أمير الدبلوماسية يحلِّق بالكويت.. والآخرون يهوون بها!!
تأتي زيارة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الى جمهورية ايران في وقتها تماماً لكونها تصب في اطار السياسة الخارجية المتوازنة التي تتبعها الكويت منذ تأسيسها، وزادت هذه السياسة حضوراً وتألقاً بصفة خاصة عندما تسلَّم صاحب السمو مقاليد الحكم في 29 يناير 2006.
ولا شك في انها اضافة كبرى لرصيد الكويت الدولي والاقليمي، منحها لها «أبوالدبلوماسية الكويتية والعربية» الذي قضى في طريق الدبلوماسية 40 عاماً أو اكثر.
هذه الزيارة على الرغم من حالة التشنج التي نلحظها في علاقة ايران بأغلب دول الخليج، الا ان «النوافذ» ينبغي ألا تغلق أبداً لأن ايران دولة مسلمة وجارة لنا، ولديها أيديولوجية دينية جعلت دولاً كثيرة تسلم لها قيادتها لكونها تمثل لها مرجعية دينية معينة – وبالتالي – لإيران نفوذ عليها، ولذا يجب ألا نعادي هذه الدولة الكبيرة، ولا ننسى تاريخياً أننا شهدنا وقوفها على الحياد في حرب تحرير الكويت على الرغم من ظروفنا وعلاقتنا السابقة مع نظام العراق البائد!.
٭٭٭
نحن على ثقة بأن هذه الزيارة، على الرغم من امتعاض البعض منها، الا أنها مفيدة..لأن فتح هذه النوافذ قد يساهم في «حلحلة» الكثير من القضايا المزمنة والعالقة سواء لدول الخليج او للدول العربية!.
هذه الزيارة تأتي كخلاصة تجارب سمو الأمير في ميادين السياسة الخارجية الكويتية التي له فيها باع يتذكره العالم كله، وقد تكون هذه الزيارة المثمرة ان شاء الله السبب في تخفيف حدة السخط الذي نشعر به من جراء سوء ادارة الحكومة وبقية السلطات للوضع الداخلي، فالسياسة الخارجية تطير بأجنحة متميزة تجعل من صورة الكويت على الصعيد الأدبي دولة ذات مكانة مرموقة، ولكن واقع الحال في الداخل يجعلنا نشعر بغصة وبحسرة على وطن يملك كل شيء وفي نفس الوقت يفتقر لكل شيء.. من الانجاز الى التنمية ومن الحيوية والابداع الى التطور والتقدم..وكل ما لدينا هو جعجعة ولا طحين..تصريحات وعناوين تبدأ بحرف (س)!! في الصحف لا تثمر ولا تغني من جوع!.
٭٭٭
المقارنة تفرض نفسها.. من «جمال» الوضع الخارجي الى «قبح» المشهد الداخلي.
فصاحب السمو لديه نظرة ثاقبة بخصوص الاحتياجات الأساسية للمنطقة وهذا ما يترجمه سموه عملياً عبر جهوده المتوالية في عقد المؤتمرات بالكويت، فقد جمع الشرق مع الغرب والقارات الأخرى مع بعضها البعض، وفتح آفاقاً اقتصادية استثمارية تعاونية من خلال مؤتمرات وقمم اقتصادية عربية، الى قمم عربية – افريقية مشتركة، الى مبادراته المهمة بتأسيس صناديق كصندوق لدعم القطاع الخاص لرجال الاعمال العرب، الى وثيقة مبادرة العهد الدولي إزاء العراق، الى المنتدى الاقتصادي الاسلامي وتقديم الكويت منحاً للتنمية الى صندوق الحياة الكريمة والحرص على خلق حوار عربي افريقي آسيوي مشترك، الى المبادرة بدعم الشعب السوري من خلال مؤتمر المانحين الذي أشاد به العالم أجمع.
