بكائية إخوانية
فرحة الشعب المصري بالتخلص من الكابوس البشع الذي جثم على صدورهم عاماً من الزمان، والتضحية بالأرواح التي دفعها شباب مصر من أجل حرية وازدهار وكرامة بلدهم، والمحاولات التي بذلها الاخوان من أجل تغيير الدولة لتكون في المستقبل مجرد ولاية تابعة للامارة الاسلامية (الحلم) بقيادة المرشد، يشبه كثيرا حالنا مع الغزو العراقي المشين.نحن مثلهم فرحنا بالتخلص من الجاثوم القبيح الذي برك على أنفاسنا،
وسد مناسمنا سبعة أشهر، وشبابنا دفع الدماء وضحى بحياته وحريته ثمنا للعزة والحرية والكرامة، وطاغوت وجيشه بذلوا محاولات يائسة لقلب حال المجتمع الكويتي 180 درجة وتحويله الى اللون العراقي، بالتالي كان رقصهم على أغنية حسين الجسمي «بشرة خير» التي تحمل التفاؤل بمستقبل واعد ومشرق، تشبه رقصنا على أغنية عبدالله الرويشد بالأحضان يا بلدي، التي تحمل نفس المشاعر.هذه الفرحة العارمة للمصريين بالتخلص من نظام حكم لا يعمل لبلده بقدر ما يخدم نظاما عالميا خارجيا، واتفاقهم على اختيار رجل أحسوا فيه الكفاءة والنزاهة والحب الشديد للبلد وأهله،
وخروجهم الى الشوارع يغنّون ويرقصون ويصفقون لا يمكن لأحد ان يلومهم عليهم، ولم يفعل ذلك الا من خرجوا من معركتهم مع الشعب المصري خاسرين وهم جماعة الاخوان والمتعاطفون معهم سواء في مصر أو خارجها، وهو ما عبر عنه بمرارة شديدة، وان حاول ان يخفي ذلك، مذيع الجزيرة الاخونجي المشهور أحمد منصور، الذي حاول ان ينتقم لخسارة جماعته ببرنامج كوميدي ساخر من أجل اضحاك المشاهدين على ما يحدث في مصر، ففشل، وانقلب السحر على الساحر، وجاءت ضحكاته في حقيقتها كالبكاء. في برنامجه ذاك قام باستضافة اثنين اخوان (من غير سكّر)، وحاول الثلاثة جاهدين السخرية من البلد الذي ولدوا ونشأوا وتربوا وتعلموا فيه، وظلوا طوال الحلقة يتفكهون، ويطلقون النكات على الشعب،
والاعلام، والرئيس المنتخب، وكلها نكات بايخة و(سئيلة) لا تقدر ان تسحب ابتسامة من شفتي أحد، دع عنك الضحكة المجلجلة. قبل ذلك، وفي مشهد ينطبق عليه المثل الشامي الذي يقول مكسّح ساحب مكرسح، ويقول له يا الله نتفسح، جلس منصور الذي يحتاج ان يشم زجاجة عطر قبل ان يسجّل برنامجا، مع اخونجي سويسرا الثري يوسف ندا، عقب سقوط حكم مرسي، وأخذ الاثنان يعزفان على وتر ظلموه، ومن كرسي السلطة نزعوه، وأصبحا هذا يلطم، والثاني (يمجع) شعره. كانا في ذلك اللقاء كأنهما حرمتان مكسورتا جناح، تقابلتا في جلسة فشة خلق نسائية، وأخذتا تشتكيان غدر الزمان، وخيانة الخلان، وبدا أحمد منصور وقتها في قمة البؤس وهو يحاول ان يستخرج من رفيقه ما يحسن من صورة جماعة الاخوان أمام الناس،
ويظهرهم بأنهم أهل الحقّ والحقيقة ولكن هيهات. مع ذلك علينا ان نشكر يوسف ندا الذي زلق بلسانه، وقال ان هناك من كلّمه لكي يتدخل، ويوقف ما يحدث في مصر على يد الاخوان، وهذا اعتراف صريح منه بأنهم يرتكبون الجرائم هناك، ودليل واضح على عدم سلمية ثورة الاخوان التي صدعوا رؤوس العالم فيها، واثبات ان تلك الجماعة لا مصداقية عندها، وأنها تأخذ من الكذب عقيدة متينة لها.يوسف ندا، الذي يبدو أنه يحتل منصب رئيس فخري للاخوان،
انتهز الفرصة لكي يطعن بالمشير السيسي الذي استهزأ به قائلا (المشين) السيسي، ناسيا ان الاخوان هم من جاءوا به في منصب وزير الدفاع في حكمهم البائد، اقتناعا منهم بمهنيته وأخلاقه وتدينه، وحين وجد نفسه مضطرا للوقوف الى جوار الشعب، وتحقيق رغبتهم بانهاء حكم الاخوان، أصبح في نظرهم (كخة) ولا يصلح، فسبحان مقلبّ الأحوال.عموما، وللمرة الثانية، نبارك للمصريين بمشيرهم الرئيس، أو رئيسهم المشير، وان شاء الله يكون بشرة خير