إلى من يهمه الأمر .. بلغ السيل الزبى
لا نكتب اليوم مقالا لإبراء الذمة ، او لتسجيل موقف ، ولا نهدف للنيل من طرف لحساب طرف آخر ، بل ننطق اليوم بما يجول بخواطر معظم المواطنين إن لم يكن كلهم ، رسالة إلى من يهمه الأمر .. ويملك اتخاذ قرار صائب لانتشال البلد مما هو فيه ، ووضع حد لحالة الإنهيار الشامل الذي تتعرض لها الكويت ، إنهيار في كل شيئ ، في المؤسسات والأخلاق والقيم ومبادئ المواطنة ، إنهيار يكاد يأتي على كل ما بناه الآباء والأجداء والأجيال التي كدحت من أجل الارتقاء بالكويت ،ليخلق لنا واقعا هشا تهدمه إشاعة.
نكتب هذه الرسالة وقلوبنا يعتصرها الألم ، وأناملنا يثقلها الإحباط وخيبة الأمل مما شهدناه ونشهده هذه الأيام ، ومما تنذر به الأيام المقبلة إذا ترك الحبل على القارب، واستمرت مناورات التسطيح والتضليل في القضايا المفصلية ، وواصلت الأطراف المختلفة المراوغة والتحايل من اجل إطالة واستطالة المناصب والمكاسب.
لذا لن نخاطب حكومة وبرلمانا حولا نفسيهما إلى طرف في الصراع ، ولا إلى قوى سياسية امتهنت الفجور في الخصومة ، والبحث عن “قميص عثمان” تجدد به ثاراتها .
بل نخاطب المراجع العليا في البلد ، أصحاب الحكمة والقرار الصائب الذي أخرج الكويت من أصعب الظروف ، وننشادها بتدخل عاجل وحاسم ، لوضع النقاط على الحروف ، ومعاملة كل طرف بما يستحق ، سواء كان من أبناء الأسرة او من غيرهم ، وإظهار البينة للشعب ليقف شاهدا على قصاص عادل بحق كل من أخطأ بحق الكويت.
ولا نبالغ إذا قلنا أننا بلغنا مرحلة الخطر والاتجاه الى المجهول ، في ظل الضبابية التي تسود المشهد ، وتعدد الروايات وتضاربها ، بشأن ما يثار عن تجاوزات وفساد بلغ حد الإتهام بالتآمر على البلد ، وبعد أن طال التشكيك وانعدام الثقة جميع المؤسسات والسلطات في البلد ، بما فيها السلطة القضائية ، التي دأب البعض على العمل على اقحامها بشكل أو بآخر في المعترك السياسي.
ولا أعتقد اننا مررنا بموقف أخطر من الذي نعيشه هذه الأيام ، وخصوصا بعد ان أصبح عدونا داخلي ، وتحول الصراع من صراع فكري وسياسي ، إلى صراع بقاء ووجود ، من قبل بعض الأطراف التي تشعر أنها بلغت مرحلة “أكون أو لا أكون”. .
ولسنا هنا نخشى على من سيكون أو من لن يكون من أطراف الصراع ، فهؤلاء يمكن أن نترك “نارهم تاكل حطبهم” إذا كان الصراع محصورا فيما بينهم ، ولكننا نرى الصراع اليوم يشمل كل المؤسسات، و نخشى ان يتحول الشعب وخصوصا الشباب إلى وقود لهذا الصراع ، الذي يمكن ان يتحول إلى نار تشعل البلد ، وتأكل الأخضر واليابس.
ولا يلام أي مواطن إذا خرج عن طوره وهو يسمع أن التآمر يتم على بلده ، والمليارات تنهب ، ولا احد يحاسب ، وقوائم سوداء تطوف على كل متصفح ومستطلع لوسائل التواصل الاجتماعي ، اختلط فيها الحق بالباطل ، وانتظمت فيها أسماء الشرفاء مع غيرهم ، حتى بتنا نعيش في حالة توهان ، والكل منا يتساءل : أين الحقيقة؟!
وإذا كنا في السابق نتفهم إخفاء بعض الأمور او التجاوز عنها ، من اجل مصلحة أكبر ، فلم يعد بالإمكان اليوم ان نضع رؤوسنا في الرمال أمام معلومات خطيرة تمس أمن واستقرار البلد ، في ظل ما يثار عن التآمر على السلطة والتخابر مع دول إقليمية والتعامل مع الكيان الصهيوني ، فضلا عن الاستيلاء على مليارات الدنانير بغير وجه حق .
ولسنا هنا بصدد التقييم أو الفصل في النزاع بقدر ما يهمنا أن نصل إلى حل حاسم وحازم ، يخرجنا من دوامة المستندات والإتهامات التي تزال دائرتها في اتساع مستمر ، ولذلك لا بد من تدخل سريع وعلى مستوى عال ، يسند ملفات النزاع إلى جهة أو عدة جهات محايدة ، لا تكون قد ارتبطت بأي شكل من الأشكال في الصراع السياسي من اجل الفصل كل القضايا المثارة ، وإطلاع الشعب على الحقيقة كاملة ، حتى لا تبقى القناعات أسيرة أنصاف الحقائق.
إلى من يهمه الأمر ..لقد بلغ السيل الزبى ، وإذا كان آخر العلاج الكي ، فإن الوقت قد حان لقطع رؤوس الفساد بعد أن تعذر علاجها ، ولا يهم من يبقى أو يرفع ومن الذي يرتفع او يهبط سهمه ، بل إن المهم هو ان تبقى الكويت ، وان تعود الثقة بمؤسسات البلد ورجالاته.
“راكان خالد بن حثلين”