستهدف أرواح الناس وممتلكاتهم والحط من قدر البلاد وتعريضها للخطر، وتحدّ خارجي ناصبت فيه دول كثيرة مصر العداء بسبب ثورة شعبية قامت فيها.
ورغم كل ما رافق عملية الانتخاب من تحديات ومن محاولات لإثارة الشبهات حول سيرها مثلما قيل عن قلة عدد المشاركين فيها وتمديدها ليوم ثالث نتيجة عدم الاقبال كما قيل، فإن نتائجها فاجأت الجميع وأصابت الشامتين بصدمة قاتلة، حيث تبيّن أنها أكبر عملية تصويتية حصدت أكبر عدد من الأصوات فاق كل الانتخابات السابقة، وحصد فيها الفائز أصواتا تعادل ما أحرزه المتنافسان السابقان «أحمد شفيق» و«محمد مرسي» مجتمعين، ولم تكن تلك النتيجة مفاجئة لمن كان ينظر إلى الأمور نظرة واقعية وموضوعية ناتجة عن مجريات الأمور السابقة التي تمثلت بثورة 30 يونيو 2013 والتي أطاحت بحكم جائر حاول تغيير وجه مصر وعبث بأوضاعها واستقرارها، وهذا العدد الذي شارك في الانتخابات الرئاسية هو العدد نفسه تقريبا الذي خرج يوم 30 يونيو ثائرا ضد الحكم السابق.
وما يتعين على المصريين فعله بعدما أنجزوا أهم بنود خارطة طريقهم هو التطلع إلى المستقبل وعدم تقليب صفحات الماضي ونبش الذكريات الأليمة التي سيؤدي الانشغال بها إلى عرقلة مسيرتهم وتعويق مستقبل بلادهم.
ولقد أدّى السيد «حمدين صباحي» المنافس الرئاسي دورا يقدّر له بترشيح نفسه وهو الذي يعلم بكل تأكيد أنه ترشح مقابل طوفان سيحصد مجمل الأصوات ولن يترك له سوى فتات الفتات وهذا ما حدث فعلا من خلال حصوله على رقم متواضع جدا قضى على مستقبله السياسي قضاء مبرما نزع عنه صلاحيته لقيادة المعارضة وهو الدور الذي كان يعد نفسه له في حال خسارته الانتخابات، ولكن حصوله على هذه النسبة المتدنية جدا من الأصوات لا يخوله قيادة المعارضة ولا حتى المشاركة في اي نشاط سياسي ـ رسميا كان أو شعبيا ـ وليته يقنع بأنه أدّى دورا وطنيا فاعلا ويعلن اعتزاله العمل السياسي
صالح الشايجي