صحتنا وتعليمنا ليسا للبيع .. فلا تلعبوا بالنار
راكان بن حثلين: الكويت “درة الخليج”.. أصبحت الآن في مؤخرة الركب الخليجي
راكان بن حثلين: على المسؤولين الا يلعبوا بالنار والا يدفعوا الشعب الى الانفجار لأن صحتنا وتعليمنا ليسا للبيع
راكان بن حثلين: لا يقبل أحد بأن تكون صحته وتعليمه سلعة يتاجر بها أصحاب النفوذ
راكان بن حثلين: ما يجري في الكويت مسلسل ممنهج لا يحصل إلا في الشركات المقبلة على التصفية والبيع
بلد فيه كل مقومات الرفاه ورغد العيش، من أقل شعوب العالم في تعداد مواطنيه، ويحتل موقعا استراتيجيا يجعل منه بوابة لاقتصاد المنطقة، ومنه تخرج المليارات تلو المليارات لإعمار الدول الأخرى، وإنشاء المدارس والمستشفيات والجسور والطرق، في الوقت الذي يعاني فيه هذا البلد نفسه من تردي الطرق، وانقطاع التكييف عن المدارس والمؤسسات التعليمية وتدني مستوى مخرجاتها، وتهالك المستشفيات وتردي الخدمات فيها، ويكاد يكون المواطنون كلهم تحولوا إلى محللين ومستشارين ونقاد لا تخلو أحاديثهم من الشكوى والتذمر من سوء الأوضاع .
إنها الكويت.. نعم ولا داعي للاستغراب.. فالكويت التي كانت في يوم من الأيام تسمى درة الخليج، لأنها البلد الرائد في المنطقة على مختلف الأصعدة، أصبحت الآن في مؤخرة الركب الخليجي، تغبط شقيقاتها الخليجيات، الإمارات على ثورتها الاقتصادية والتنموية، وقطر على تمددها الاستثماري ورفاه شعبها، والسعودية على تنوع مصادرها، وتحولها من بلد استهلاكي إلى دولة مصدرة للعديد من السلع الغذائية والصناعات .
انحدار وتدنٍ في مختلف المجالات، وانحسار في المداخيل الاقتصادية، وانعدام في الرؤية الاستراتيجية لمستقبل البلد، وبوادر وتصريحات حكومية تؤكد قرب الدخول في مرحلة من التقشف والمناداة مجددا بـ «شد الحزام» بسبب عجز الميزانية .
استئساد حكومي من جهة التصدي للمطالبات بتحسين دخل الفرد، يقابله ارتخاء وانحناء أمام هيمنة قوى الفساد على كل مفاصل البلد، واستسلام تام لمطالب المتنفذين الهادفة الى الاستحواذ على مقدرات البلد، والستيلاء على مؤسساته باسم «الخصخصة».
ما يجري في الكويت مسلسل ممنهج لا يحصل إلا في الشركات المقبلة على التصفية والبيع، «غرفة» تدير وتخطط وترسم، وحكومة وبرلمان يقران وينفذان، وشعب ضاع صوته في زحمة الأجندات .
آخر حلقات هذا المسلسل ما يجري الآن في القطاعين الصحي والتعليمي، فرغم أهمية هذين القطاعين، وحجم الأموال التي تنفق عليهما، إلا أن الانحدار الذي يتعرض له هذان القطاعان بلغ حدا لا يمكن القبول به، أو التصديق بأنه ناتج عن ظروف طبيعية، او بسبب بطء الإجراءات أو سوء الإدارة، بل إن العملية أكبر من ذلك، وأقرب إلى المتعمدة .
لِمَ لا؟.. إذا كان شريان الاقتصاد الوطني المتمثل بالنفط كان هدفا للخصخصة، لولا ان حالت الموانع الدستورية، وردة الفعل الشعبية دون استكمال بحث هذا الموضوع عندما أثير في مجلس 2009 .
السيناريو الذي يحصل في القطاعين الصحي والتعليمي شبيه بما تعرضت له مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، التي تعرضت إلى مؤامرة كبيرة أدت إلى تراجعها وانحدارها بشكل جعل الفرصة مواتية لطرحها للخصخصة، وتحجيم ردة الفعل الشعبية إلى الحد الأدنى، بعد ان ترسخت القناعة لدى الكثيرين بأن المؤسسة أصبحت منتهية الصلاحية .
ولكن ليست المستشفيات والمدارس كالطائرات، ولا هي أقل أهمية من القطاع النفطي، ولا يمكن القبول بأي حال من الأحوال بخصختها، لأنه لا أحد يقبل بأن تكون صحته وتعليمه سلعة يتاجر بها أصحاب النفوذ، ولا ان يتخذ هذين القطاعين مدخلا لاستنزاف مقدرات المواطنين.
على المسؤولين الا يلعبوا بالنار، والا يدفعوا الشعب الى الانفجار، لأن صحتنا وتعليمنا ليسا للبيع، كما ان الكويت ليست للبيع عن طريق (الخصخصة)، فإما ان يكون تردي الخدمات مدبرا وملعوبا وبالتالي على المسؤولين ان يكفوا عن هذا العبث، وإما ان تكون المسؤولية أكبر من قدراتهم وفي هذه الحالة عليهم ان يعترفوا بالفشل ويتنحوا ليحل محلهم من هو أعلم لتولي المسؤولية
راكان بن حثلين