مقالات

يوم الشكاوى!

ثلاث شكاوى متعددة الاتجاهات والمشارب, اجتمعت في يوم واحد, وبانت معالمها وسبل علاجها, في اليوم ذاته. فأمس, وضعت حدا لأرق لازمني, وسبب لي القرف والإزعاج لنحو عامين, وذلك, حين اتخذت قرارا حاسما بإلغاء اشتراكي في عدد – مما نطلق عليه مجازا ـ الخدمات الإخبارية الهاتفية. وقد لمت نفسي لوما شديدا, لتأخري باتخاذ هذا القرار, وتحملي لجهات استصغرت عقلي بنقلها تغريدات تافهة وتصريحات فارغة لنشطاء, تقدمها للمشتركين بصفة أخبار, وتتقاضى عليها رسوما أسبوعية. فما كان مني, إلا أن حرمت بقالات “القطع والنسخ والإرسال” من 18 دينارا كنت أدفعها لها شهريا… فسجائري, أولى وأحق منها بهذا المبلغ!

الشكوى الثانية, كانت من الحكومة التي اعترفت بشجاعة غير مسبوقة, أن الوزارات لا تنفذ قرارات وتعليمات مجلس الوزراء, وبعضها صادر منذ العام .2012 ما أدى بالأمانة العامة لمجلس الوزراء لإرسال تعميم إلى الوزارات كافة, تحضها فيه, على تزويدها بقائمة تضم جميع القرارات صعبة التنفيذ, أو التي تحتاج إلى تعديل أو تغيير, وذلك للمباشرة في تنفيذ المشروعات المتوقفة. هذه الشكوى, وإن كان ظاهر حلها ينم عن وضع مجلس الوزراء أصبعه على مواطن الخلل, إلا أنها تؤكد من جديد وجوب نفضة قوية للوزراء والوكلاء والقيادات الوسطى في الوزارات, ليس فقط بسبب إخفاقهم, وإنما بسبب انعدام شعورهم بالمسؤولية, وتراخيهم حتى عن رفع مذكرة, تبين وتشرح صعوبة تنفيذ قرارات مجلس الوزراء, بدلا من تركها معلقة طوال هذه السنين… وهو أضعف الإيمان!

الشكوى الثالثة والأخيرة, جاءت على لسان الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك, الذي نصح المشير السيسي بتوخي الحذر في تعامله مع رجال الأعمال. طبعا الرئيس مبارك, لا يقصد رجال الأعمال الشرفاء, وإنما أولئك الذين نهبوا مصر ودمروها بطمعهم, وتسببوا بحدوث ثورة فيها, جراء السماح لهم بإقحام أنفسهم في السياسة, ومجاملتهم, أو غض النظر عن تدخلهم في قرارات الحكم والدولة. لذلك, فإن “شكوى مبارك” تُشترى كنصيحة بألف جمل, لكونها مثالا حيا شهدنا جميعا حقبته, وهو من حيث القيمة والأهمية, أفضل مليون مرة من استرجاع واستذكار ما حل بالدولة الأموية وسواها من أمثلة غابرة. مبارك وهو يتحدث من خلف القضبان, وهو في هذا الوضع, وفي هذه السن, وبعد خبرة ناهزت 30 عاما في الحكم, فهو يعي تماما ما يقول, ويدرك أي النصائح أجدى وأنفع.

لاحظوا, مبارك لم يشتك من مؤامرات دولية, أو تدخلات إقليمية, أو أي مؤثرات أخرى تسببت في إقصائه عن الحكم. ولكنه اشتكى فقط, من “الإخوان”, ورجال الأعمال. أكرر, اشتكى فقط, من “الإخوان” ورجال الأعمال… “ما علينا منه… صح”؟!

 صالح الغنام

salehpen@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.