مقالات

مصر اختارت.. ولكن!!

لا يمتلك الرئيس المصري المنتخب المشير عبدالفتاح السيسي عصا سحرية لحل مشاكل مصر «الثقيلة».. ولا اغلاق كل الملفات العالقة المستعصية كالبطالة والفقر والفساد الذي نخر في عظام الشعب المصري سنوات.

لكنه يمتلك الارادة والرؤية.. ومؤهلات أخرى تحقق له السير على طريق حل هذه المشكلات، واحدة بعد الأخرى وأبرزها هي انه تحول الى «بطل شعبي» في عيون المصريين ولديه شعبية جارفة بين مواطنيه.. لأنه أنقذهم وتصدى للعبث الذي مورس ضدهم.. وأيضاً واجه وبشجاعة الارهاب العنيف الذي يريد حرق مصر.

٭٭٭

لقد اختار المصريون «السيسي» رئيساً وبأرقام غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات المصرية، سواء في زمن حسني مبارك أو مرسي.

لماذا اختارت مصر «السيسي»؟ المراقب المتابع لابد ان يدرك انها اختارت الأمن أولاً، كملف أساسي قبل غيره من الملفات، فقد تعرضت مصر لمؤامرة دولية.. أبطالها أطراف خارجية تواطأت معها عناصر داخلية، ولكنها استطاعت ان تتغلب عليها والتي نجم عنها الكثير من الشهداء والضحايا.. ولكن الحمد لله على الرغم من كل المؤامرات التي حيكت لأسقاط مصر في حضن الاخوان، فانها تغلبت على المتآمرين وردت كيدهم الى نحورهم.

٭٭٭

مصر ليست كسورية أو العراق أو تونس أو ليبيا، تلك الدول التي تصدعت من الداخل ولن تعود دولاً متماسكة قريباً لأنها تشرذمت وانقسمت وتحتاج الى عشرات السنين، لكن مصر تختلف كلياً، فرغم وجود نسبة الأمية الكبيرة والفقر الا ان المصريين يختلفون.. فلديهم مشاعر وطنية عارمة على الرغم من «العوز» الاقتصادي.. فهم يعشقون أرضهم وتاريخهم مليء بالنضال، وقد استطاعت المؤسسة العسكرية على مدى سنوات طويلة ان تعزز القيم الوطنية في نفوس الشعب من خلال الاعلام بكل وسائله وفنونه وأدواته، فتجد المصري يكاد لا يجد قوت يومه، ولكنه ينتفض بكل جوارحه ان رأى أي مساس بسيادته وكرامة وطنه.

٭٭٭

«السيسي» أصبح يمتلك القدرة الآن بعد انتخابه على تنفيذ رؤيته التي سبق وتحدث عنها عبر وسائل الاعلام، وقد أكد في أكثر من لقاء ان مصر ستجتاز «عنق الزجاجة» في عامين فقط اعتباراً من الآن، وأن الشعب المصري له دور مهم جداً.. وشدد على هذا كثيراً حينما أكد ان الشعب المصري الذي حمل آمال وآحلام للمستقبل، عليه ان يضحي ويعمل خلال هذه الفترة العصيبة وسيشارك بهمه في الانجاز. لكن في الحقيقة فان الملف الأمني ليس فقط هو الملف الذي اختار المصريون لأجله المشير السيسي رئيساً.. فعلى الصعيد الداخلي الذي يعد التحدي الحقيقي للسيسي فهناك الكثير من المشاكل المزمنة تتعلق بتشغيل الأيدي العاملة، فقد أضحت البطالة هاجساً حقيقياً لكثير من الشباب، مع تراجع معدلات الدخل القومي بسبب انخفاض مشروعات وعائدات الاستثمار الذي يرتبط بشكل مباشر باستقرار الأمن الداخلي من عدمه، كما تراجعت عائدات السياحة، هذا الملف الذي تضرر كثيراً وانخفضت عوائده بعد ان كانت عوائده السنوية تزيد عن 9 مليارات دولار!!.

٭٭٭

فضلاً عن ذلك يواجه «السيسي» والشعب المصري تحدياً في تحقيق الأمن الغذائي، خاصة الاكتفاء الذاتي من القمح الذي هو الغذاء الرئيسي للشعب المصري، والذي سيسعى الى حل مشكلته.. التي تعتبر مزمنة ولا يمكنه تجاهلها.

أما على صعيد الملفات الخارجية فسوف يواجه «السيسي» الكثير من العقبات من بينها تراجع الدور المصري افريقياً وعربياً ايضاً.. وهي مشكلة واجهتها مصر من زمن الرئيس السابق مبارك، الذي توترت علاقاته افريقياً بعد حادثة محاولة اغتياله.. كما انه أصبح في السنوات الأخيرة من حياته غير عابئ بما يحدث، وكانت الدولة تدير نفسها آلياً عبر مؤسسات مستقرة، لكن هذا بالطبع أفضى الى تركة ثقيلة تواجهها مصر بعد تسلم مرسي، وبعد ان بدأ «نقص المياه» يشكل خطراً يهددها وسد النهضة الأثيوبي يحاول أيضاً انتقاص حقوقها التاريخية، بما ينذر بالمجاعة والتصحر وتفاقم المشكلات المصرية مستقبلاً.. بالفعل لقد ورث «السيسي» تركه ثقيلة جداً في هذا الملف، خاصة بعد فضيحة المؤتمر الذي أذيع على الهواء وتحدث فيه مستشارو مرسي وحلفاؤه عن امكانية التدخل العسكري في حل المشكلة.

٭٭٭

الملفات شائكة، ومهمة «السيسي» شاقة جداً، ولعل أكثرها هو المعدل في الزيادة السكانية الذي بلغه المصريون ما يقارب الـ90 مليون نسمة.

«السيسي» رجل المرحلة نعم.. ولكنها ليست مفروشة بالورود وانما بالمخاطر والارهاب، وهناك استحقاقات سياسية قادمة من انتخابات مجلس شعب الى تشكيل حكومة منتخبه قادرة.. وتخفيف الديون التي تراكمت بقوة.. لكن هل سينجح رجل الحرب والمهمات الصعبة في وقت السلم؟ وهل اختارت مصر الرجل الذي سيخرجها من عنق الزجاجة ويعيدها مرة اخرى رائدة قادرة على قيادة الأمة العربية؟! أنها أسئلة مستحقة وطريق صعب، ولكن ما يجعل الصعب سهلاً ان مصر اختارت بارادتها وانها تسعى لكي تنتصر على الرغم من كل ما تعرضت له من تآمر ونحن نعلم أنها قادرة على ذلك.. فهي بالفعل كانت «بشرة خير».

.. والعبرة لمن يتعظ!!.

منى العياف

alayyaf63@yahoo.com

twitter@munaalayyaf

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.