“نبي نعرف”!
قد يكون أكثر الموضوعات التي طرقتها منذ انتظامي الكتابة الصحافية, هو حق المواطن في الحصول على المعلومة من الجهات الحكومية. اهتممت بهذا الأمر كثيرا, لأنني كنت أتعب وأشقى في سعيي لدى الجهات الحكومية من أجل الحصول على معلومات ومستندات أعزز بها مقالاتي. وحين كنت مستشارا إعلاميا لرئيس مجلس الأمة, خضت صراعا مريرا مع ثلة من مسؤولي المجلس, ممن زرعوا في طريقي ألف عائق ومطب, لوأد فكرتي الداعية لإدراج برنامج الوثائق البرلمانية, على الموقع الإلكتروني للمجلس, والسماح للناس بالإطلاع عليه. وهو برنامج تم إنجازه بجهود جبارة, يشمل جميع الوثائق البرلمانية والأنشطة التشريعية والرقابية والسياسية, منذ المجلس التأسيسي وحتى آخر مجلس قائم.
الشاهد, أنه لولا الدعم المباشر من رئيس المجلس, ومؤازرة بعض المخلصين, لما رأى الناس هذا الأرشيف الوطني العظيم على الموقع الإلكتروني للمجلس, والذي كان حق الإطلاع عليه, يقتصر على(50)نائبا ونحو(30) موظفا, فقط لا غير. المضحك, أنني كنت أناضل لإدراج هذا البرنامج على “الويب سايت” من منطلق إيماني بحق حصول المواطن على المعلومة, بينما الآخرون, أصروا على حرمان المواطنين من أرشيفهم القومي الذي هو بالأساس ملك لهم, وتفننوا في عرقلة هذا المشروع, فقط حتى لا يتم تسجيله كإنجاز كبير باسم الرئيس علي الراشد… “شايفين الجهل على أصوله”؟
المهم, نعود إلى موضوعنا المتصل, فيوم أمس, نشرت الزميلة “الأنباء” دراسة رائعة أعدها نائب رئيس مجلس الدولة المصري, الخبير الدستوري الدكتور أحمد اللقاني, كانت بعنوان: “ضوابط حق المواطن في الحصول على المعلومات وفق القانون الدولي والكويتي”. وقد أسهب الدكتور اللقاني في تبيان أهمية حق حصول المواطن على المعلومات المودعة لدى الهيئات الحكومية, وأبدع حين وصف هذا الحق ب¯ “أوكسجين الديمقراطية”. وكيف أن السماح بالوصول إلى المعلومات, يُمكن الشعوب من التدقيق في أعمال الدولة, ويحد من إساءة الموظفين العموميين لسلطاتهم, ويكرس مبادئ سيادة القانون والشفافية والمحاسبة, ويجسد المشاركة الشعبية في الرقابة ومكافحة الفساد.
الدراسة مبدعة بحق, وأنصح الجميع بالإطلاع عليها والاستفادة مما ورد فيها من مقارنات ومقاربات. فمن المهم جدا, أن يعي المواطن أن الديمقراطية في بلادنا منقوصة ما لم يتح للجميع حق الإطلاع على المعلومات والمستندات والوثائق والعقود ومحاضر الاجتماعات في الهيئات الحكومية كافة, فيما عدا قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية, وما يتعلق بالشؤون الشخصية للأفراد, وما شابه من أمور يكفل القانون حماية سريتها. هذه القضية, ينبغي أن تكون مطلبا شعبيا مستحقا, ومهم أن تتحول إلى ورقة ضغط على المشرعين من أجل تبني وإقرار قانون متكامل يكفل لجميع المواطنين حق الإطلاع على المعلومات… ألسنا شركاء في الوطن؟ إذاَ, فنحن شركاء في المعلومة أيضا.
صالح الغنام
salehpen@hotmail.com
“السياسة”