مقالات

إيران جارة .. استبدلوها بالسـويد!

ماذا تعني زيارة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح إلى إيران في ظل توتر الاوضاع الاقليمية؟!.

البعض من الساسة يقرأ ويحلل هذه الزيارة بأسلوب الهمز واللمز وبعقلية مصابة بالتعصب العقائدي، فتجد هؤلاء فقط يكررون سطور وأطلال الماضي، بأن إيران لديها مخطط توسعي ضد دول الخليج، ولو فرضنا جدلاً وصدقنا قصتكم المعتقه، بأن إيران منذ بداية ثورتها تسعى لبلع الخليج، كما تعزفون على هذه الاسطوانة منذ أكثر من 35 عاماً.

سؤالي لكم .. ماذا تريدون من الكويت أن تفعل بالضبط .. فهمونا؟! هل تريدون من الكويت أن تحارب إيران بالطائرات والمدافع مثلاً؟!هل تريدون من الكويت أن تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران؟!هل تريدون من الكويت معاداة إيران من خلال الآلة الإعلامية؟!.

هل لديكم حل منطقي ينقذنا من فوبيا المخطط التوسعي الإيراني، الذي أنتم ترونه بخيال ماضي الثمانينات ومازلتم تحملونه في عقولكم العبقرية؟! وهل من مصحلة بلدنا الصغير المسالم أن يعيش حالة التوتر مع إيران؟! هل لديكم قدرة على نقل الكويت من موقعها الجغرافي ووضعها بموقع آمن بين الدول الاسكندنافية، وتكون جارتها من الشمال السويد ومن الجنوب النرويج ومن الشرق الدنمارك؟! هذا حل اوافقكم عليه اذا تستطيعون تحقيقه لنا!.

يا جماعة الخير .. اليوم يختلف عن الأمس، فلا تجعلون قصص الماضي تسيطر على عقولكم فالدول تتغير وعقليات البشر تتغير والقوة تتغير والخصوم تتصالح من أجل المصلحة المشتركة، ونحن علينا ايضاً أن نتغير حسب الواقع الذي نعيشه بدلاً من سيطرة الأمراض الطائفية على عقولنا.

يا جماعة الخير ..علينا أن نحاكي الواقع كي نستطيع أن نحل مشاكلنا سواء كانت الداخلية أو الخارجية، فالواقع الخارجي يؤكد بأن إيران دولة جارة إلى يوم قيام الساعة، سواء رضينا أم ابينا، ودولة ذات نفوذ قوي في المنطقة، فليس من الحكمة ولا المنطق أن تستمر حالة التوتر بين إيران والكويت وباقي دول الخليج، حتى لو رفضنا سياسات إيران المزعجة لنا احياناً فالأمر بحاجة إلى عقل سياسي يفقه لعبة ” فن الممكن ” مع الخصوم لجني الثمار لا لجني الدمار.

هناك اعتقاد راسخ في سياسات الدول، تؤكد بأن ليس هناك صديق دائم ولا عدو دائم، وسياسة الكويت الخارجية بحكمة قائدها سمو الأمير تميزت عن باقي دول الخليج لاسيما في تعاطيها مع مجريات الاحداث الأخيرة بالمنطقة ،حتى أنها تحولت إلى “جوكر” قادر على التحرك بنجاح بين الدول المتصارعة لحل خلافاتها، والعمل جاهدة على عودة المياه إلى مجاريها، وبفضل حكمة ورؤية سموه للاحداث نجحت الكويت بإمتياز في تعاملها مع الاحداث الأخيرة، وأخر نجاحاتها زيارتها التاريخية إلى طهران.

أكرر السؤال الذي بدأت به في مقالي .. ماذا تعني زيارة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد إلى طهران؟!.

تعني أن سموه استطاع تلطيف الاجواء وإزالة التوتر بين دول المنطقة، الأمر الذي سيساهم في الامن والاستقرار في منطقة الخليج، فضلاً عن انهاء النزاعات الطائفية في المنطقة على المستوى الرسمي، الأمر الذي سينعكس ايجاباً على التعايش السلمي بين شعوب المنطقة بمختلف طوائفهم ، كما استطاع سموه ابرام ستة اتفاقيات تتعلق في الشؤون الجمركية وتنظيم الخدمات الجوية وحماية البيئة والتنمية المستدامة، فضلاً عن مشاريع تتعلق بالرياضة والسياحة، واتفاقية في المجال الأمني، وبحث امكانية تزويد الكويت بالغاز الإيراني وغيرها من مشاريع قادمة جميعها تصب في المصلحة العامة التي تنهض بعلاقات طيبة بين البلدين بعيداً عن التأجيج والتوتر الذي يضر ولا ينفع.

سياسة الكويت منذ القدم تنتهج نشر السلام بين الدول كي يعيش شعبها المسالم بسلام وامان .. شكراً سمو الأمير على حكمتك التي دائماً تسير بنا إلى بر الأمان.

حسن الهداد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.