أوقفوا تويتر قبل أن..!
هل يكفي ان نرفع أيدينا بالدعاء الى الله بأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان في وطننا الصغير، التي ما ان تخرج من بلد حتى تحيل حياة أهله الى جحيم مقيم، أم نرفق الدعاء بالجهد والعمل والأخذ بالأسباب.أقصد في كلامي هذا المغردين والمغردات في تويتر وغيره، الذين ركبوا قطار الحرب الطائفية الدائرة في سورية والعراق، واصطف كل منهم الى جوار طائفته، واستجمع كل ما يملك من طاقة وجهد كي ينفخ بكيره في النار فيزيدها اشتعالا، غير آبه بانعكاس ذلك على الوضع الحساس في بلدنا.المغردون والمغردات من كلتا الطائفتين لا يودون الاعتراف بأن الطرفين المتقاتلين في العراق منغمسان بالطائفية ومتشبعان بها الى أقصى حد، الى درجة ان كل ما يقوله رجال الدين الشيعة صحيح وغير قابل للخطأ أو البهتان بالنسبة لأتباعهم، وكل ما يقوله شيوخ السنة صحيح وغير قابل للكذب بالنسبة لأتباعهم أيضا، والاثنان عاجزان عن استخدام ميزان العقل في قياس الأمور، ومقياس العاطفة هو الحاضر على الدوام، ما يعني المزيد من الاقتتال والكثير من الضحايا.المغردون الشيعة لا يعترفون بأن سياسات المالكي المتطرفة مع السنة في العراق وامتهانهم واضطهادهم هو ما دفع العشائر السنية الى الوقوف مع المجرمين من داعش معتبرين ان نار داعش أهون عليهم من نار المالكي، ولو أنه قام بترميم ما بينه وبين أبناء شعبه من السنة، ومد جسور التفاهم والتعاون معهم منذ ان أمسك برقبة العراق، لما مرت بلده بذلك الوضع المخيف والمزري.المغردون السنة، أقصد المتطرفين منهم بالطبع، تناسوا كل تعاليم الاسلام، وألقوا خلف ظهورهم كل التعاليم التي لا تجد بأسا في اختلاف المذاهب والأديان والأفكار، وعدم افتئات فئة على أخرى بسبب ذلك، وعدم فرض العبادات فرضا على الناس، وأن كل انسان مسؤول عن عمله أمام الله، وأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، ووقفوا الى جانب مجرمين ارهابيين، نصّبوا أنفسهم قضاة على البشر، وانطلقوا يصطادونهم، ويحاكمونهم، ويحكمون عليهم بالاعدام، ثم ينفذون الحكم فورا وبلا تردد، وأيضا بلا انسانية.المالكي يقتل السنة ويجد من يقف معه ويشكره، وداعش يقتل الشيعة والسنة معا، وأيضا يجد من يقف معه ويشكره، وكلا الطرفين موجودون بيننا، ويحملون جنسيتنا، ويهددون باصطفافهم هذا سلامتنا وأمن بلدنا.بالتالي نحن ندعو عبر تلك المقالة الى ايقاف خدمة تويتر وفيس بوك مؤقتا عن الكويت لكي لا يستمر ذلك الاقتتال الكلامي بين الكويتيين فتتصاعد الأحداث، وتتفاقم الأمور الى ما يضرنا جميعا، خاصة وبيننا من البشر من تغلب عليه العاطفة فتعميه عن رؤية درب السلامة.كلامي هذا سيعترض عليه كثيرون جدا خاصة من مستخدمي تلك الخدمة، ولكني لا أعتبر ذلك مهمَا، فالمثل يقول اذا وصل الموس الى لحية جارك فتحسس لحيتك، ولا أظن أحدا منا يتمنى ان تنتقل النار المتأججة هناك الينا، لنجد أنفسنا مرة أخرى مشتتون بين البلاد.
عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw
“الوطن”