عطني حظ وقطني بحر
يا أخي مبخوتين بعض الناس مثل ذلك الفلان، أو تلك الفلانة، أو أولئك الفلانين الذين فتح لهم الحظ ذراعيه الى أقصى حد، ووضعهم في مواقع لا يصيبهم ما يصيب غيرهم من ضيق وزعل وحاجة.هؤلاء المحظوظون أتاح لهم بختهم الجميل الانتقال من مركز لآخر، ومن موقع لموقع، ومن وظيفة لوظيفة، وكأنهم يتنقلون بين غرف بيوتهم، خفة وسلاسة وسهولة لا مثيل لها، وبلا أية معوقات.
حظ الواحد من هؤلاء يشبه مركبة تحمل مكينة سيارة اشترك في صنعها أعرق مصانع السيارات في أمريكا وألمانيا وفرنسا واليابان، فطفقت تسير بصاحبها بأعلى مستوى من الهدوء والنعومة والانسيابية.تلك النوعية من الكويتيين مرزوقين، ولديهم نسبة حظ مرتفعة نغبطهم عليها، فترى الواحد فيهم مرة وزير، ومرة رئيس مجلس ادارة، ومرة رئيس هيئة، ومرة سفيراً، ومرة عضواً منتدباً، واذا كسر فيه الزمن أصبح مستشارا للدولة يتقاضى منها آلاف الدنانير حتى لو لم يشاوروه بشيء، أو شاوروه وأخذوا استشاراته وألقوا بها في أقرب سلة مهملات.
هؤلاء ومعهم شيوخ الدين الجدد أو مشايخ الفضائيات ماكلينها ولعة على قولة المصريين، ولذلك رفعت سيدة يديها الى السماء وطلبت ان يكون ابنها صاحب حظ، أو شيخ دين يدفع مقابل كلماته آلاف الدنانير بقولها: جعلك الله من بين دعاته، ولذلك كان لابد من السخرية مما خطه أحد الزملاء مادحا أحد هؤلاء المشايخ، ومدافعا عنه دفاع المستميت فهو «لم ير بابا مفتوحا للخير الا طرقه فكان ناصحا، واعظا، واستغل في ذلك منابر الخطبة، وقاعات المحاضرات، والقنوات التلفزيونية والاذاعية ومواقع التواصل الاجتماعي، وحتى الكتابة في الصحافة، لتوصيل كلمة الحق والنصيحة لكل الناس»…، وكأنه يفعل كل ذلك ببلاش، أو يبذل وقته بدون مقابل، مع أنه ذيب ما يهرول عبث
.نعود لفلان وفلانة وفلانين الذين يجافي المنطق اقتصار المراكز العليا في الدولة عليهم، وكأنه ما في هالبلد الا هالولد، وحالنا معهم يذكرنا بقصة الحظ والمنطق
.تقول الحكاية ان المنطق والحظ كانا راكبين في سيارة منطلقة بهما، وفي منتصف الطريق نفد منها الوقود.نزل الاثنان ليكملا طريقهما سيرا على الأقدام قبل حلول الظلام، ولكن طول المسافة حال دون ذلك.
قال المنطق للحظ: لننام حتى يطلع الصبح وبعدها نكمل الطريق.قرر المنطق ان ينام بجانب الشجرة أما الحظ فقرر ان ينام في منتصف الشارع.تعجب المنطق من قراره المجنون، وقال له: يا مجنون سوف تعرض نفسك للخطر، فمن الممكن ان تأتي سيارة وتدهسك! رد الحظ: لن أنام الا في منتصف الشارع، فقد تأتي سيارة فتراني وتنقذنا، وفعلا نام كل منهما في المكان الذي اختاره.بعد ساعة جاءت سيارة مسرعة، ولما رأت شخصا مستلقيا في منتصف الطريق، حاولت التوقف ولم تستطع لسرعتها، فانحرفت باتجاه الشجرة فدهست المنطق الذي مات، وبقي الحظ حيا.السؤال يقول: هل ستظل يد الحظ هي العليا في بلادنا، وتظل المراكز بالتالي محصورة بين أهل الحظوة، تدور بينهم كلعبة كراسي الموسيقى، أم يترك للمنطق فرصة يشم فيها نفسه، فيختار لتلك المراكز الأشخاص من ذوي العلم والكفاءة والاخلاص؟!
عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw