أهم الأخبارمقالات

ماذا نريد من إيران؟

راكان بن حثلين: مخطئ من يختزل أبعاد زيارة سمو الأمير لإيران في البعدين السياسي والأمني بل إن نجاح هذه الزيارة يفتح آفاقا جديدة على المنطقة

راكان بن حثلين: نجاح سمو الأمير في تحقيق تطلعاته من زيارة إيران سيكون بحد ذاته نجاحا لنا جميعا

راكان بن حثلين: إيران استطاعت التغلب على كل المعوقات بما فيها العقوبات الدولية التي ترتبت على برنامجها النووي

راكان بن حثلين: نتمنى ان تتبع الحكومة أثر سمو الأمير في تنظيم الزيارات واللقاءات لمؤسسات القطاعين العام والخاص مع الجانب الإيراني

ليس غريبا أن يكون صاحب السمو محط أنظار العالم، ومصدرا يُحيي روح التفاؤل بواقع جديد في المنطقة، من خلال زيارته المرتقبة الى الجارة إيران.

فسمو الأمير كرس حياته من أجل خدمة البلد، وحتى يكون لهذا البلد الصغير في مساحته الجغرافية، أثر عميق في السياسة الدولية والإقليمية، وها هو العالم بأسره اليوم يتطلع إلى نتائج هذه الزيارة، وكله ثقة بحنكة وحكمة سمو الأمير، وقدرته على إدارة الملفات الإقليمية مهما كانت شائكة.

ومخطئ من يختزل أبعاد هذه الزيارة في البعدين السياسي والأمني فقط، بل إن نجاح هذه الزيارة يفتح آفاقا جديدة على المنطقة، تشمل نواحي عديدة، لذلك نرى الكثير من الدول تترقب وترصد هذه الزيارة التاريخية عن كثب، وتعد عدتها من أجل قطف ما تستطيع من الثمار المتوقعة، ولكن ماذا أعددنا نحن، وهل حددنا «ماذا نريد من إيران»؟!.

فرغم ان نجاح سمو الأمير في تحقيق تطلعاته من هذه الزيارة سيكون بحد ذاته نجاحا لنا جميعا، فضلا عن كونه نجاحا لكل المساعي الرامية الى تحقيق السلم الدولي، إلا أن ذلك لا يعني ان نقف متفرجين، وأن نكتفي فقط بهذا الإنجاز، بل إن علينا ان نسعى لأن تكون لنا حصة الأسد من منافع الانفتاح المتوقع في العلاقة بين إيران ودول الخليج، وما سيترتب عليه من تغيير في خارطة سير الاستثمارات الإقليمية والعالمية.

إذا علينا أن نحدد أهدافنا « ماذا نريد من إيران»؟، وما هي المميزات التي يمكن ان نحققها من التقارب الجغرافي بين البلدين؟ وإلى أي مدى يمكن ان يمتد أفق التعاون المستقبلي؟، فليست الضمانات الأمنية هي المطلوبة فحسب، بل إن علينا أن نسعى لتحقيق ضمانات اقتصادية وغذائية وعلمية تزخر بها إيران.

إيران استطاعت التغلب على كل المعوقات بما فيها العقوبات الدولية التي ترتبت على برنامجها النووي، وتمكنت من توظيف كل طاقاتها العملية والبشرية والطبيعية في صناعة واقع جديد لهذا البلد، إلى أن أصبحت الآن قطبا إقليميا يزاحم أقطابا عالمية في عدد من الملفات.

إيران لم تعد بلدا ناميا، ولم يشغلها صراع المناصب والمكاسب الفئوية والنخبوية عن الاهتمام بأولوياتها، بل تجاوزتنا بكثير، وحققت لنفسها اكتفاء ذاتيا على مستوى الغذاء والصناعات الأساسية، وجعلت من نفسها مصنعا ومصدرا للعقول والكفاءات في مجالات متعددة.

ففي كل عام يرصد الزائرون إلى إيران تطورا وبصمة تنموية جديدة في مختلف المناطق، ولم يعد هذا البلد بحاجة إلى حملات إعلامية لبيع الوهم وإدعاء التطور كما في بلدان أخرى، بل إن شواهد التطور في هذا البلد تغنيه عن كل ذلك، إذ لا يكاد منتج أو سلعة ضرورية تخلو من عبارة «صنع في إيران»، بدءاً من الدراجة الهوائية، وانتهاء بالقطارات والطائرات، ناهيك عن الثورة العلمية التي تحققت في هذا البلد الذي أصبح قبلة للباحثين عن العلاج، حتى أصبح الجواب غالبا «زرع في إيران» لعمليات زراعة الشعر والأسنان، بالإضافة الى التخصصات الطبية الأخرى.

علينا ان نبدأ من الآن لمرحلة ما بعد زيارة سمو الأمير، وأن نكون سباقين في استغلال الفرص الاستثمارية والتجارية المتاحة مع هذا البلد الجار، قبل أن تتلقفها البلدان الأخرى، والشركات العالمية المتأهبة لدخول سوق الاستثمار والتجارة في طهران.

ولعل من اللافت أن هذه الزيارة أتت بعد أيام قليلة من اعتراف السلطتين التشريعية والتنفيذية بفشلنا في تنويع مصادر الدخل، ما يستوجب إعادة النظر في رسم استراتيجيتنا الاقتصادية المبنية على مصدر دخل وحيد هو النفط، والبدء بمرحلة عمل دؤوب لتنويع مصادر الدخل، يأخذ بعين الاعتبار مصلحة الكويت أولا بعيدا عن أي مزايدات أو مجاملات، ويؤسس لانفتاح اقتصادي مع كل شريك استراتيجي محتمل، ولا سيما إيران والعراق، اللذين يعدان الآن قبلة الاقتصاد المستقبلي للمنطقة.

لا يكفي ان ننتظر أن نحتفل بنجاح سمو الأمير في هذه الزيارة، وتحقيق كل الأهداف المأمولة منها، بل يجب ان يكون للحكومة والبرلمان وجميع المؤسسات دور مكمل، يسارع في قطف ثمار النجاح المتوقع لزيارة سمو الأمير، ويحولها الى منبع لثورة اقتصادية تتعدد فيها البدائل والمداخيل.

نتمنى ان تتبع الحكومة أثر سمو الأميرو في تنظيم الزيارات واللقاءات لمؤسسات القطاعين العام والخاص مع الجانب الإيراني، وان تسعى الحكومة إلى الاستفادة من الموقع الجغرافي في تحفيز التبادل التجاري بين البلدين، حتى تكون الكويت بوابة إيران على المنطقة، وأن تبدأ الحكومة فعليا باقتباس التجربة الإيرانية في الصناعات البتروكيماوية والمعادن وصناعة السيارات والتكنولوجيا الحديثة، والاستفادة من الخبرات الإيرانية في إنشاء المختبرات الزراعية، وتنمية الخبرات الطبية، والعلمية، وتحويل جزء من البعثات الدراسية إلى الجامعات هناك، وتطوير المحطات الكهربائية، أو شرائها من المفاعلات الإيرانية بأسعار أقل من الكلفة الحالية، والاستفادة من الخبرات الإيرانية في مجال التعامل مع الغاز الطبيعي الذي يصل هناك إلى كل بيت ليس في المدن فحسب، بل حتى في القرى والنواحي، والعمل على تحويل الغاز من عبء يحرق في الهواء، إلى رافد إضافة للاقتصاد الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.