٭٭٭
اسهام رائع لسمو الأمير خلال سنوات حكمه والتي على أثرها قدمت اليه الكثير من الجوائز والأوسمة والشهادات، لكن على المستوى السياسة الداخلية للكويت من جراء رئيس حكومة ووزراء، نحن نعاني الكثير فلأول مرة يتم بهذا الشكل غير المسبوق إقصاء فئات من المجتمع عن عمد من قبل البعض، ويتم اطلاق التهم لكل من يخالف الرأي وتلفيق القصص والادعاءات لإبعادهم والاستحواذ الكامل على المشهد السياسي من جانب فئات معينة لها مصلحة في مثل هذا الوضع من دون ان تعبأ لمستقبل هذا الوطن!.
صاحب السمو – حفظه الله ورعاه – تاريخياً هو الصدر المفتوح لجميع الاضداد يفتح قلبه وديوانه للجميع حتى لو اختلف مع البعض، ودائماً يقف على مسافة واحدة من الجميع ويستمع ولا يمكن ان يقصي احداً ويتعامل مع جميع المواطنين والاعلاميين والكتاب والساسة بقلب مفتوح ويسمع لكل وجهات النظر بعكس ما يحدث من الحكومة ورئيسها وبرلمانها ورئيسه.. شتان بين هذا وذاك!!.
٭٭٭
ما يحدث في الكويت اليوم على صعيد الوضع الداخلي لا يبشر بالخير، فنحن أمام انقسام غير مسبوق بين فئات الشعب الواحد مع أداء حكومي أقل من المتواضع وسلبي على الرغم من كل الامكانيات، بمعاونة بطانة فاسدة تنظر لمصالحها فقط وكذلك مجلس اقصائي بكل أسف..نجح في ذلك على الرغم من محدودية امكانيات الكثير من اعضائه في التشريع والرقابة.. الى جانب اعلام موجه يخدم الفئة المسيطرة غير العابئة بالمشهد السياسي والذين يصورون الأمور بغير حقيقتها، وهؤلاء سوف يهربون عند أول منعطف تواجهه الدولة ولا يخدم مصالحهم.. وأيضاً في ظل وجود اعداد من الشباب غاضبة آخذة في الزيادة ولا يرون أفقاً مفتوحاً لهم ومفاهيم جديدة فرضتها وسائل التواصل الاجتماعي تقطع بأنه لا يمكن الاستمرار بهذا الشكل.. كما ان هؤلاء الشباب يفتقدون القدوة الصالحة التي تأخذ بأيديهم هذا فضلاً عن وجود صراع حقيقي وخطير قائم بالفعل، ومعلومات قادمة صعبة وخطيرة، نتمنى ان تخرج للعلن لكي يطهر البلد نفسه بنفسه ولكي يعاقب من اساء ويأخذ جزاءه ليكون عبرة للآخرين وحتى يكون هناك بريق من الأمل في الاصلاح، لأن الفساد أصبح اليوم مؤسسة قائمة بذاتها لها هيكلها ومسؤولوها.. الأمر الذي بات بحاجة الى حملة تطهيرية تصحيحية لهذا المشهد القبيح.. والتاريخ لن يرحم!!.
٭٭٭
شكراً للفتة الكريمة..
اخيراً.. وبعد تأخير دام سنوات عديدة، أمر سمو الأمير بتصحيح وضع كان واجباً تصحيحه منذ زمن بمنح الجنسية الكويتية لرجال الحماية الذين رافقوا سمو الأمير المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح، الذي تعرض موكبه لاعتداء غاشم في عام 1985، هذا الاجراء تم متأخراً جداً ولكنه أثلج صدورنا، فلا يجوز انسانياً واخلاقياً وأدبياً ان يظل هؤلاء ممن قدموا ارواحهم فداء لأميرنا الراحل دون هوية.. فشكراً لسمو الأمير على كل شيء!!.
.. والعبرة لمن يتعظ !!.
منى العياف
alayyaf63@yahoo.com
twitter@munaalayyaf