مقالات

مال سياسي!

صالح الغنام

يختلف تصنيف المال السياسي في الانتخابات من دولة إلى أخرى, ففي الولايات المتحدة, يقصد به المال الذي يأتي من المتبرعين والشركات المانحة, وتشرف على جمعه وتوجيهه لجان اتفق على تسميتها اصطلاحا “سوبر باكس”, وفي لبنان, غالبا ما يقصد بالمال السياسي, ذاك الذي يأتي من دول دعما لحزب معين أو طائفة معينة. وفي الكويت, جرى العرف على أن المقصود بالمال السياسي, هو المال الذي تمنحه جهات رسمية في الدولة أو شخصيات تمثل الحكومة, بشكل سري, لمرشحين بعينهم, بغية إنجاحهم في الانتخابات البرلمانية.

هذا بشكل عام وموجز, هو مفهوم المال السياسي على اختلاف توجهه وتوجيهه, ولا أظن بوجود من ينكر هذا الأمر كحقيقة مؤكدة في معظم الانتخابات النيابية التي جرت في الكويت. وعلى ما في المال السياسي من سوء وضرر على بقية المرشحين, إلا أن الأذكياء منهم استفادوا منه كشعار يروجونه في الانتخابات, وكدليل على محاربة السلطة لهم, الأمر الذي جعل كثيرا من الناخبين يتعاطفون معهم, ويعقدون العزم والنية على إنجاح مرشحيهم المظلومين نكاية بالحكومة وتحديا لها. يحدث هذا تقريبا, في كل انتخابات, والقصد معلوم ومعروف, وهو كي تضمن الحكومة أغلبية مريحة تعينها وتسهل أمورها.

حتى الآن, قد يبدو الأمر مفهوما في الانتخابات العامة, ولكن ما يدعو للاستغراب والضحك والاستهزاء والتندر, هو أن يردد بعض مرشحي الانتخابات التكميلية, الأسطوانة نفسها, وكأنهم بشكواهم من المال السياسي “يستعبطون” الناس ويستغفلونهم! إذ كيف للحكومة أن تدفع المال السياسي, وهي تملك الأغلبية الساحقة في المجلس الحالي? وما الذي ستضيفه لها زيادة أعضاء مجموعة “حامل المسك” و”كتيبة الفدائيين” بنائب أو اثنين أو حتى خمسة نواب? ثم إن غالبية المرشحين من شكل وطعم ولون وطيف واحد, فلماذا تبر الحكومة هذا المرشح وتترك ذاك, وكلهم في النهاية سيقولون بصوت رخيم: “آمين”?

نعم, قد يكون هناك شراء أصوات, وقد يدفع بعض الأقطاب السياسيين والبرلمانيين والشخصيات التجارية من حر مالهم لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الناخبين, بهدف توسيع نطاق ورفع نسبة المشاركة, وهذا أمر محض نفسي أكثر منه ترجيحا لكفة مرشح على آخر, وقد يكون الغرض من دفع الأموال – إن صحت الشائعات – إضفاء مسحة شكلية على البرلمان, بقصد التنويع, وتعويض المجلس بسد النقص في مكوناته. وغير هذا, فلا سبب مقنع, أو حتى غير مقنع, يجعل للمال السياسي أثرا في هذه الانتخابات التكميلية… “بطلوا كذب, ولا تكبرون رؤوسكم, وتعيشون دور المناضل الذي تحاربه السلطة, فبالنهاية, صبه حقنه لبن”!

salehpen@hotmail.com

“السياسة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.