زياره جديده للقضيه الفلسطينية
بقلم: سامي النصف
أخذنا كفلسطينيين وعرب منذ اليوم الأول للمسألة الفلسطينية عام 1917 مسار التشدد وعدم التفاهم وخيار «كل شيء أو لا شيء» واستمعنا وعملنا بنصح متشددينا ومتطرفينا وهاجمنا وخوّنا عقلاءنا وحكماءنا حتى انتهينا بالهزائم والنكبات وتسليم رقابنا للديكتاتوريات وخسارة الأوطان، بينما قبلت أمم أخرى بحلول وسط كحال جنوب أفريقيا فنهضت وتطورت مقارنة بمثيلتها وجارتها زيمبابوي التي طردت المهاجرين البيض بدل من التعايش والاستفادة فتحولت لأكثر دول العالم فقرا وقمعا.
***
وأحد إشكالات القضية الفلسطينية التاريخية عملية «الأفخاخ المزدوجة أو المتبادلة» حيث تقوم الزعامات الفلسطينية بالمزايدة في مطالبها لحدود اللا معقول رغم ضعف إمكانياتها فيرغمون الزعامات العربية بالتبعية على مزايدة مماثلة كي لا يتهموا بالتهاون وخيانة أصحاب الأرض، إلا أن ذلك التشدد العربي يمنع أهل القضية من القبول بحلول واقعية تتكفل بإنهاء معاناتهم مثل حلول اللجان الملكية البريطانية عام 37 والأمم المتحدة عام 47 وبادرة الرئيس بورقيبة المسماة «خذ وطالب» عام 65 وكامب ديفيد السادات عام 78 وجميعها فرص ضاعت بسبب المتشددين وعمليات المزايدة المتبادلة.
***
وللمعلومة قضية الهجرة والاستيطان «إحلال شعب محل آخر» رغم قسوتها ليست فريدة كما يشاع بل أمر كثير الحدوث في أوروبا بسبب حروبها المستمرة وآخرها الحربان العالميتان حيث نزحت الشعوب المهزومة أو التي حالفت الطرف الخاسر من شرق ووسط أوروبا ودول البلقان وألمانيا وپولندا والتشيك بل إن إشكال إيرلندا الشمالية الشهير لمن يتعمق فيه ليس إشكالا طائفيا بل بين إيرلنديين كاثوليك وبروتستانت قدموا من اسكتلندا وأصبحوا إيرلنديين أي صراع آخر بين أهل الأرض والمهاجرين.
***
ورأى قادة ومفكرون فلسطينيون وعرب بداية القرن الماضي أن هجرة اليهود المضطهدين في روسيا وأوروبا إلى المنطقة العربية قد يكفل بتطورها والنهوض بها (رفض العرب للهجرة اليهودية جعلها تتجه لأميركا وتساهم في نهضتها العلمية والاقتصادية)، كما كتب لورنس العرب عام 1920 أن الدول العربية وبمساعدة اليهود المهاجرين من أوروبا ستصبح متطورة علميا وتكنولوجيا وستنعم شعوبها بالثراء وستتوحد دولها كونفيدراليا وسبق لليهود أن ساهموا مع العرب في نهضة الأندلس أكثر ممالك أوروبا تطورا وحضارة.
***
أخيرا.. تبقى الحاجة الماسة بعدما يقارب المائة عام من المعاناة الفلسطينية والعربية والعزلة الإسرائيلية الى إيجاد حلول واقعية مبتكرة لا يقودها المتشددون من الطرفين بل يرسمها الحكماء والعقلاء لإنهاء هذا الإشكال إلى الأبد على قاعدة الربح ـ الربح كي يسود سلام حقيقي المنطقة وتبدأ عمليات تطبيع وتنمية اقتصادية كي تلحق المنطقة بدول شرق آسيا وغرب أوروبا وأن نصل متأخرين مائة عام خير من ألا نصل أبدا!
***
آخر محطة: 1 – لو أن هيرتزل كما ذكر المفكر يوري أفنيري اختار باتاغونيا وهي أجمل أرض شاهدتها في حياتي وطنا قوميا لليهود واستقبلهم أهل الأرجنتين المتسامحون كما استقبلوا قبلهم المهاجرين العرب ثم نهضت بالتبعية أميركا اللاتينية بسبب تلك الهجرة لتحسر لربما البعض منا كوننا لم نستقبل أبناء العمومة ممن كانوا يضطهدون في أوروبا بسبب اعتبارهم شرقيين!
2 – أما نحن وحتى دون قضية فلسطين فكنا سنختلق ألف قضية بديلة نختلف ونتنازع حولها.. لألف عام!
samialnesf1@hotmail.com
salnesf@