سيد السلبية!
لن نختلف على أهمية جميع اللجان الدائمة في مجلس الأمة, ولكني أرى في لجنة الميزانيات والحساب الختامي, الكنز, والمنجم, وبؤرة الـ “خمال” التي يمكن من خلالها النفاذ إلى جميع الوزارات والمؤسسات والهيئات والجهات الحكومية ولي ذراعها والتحكم في قرارها. ولكم في ما حدث للخطوط الجوية الكويتية من تعنت في تعليق حساباتها الختامية لسنوات متتالية, خير مثال على قوة ونفوذ – وربما جبروت – لجنة الميزانيات, التي يمكن اعتبارها – مجازا – من الممتلكات الخاصة بالنائب الفاضل عدنان عبدالصمد, الذي لم يغب عن رئاستها سوى فصل تشريعي واحد – حسبما أذكر – وذلك, منذ صدور قانون إنشائها في العام 2000 بعد فصل اختصاصاتها عن لجنتها الأم, اللجنة المالية.
ومسألة خصنا للنائب عدنان عبدالصمد بهذه المقالة, فذلك لأنه من الأسماء الثقيلة التي نعول عليها الكثير. ومع تفهمنا للحساسيات التي تشوب علاقته بالسلطة وتؤثر في أدائه, كمراعاته الحسابات الإقليمية, والظروف المجتمعية, والانعكاسات المريرة لحادثة التأبين. إلا أن هذا, لا يبرر له الاستمرار في التعامل بسلبية مع الأحداث, واتخاذ المواقف المائية في قضايا بالغة الوضوح والمعالم… انتبهوا, فنحن نتكلم عن سيد عدنان عبدالصمد, وليس “حي الله” نائب. نتكلم عمن حاز عضوية 10 مجالس نيابية منذ العام 1981. نتكلم عن خبرة رجل حركي وسياسي وبرلماني تخطت الـ 40 عاما, لذلك, فإن شخصا بهذا الصيت والمكانة والتاريخ, لهو أحق وأجدر من غيره بالنقد, حتى وإن بدا قاسياً.
لن نستعيد مواقف سيد عدنان إبان عضويته في “الشعبي”, ولن نذكر ان اسمه لم يلامس صحيفة استجواب قط, فليس هذا غرضنا. ولكن هل يقبل السيد, وهو من هو, أن يقتصر دوره كنائب وكرئيس أبدي للجنة الميزانيات, فقط على إبداء الملاحظات؟ حتى أطلق عليه البعض لقب “رجل الملاحظات الأول”, وآخرون رشحوه لتولي رئاسة ديوان المحاسبة, لأنهم لم يجدوا فرقا بين أدائه وطبيعة عمل الديوان! أين سيد عدنان من كل ما جرى تحت عينه من سنن معيبة وانتهاك للدستور؟ أين موقفه من الاستقالات؟ أين تفاعله مع المعلومات الخطيرة التي تحت يديه, والتي يشير لها بتصريحات تشي بوجود تنفيع ومخالفات وتجاوزات؟ يا سبحان الله, هل اقتصرت رمزية هذا الرجل, على نقاط النظام وإبداء الملاحظات؟
لسنا ممن يجترئ على سيد عدنان, ولا نريد الافتراء عليه, ولكن واضح أن تعامله المائي مع الأحداث الجسيمة, لم يعد عليه ولا على جماعته بأي نفع, فأفضل الوزراء ممن كانوا محسوبين عليه جرى إقصاؤهم, وأقرب المسؤولين إليه تم نفيهم, فإن كان اتباعه أسلوب المراعاة والمداراة لم يسفرا إلا عن نتائج مخيبة كهذه, فليعذرنا السيد إن وصفنا أداءه بـ “سيد السلبية”… وشكرا.
صالح الغنام
salehpen@hotmail.com