فهد داود الصباح:من افشى المستندات قبل تقديمها للنيابة ارتكب جناية
قال الخبير الاقتصادي الشيخ المهندس فهد داود الصباح تعليقا على ما يثار بشأن مستندات عن تعدي على المال العام من بعض الشخصيات الكويتية ان:” ما جرى الاسبوع الماضي في ساحة الارادة وما اثير في بعض وسائل الاعلام يعتبر في نظر القانون جناية لا تقل في خطورتها عن جناية التعدي على المال العام، اذا كان هناك اعتداء او جريمة، لان القانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الاموال العامة لا لبس فيه في التعاطي مع هذا النوع من القضايا، ويقوم على انه اذا توفرت لاحدهم مستندات او شكوك ما في ما يتعلق التعدي على المال العام ان يخطر النيابة العامة بالامر، والا يجاهر في الموضوع بين الناس لانه بذلك يفسد القضية ويؤثر سلبيا على التحقيق، بل انه يكون بمثابة ناقض للقانون، ما يعني غل يد جهات التحقيق الدستورية عن المضي في القضية، لان المعتدي او المختلس او المتهم في حالة اشاعة الامر يكون لديه الوقت الكافي لتضليل التحقيق، وافقاد القضية عنصر المفاجأة الذي يقوم عليه التحقيق في اي قضية، وايضا يكون الذي اشاع الخبر عن هذه المستندات او غيرها قد خالف قانون الجزاء العام، لانه قذف وقدح باشخاص لا يزالون ابرياء الى ان يثبت التحقيق ادانتهم فالمادة 209 من قانون الجزاء العام واضحة في هذا الشأن اذ تنص على ” كل من أسند لشخص، في مكان عام أو على مسمع أو مرأى من شخص آخر غير المجني عليه، واقعة تستوجب عقاب من تنسب إليه أو تؤذي سمعته، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تجاوز ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين”.
واضاف:” ما شاهدناه في الاسابيع الاخيرة هو عملية افساد ممنهجة لقضية اساسية في حماية المال العام، وحفظ حقوق الدولة،بل هو قضية تمس امن الدولة الداخلي لانه يثير البلبلة بين الناس، وحتى اذا كان المقصد منه نبيلا الا انه في الشكل والاساس خروج على قانون امن الدولة، لان النتيجة المترتبة على الفعل هي التحريض على السلطات في الدولة، وضعضعة الامن العام، وهدر هيبة المؤسسات المعنية بالتحقيق، وبالتالي فان الامر يدخل في اطار الجناية المرتكبة بالفعل العمدي مع سبق الاصرار، لانها وقعت، وحسب تفسير القانون، عن سابق تصور وتصميم”.
وقال الصباح:” يستدل مما سبق ان هناك جرائم عدة مرتكبة من مجموعة اشخاص، تعاضدوا في ما بينهم على ارتكاب الفعل المخل بالامن العام، وبالنسبة الى حماية المال العام وهو القضية، في الشكل وليس في الاساس، لان في الجوهر تكون القضية التحريض على امن الدولة والمجتمع، ففي الشكل المادة الخامسة من القانون 1 لسنة 1993 على ما يأتي” تختص النيابة العامة دون غيرها بالتحقيق والتصرف والادعاء في الجنايات والجنح المنصوص عليها في هذا القانون والجرائم المرتبطة بها.
وعلى النيابة العامة في حالة إصدار قرار بحفظ التحقيق في إحدى هذه الجرائم إعلان مجلس الوزراء والجهة المجني عليها المشار إليها في المادة الثانية من هذا القانون بالقرار المذكور.
ولمجلس الوزراء وللجهة المجني عليها التظلم من قرار الحفظ وذلك وفقاً للأوضاع والإجراءات المبينة في المادة 104 مكرر من القانون رقم 17 لسنة 1960 بقانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية .
ولا يجوز تطبيق نص المادة 104 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية المشار إليه بأي حال على الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون”.
