مقالات

مذهب «إلا رموزي» جاهلي!

حسن الهداد
طبيعي جداً.. أثناء أي خلافات سواء كانت سياسية أو دينية أو مذهبية، سنجد ساحة المعركة تكتظ بجيش جرار من أصحاب الآراء، منها آراء عقلانية ومنطقية تفسر الأحداث بموضوعية متجردة من التبعية، ومنها آراء غير أخلاقية، مهمتها بث سموم الكراهية بين المتخاصمين، وإشعال الساحة ناراً، ودائماً نجد أصحاب هذا الفكر أداة دمار رخيصة تحركها رؤوس الفتنة.
على سبيل المثال.. لو اختصرنا الخلاف على العمل السياسي فحسب، نجد الساحة السياسية بالنسبة للسياسيين مجرد ملعب بساحته لاعبون منهم المحترف ومنهم الهاوي، ولكن لو فسرنا حال السياسة بالنسبة للجماهير فسنجد مفهومها لدى البعض بمنزلة «عقيدة» لا يحق للسياسي مخالفة فتاواها.
حقيقة الحال.. أن الملعب السياسي اليوم يعاني خطر بعض جماهيره الذين يعتقدون بعصمة رموز السياسة، الذين يعتبرونهم من أولياء الأرض الصالحين، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوز كل الأعراف الفكرية في المشهد الديمقراطي، والمصيبة تكمن هنا.. عندما يطالبون الآخرين بعدم التطرق لنقد رموزهم الساسة والمساس بمواقفهم مهما كان حالها، حتى لو كان النقد لا يتجاوز مسافة ذكر مواقفهم التي لا تتماشى مع المنطق والعقل في بعض المواقف السياسية.
نوعية هؤلاء الناس.. لا يحملون الفكر المسالم والموضوعي في تحليل القضايا التي تحمل نقداً لبعض الساسة، أكثر مما يحملون نفس التعصب للشخوص وأفكارهم وإن كانت هدامة، حتى إنهم بالغوا بضياعهم وأسسوا لهم مذهباً سياسياً جديداً يسمى «إلا رموزي»، من غير أن يشعروا بمصيبة عقولهم السطحية، وهؤلاء للأسف هم الوقود الحقيقي الذي يشعل الساحة ناراً أثناء الخلافات السياسية، ومن يتابعهم سيعرف حقيقتهم جيداً، وهم الآن يعتبرون أنفسهم خط الدفاع الأول لرموزهم، وحقيقتهم كارثية لأن أغلبهم جهلاء لا يفقهون من العمل السياسي إلا بدعة الدفاع عن رموزهم، تحت شعار «إلا رموزي» بالشتم والتعرض بالأذى إلى كل من يخالفهم الرأي!.. فمن هذا الباب الخطير، علينا أن نقيم أنفسنا حتى لا نقع فريسة هذا المذهب الممنهج من غير قصد!.
المهم أن تقييم أنفسنا.. يطرح أسئلة مهمة، علينا جميعاً مسؤولية توجيه هذه الأسئلة إلى عقولنا، وهي كالتالي، ما علاقتنا بالرموز السياسية بالضبط.. هل علاقة مبدأ وإصلاح أو تعاطف أو تعصب أو إعجاب بالكاريزما أو عشق سياسي فحسب؟! وهل هؤلاء الرموز معصومون عن الخطأ؟! وهل من ينتقدهم يستحق الشتم واللعن والإهانة.. وهل الولاء لهم أم للوطن؟.
إذا أجبنا عن هذه الأسئلة بعقلية متجردة وبأمانة وطنية، حتماً سنعرف حالة عقولنا إن كانت حرة أم أسيرة مذهب «إلا رموزي»!.
فمهما كانت حالتنا.. الأهم أن ندرك أن الكوارث السياسية تكمن في النفاق السياسي، فهناك من تفيض عيونهم طمعاً وخوفاً في آن واحد نتيجة «الأنا الفردية»، مع وجود تبعية لمذهبهم السياسي.. والأخطر إذا كان رموز السياسة ينظرون لأنفسهم بأنهم هم «المجتمع، الأمة، الدولة» وباقي المجتمع ما هم إلا تبعية!.
نسأل الله أن يحفظ الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه.. الكويت ثم الكويت ثم الكويت.

“الكويتية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.