«بلاغ الكويت».. والخوف من أن «تطير الطيور بأرزاقها»!!
في مقالي السابق المنشور تحت عنوان «رفعت الأقلام وجفت الصحف ببلاغ الكويت»، طالبت باقالة الحكومة وحل مجلس الأمة، ليس فقط بسبب أدائهم السيئ وعدم الانجاز، وانما بسبب الدور الذي أقل ما يوصف به بأنه غير سوي ومسؤول، بل وغير مقبول على مدى الستة شهور الماضية، خاصة تلك المحاولة المقصودة والمحمومة لاخفاء الحقيقة عن الشعب الكويتي والمراجع العليا، وهذا ما رأيناه وسمعناه بعد تقديم الفهد «بلاغ الكويت» والذي يحوي على معلومات تهز أركان دولة بمجملها، وأجدد مطالبتي نفسها اليوم.. وبكل أمانة أقول: إن هؤلاء المسؤولين أغلبهم يفتقدون الأهلية والمصداقية والقدرة والثقة في عيون الشعب.. فماذا تبقى إذاً؟!.
٭٭٭
ان بلاغ «الفهد» الانتحاري والذي بدا فيه واثقاً من فحواه ومن البينّه على ما ادعاه.. ليس لشخصه.. وليس للمعارضة، وانما للوطن ككل، فما يلفت النظر انه في لقائه بقناة «الوطن» ورد في حديثه ما هو أخطر وأشد مرارة، فقد قال «إن لديه معلومات بأن هناك شركات متورطة يتم تنظيفها وهناك شركات أخرى «أوف شور» يتم تغير أسمائها، واستشهد على ذلك بسيده تدعى «موردخاي»، والتي أكدت ان البيانات سيتم محوها «خلال 6 شهور»!!.
٭٭٭
هذا الحديث له دلالات خطيرة وهو يؤكد ان الهدف من التسويف للقضية قد يؤدي لنسفها بالأصل!، فمطالبتي باقالة الحكومة وحل المجلس أتت لعدة أسباب أهمها: عدم بّرهم بقسمهم الذي سيحاسبون عليه، فضلاً عن انهم أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من المشكلة.. وأن القضية الأساسية تتمثل في ان وجودهم على سدة السلطة سيساهم في طمس واخفاء الحقائق بأكثر مما فعلوا في السابق.. فأدوات الضغط التي يمتلكونها في كل موقع تساهم في ذلك، خاصة مع امتلاك المال الى جانب السلطة فكلاهما في قبضتهما الآن!! مما يتيح لـ«اللصوص» ان تعمل على اخفاء أي أثر لسرقاتها فهي «دولة ضد دولة»!، وهذا ما يجعلنا نشعر بأن استمرار الحكومة مع المجلس قد يساعد بالفعل على طي الحقيقة بعد «ان تطير الطيور بأرزاقها»!.
٭٭٭
كذلك فان ما يثير الريبة ويؤكد الشكوك بعد «لقاء الفهد» وقوله انه سيتوجه للنائب العام فور ان ينتهي فريقه القانوني من تجهيز «بلاغ الكويت»، فوجئنا بالحكومة وهي تدخل في سباق من المزايدة عليه في الوقت الضائع، فتقدم بلاغاً مجهولاً ليس مدعماً بأسماء تحدد فيها المسؤولية وانما ارتبط بمحاولة تجريم حديث أو لقاء تم عبر الاعلام.. وذلك ذراً للرماد في العيون!! وهو ما يقطع يقيناً لنا، بأن هذه الحكومة تسعى جاهدة فقط من أجل بقائها مع المجلس الحالي الذي لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم (اللهم الا بأوامر من الحكومة)، وقد ان الآوان لرحيلهم اليوم قبل الغد، وخصوصاً ان هناك حديثاً يتم تداوله لا نعلم مدى صحته، عن أن هناك شبهة تورط بعض الوزراء والنواب في هذه القضية!.
٭٭٭
قضاؤنا الجليل..
نحن من أشد الناس حرصاً على القضاء والمدافعين عنه وتشهد مقالاتنا على ذلك، ولكن اسمحوا لنا ان نعتب عليكم اليوم بشدة بسبب دخولكم أخيرا في المعترك السياسي، وهذا ما لاحظناه منذ السنة الماضية، وهو ما كان مفاجأة مؤلمة لنا خاصة يوم ان ادلى رئيس المحكمة الدستورية المستشار يوسف المطاوعة بتصريح لجريدة «الجريدة» على النائب السابق «الراشد»، وكانت صدمتنا الشديدة في ما قاله لأنها سابقة خطيرة ان يعلن رئيس المحكمة التي تنظر الموضوع رأيه في إبطال المجلس من عدمه، وكان في رأينا آنذاك أنه كان يجب ان يطلب منه التنحي عن النظر في هذه القضية لأنه أفصح عن رأيه مسبقاً وهي قضية مجتمع وتم انتهاك سريتها!!.
٭٭٭
أيضاً ما حدث أخيرا من مجلس القضاء الأعلى الذي أصدر بيانه في أقل من 12 ساعة ما قيل بحقه، والذي رفض فيه اتهام بعض أعضائه مما نجلّهم ونقدّرهم، في الحقيقة لم يكن من المفروض ان يصدر المجلس هذا البيان، الا بعد اجراء تحقيق داخلي مؤكد حول الشبهات التي طالت البعض، حيث ان القضاء «يفترض» أنه هو من يطهر نفسه بنفسه، لا ان يصدر صكوك البراءة هكذا!! وكيف بالله عليكم سيكون موقف النائب العام وأسلوب عمله وهو عضو أصيل في هذا المجلس، كيف له ان يباشر عمله في قضية «بلاغ الكويت»، بينما هو واقع تحت سندان بيان مجلس القضاء، فضلاً عن بلاغات أخرى جادة أمامه تحتاج الى تحقيق عادل وعاجل ومنصف ومحايد؟! لهذا كنا نتمنى ان ينأى القضاء بنفسه وبتاريخه لأن الكويتيين مؤمنون في ان القضاء هو حصننا الحصين الذي لا نقبل المساس به.. فلماذا أيها السادة المبجلون لم تنأوا بأنفسكم عن دهاليز السياسة والسياسيين؟!.
٭٭٭
أخيراً.. مجرد سؤال: توني بلير يظهر فجأة في الكويت؟! أليس أمراً مفاجئاً حقاً ومثيراً للتساؤلات؟ أليس توني بلير هذا هو من كلفه رئيس الحكومة السابقة الشيخ ناصر المحمد بوضع استراتيجية للكويت مقابل 2 مليون دينار، ليقابل وزير الدولة.. (لماذا؟) ألا يبدو غريباً أيضاً ان يلتقى وزير الدولة ووزير العدل الشيخ محمد عبدالله المبارك بالسفير البريطاني المعتمد في الكويت بالأمس؟! لا أدري هل هذه اللقاءات لها علاقة بما جاء من «الفهد» يتعلق ببلاغ الكويت.. مجرد سؤال ولكنه غير بريء!!.
.. والعبرة لمن يتعظ!!.
منى العياف
alayyaf63@yahoo.com
twitter@munaalayyaf
“الوطن”