وشرح الصباح” استنادا الى نص هذه المادة فان ما اشيع في شأن هذه القضية كان القصد منه الضغط على النيابة العامة وعدم ممارستها دورها الواضح والصريح من دون اي تأثيرات لان اعلان هذه القضية على الملاء قبل بد التحقيق يتسبب بافقاد القضية عنصر السرية، بالاضافة الى ان من كشف هذه المستندات، اوتحدث بالقضية امام الملاء كان بذلك يعلن عدم خضوعه للسلطة القضائية المنوط بها هذا الامر في البلاد”.
واضاف:” من نافلة القول ان العلنية في الحديث عن اي قضية لا يكون الا بعد الحكم فيها، والمقصود به هو اظهار الحقيقة للناس من خلال الجهة المعنية دون غيرها والا لكان لكل واحد من الخاضعين للقانون ان يتصرف من عنده في اي امر يخصه او يخص العامة ويأخذ حقه اذا كان له حق بيده”.
ان القانون 1 لسنة 1993 واضح في شأن التصرف بهذا النوع من القضايا، فالمادة 15 منه تنص على ما يأتي” يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على عشرين ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف عام أو مستخدم أو عامل يحتفظ لنفسه ولحساب غيره بأصول وثائق رسمية أو صور منها لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة الثانية والتي تتعلق بإحدى الجرائم المذكورة في هذا القانون سواء كانت أوراقا أو غيرها مما يتعلق بالجهة التي يعمل بها او سبق له العمل بها ولو كانت خاصة بعمل كلف به شخصيا ولم يسارع إلى تقديمها إلى سلطات التحقيق رغم علمه بوجود تحقيق يجري في إحدى هذه الجرائم. تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا كان المتهم من غير العاملين الحاليين أو السابقين بالجهة المجني عليها. ويعفي من العقاب من يقوم بتسليم ما لديه مما ورد ذكره في الفقرة الأولى قبل انتهاء التحقيق المشار إليه”.
واكد ان “هناك جريمة اخرى وهي الكشف عن السرية المصرفية من دون اذن من النيابة العامة او جهات التحقيق، ما يعني الاضرار بالمصلحة المالية او الاقتصادية للدولة والاشخاص اذا كانت القضية تمس اشخاصا، وهو ايضا امر عليه القانون”.
وقال:” ان الحق في المعرفة، وبخاصة في ما يتعلق بالقضايا الواقع ضررها على امن الدولة والمجتمع، والاموال العامة والتصرف فيها من دون وجه حق من قبل المؤتمنين عليها، لا يعني في اي حال من الاحوال التشهير بالاشخاص، حتى في حال الخصومة معهم، لان ذلك لا يكون الا بعد الانتهاء من التحقيق واصدار الاحكام والاباحة التي ترتأيها المحكمة والمصلحة العامة في هذا الشأن، وبناء عليه فان من تضرر في هذه القضية حتى لو كان تلميحا في المعلن عنه امام الملاء، وتشهيرا عبر وسائل اخرى استخدمت كأداة مكملة للقصد الجنائي الذي توخى الجاني الوصول اليه من خلال الاعلان عما يراه جريمة امام الملاء، فانه بذلك اكمل الفعل القصدي من الجريمة، وهنا يحق للمتضررين، ايا كانوا هؤلاء، مؤسسة عامةاو خاصة او اشخاص رفع قضايا للجهات المختصة لحماية انفسهم وسمعتهم”.
وختم الصباح:” ان القصد من هذه القراءة القانونية الموجزة، ليس تغليب مصلحة طرف على اخر، انما تعميم الفائدة بين الناس وتوعيتهم من الوقوع في الخطأ ومخالفة القانون” وحفظ حقوقهم ايضا، ولذلك لسنا في هذا المجال مع طرف ضد اخر، بل نحن مع مصلحة الكويت ككل، ومع حماية مؤسسات الدولة، والامن الوطني قبل اي امر اخر”.