مقالات

إعلان «الديوان».. دعوة حق يراد بها باطل!!

بدأت السلطتان التنفيذية والتشريعية معاً البحث في مخارج من الأزمة المستعصية في الكويت، وهي المخارج التي لا ندري أين كانت عندما كانت السلطتان تدافعان معاً ضد كل من ينتقدها، بالقول بان كل ما يثار من اتهامات ومؤامرات انما هو أمر مفبرك ومزور وغير صحيح بالمرة!.

البداية الآن – للبحث عن مخارج – تأتي من ديوان المحاسبة حيث نشر لأول مرة وفي سابقة غريبة أمس اعلاناً مدفوع الثمن في كل الصحف يعتبر دعوة حق يراد بها باطل، يدعو فيه المواطنين الى تقديم أي مستندات او وثائق او أي اوراق تتعلق بمعرفتهم بأي تحويلات مالية مشبوهة او قضايا فساد!!.

٭٭٭

والمضحك في الأمر ان ديوان المحاسبة أعلن كذلك عن انه سيفعل ذلك مستعيناً بأي (مؤسسة مالية عالمية متخصصة يختارها رئيس الديوان أو يقترحها أي مواطن)!!.

منذ متى كان هذا من عمل الديوان؟ ومنذ متى يقوم بهذا الاعلان؟ وأي عبث هذا وما هذا الشيء المضحك الذي قام به؟! وهل نسي ديوان المحاسبة كتابه الذي أرسله في السابق لرئيس مجلس الأمة يبين فيه انه لا يستطيع ان ينظر في أي وثائق أو امور تتعلق بالاستثمارات الخارجية وان يتتبعها مستنداً في ذلك الى نص المادة 25 من القانون رقم (30) لسنة 1964 في شأن انشاء ديوان المحاسبة والتي «أكدت عدم اختصاص الديوان بأعمال التحقيق ذلك أنه مهامه تنحصر في التفتيش والفحص والمراجعة، في حين ان «التحقيق» هو اختصاص أصيل للنيابة العامة دون غيرها، فهي وحدها من تقوم بأعمال التحقيق وفقاً لنص المادة رقم (9) من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية رقم (17) لسنة 1960 والمادة رقم (50) من قانون حماية الأموال العامة رقم (1) لسنة 93، ومن ثم فانه لا يجوز للديوان مباشرة هذا الاختصاص لمخالفة ذلك لقانون انشائه وكذا للأحكام والقوانين المعمول بها في الدولة»!!.

٭٭٭

لقد اتخذ ديوان المحاسبة موقفه السابق الواضح هذا، في قضية كانت تهم الكويت كلها آنذاك، أما اليوم فانه اتخذ موقفاً مغايراً.. ذلك لأنه في اعتقادي ان هذه القضية تهم أولاً رئيس مجلس الأمة والذي يعتبر اليوم رئيساً غير حيادي خصوصاً في هذه القضية بالذات!!، فضلاً عن ان رئيس المجلس نفسه هو من يختار رئيس ديوان المحاسبة!!.

اليوم يأتي رئيس مجلس الأمة ليكلف ديوان المحاسبة الذي هو تابع له (وتحت امرته) ليكلفه بهذه المهمة الخطيرة في هذا الظرف الخطير، ولعله سيكون من المخجل ان يعد ديوان المحاسبة على أثر تقريراً مفصلاً ومدعماً بالمستندات بنتائج الفحص والمراجعة وينشر في الصحافة اليومية ويقدم الى مجلس الأمة والى الحكومة.. كما ذكر في اعلانه الغريب والعجيب!!.

٭٭٭

دعونا نتوقف عند هذه الجزئية، فاليوم أي مواطن يتكلم عن هذه القضية فان جميع الصحف لا تنشر له رأيه، فكيف سينشر اذن؟! وكيف ستنشر الصحف نتيجة ما يتوصل اليه الديوان، خاصة اذا ثبت له ان هناك جريمة وان هناك وراء الأكمة ما وراءها؟ او ان هناك شبهات؟! كيف ستنشره الصحف وهي تعرف مسبقاً أنه سيتم اغلاقها؟!.

فأي كلام واي هراء هذا الذي قرأناه في اعلان ديوان المحاسبة؟ ألم يروا كيف سارت الامور خلال الستة شهور الماضية؟ ألا يعني هذا انه اذا كان الأمر يتناسب مع أهواء ورغبات المتهمين فان الصحف سيمكنها ان تنشر، وأما اذا كان غير ذلك وضد هؤلاء فسيتم اغلاق هذه الصحف اذا نشرت؟.

٭٭٭

ثم يأتي ديوان المحاسبة ويقول في بيانه (اذا ظهر من الفحص شبهة ارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون يكون لرئيس الديوان وأي مواطن ابلاغ النيابة العامة لاتخاذ اجراءاتها القضائية في شأنها).

أليس هذا الكلام مضحكاً؟ منذ متى اخذ ديوان المحاسبة الصفة القضائية؟! أليس لدى الديوان عمل آخر هو من صميم عمله، أليس ما يحدث في وزارات الدولة مما يزكم الأنوف من تجاوزات ومن تعد على مال عام ومن سرقات ومن أخذ اموال بدون حق ومن تدليس ومن ممارسات أجدى الى الدفع بهذه المؤسسات المتجاوزة الى النيابة؟ ولماذا لم يقم ديوان المحاسبة بذلك؟ وكيف يقوم بهذا العمل بينما يقوم بعمل آخر لا نعرف وفق أي بند واي صفة يقوم به!!.

٭٭٭

ثم انه اذا كان على ديوان المحاسبة الكثير من علامات الاستفهام وقد سبق ان نشر الكثير عن تجاوزات كثيرة فيه، فانه في رأينا ليس الا دعوة حق يراد بها باطل وبالأساس في هذه القضايا بالذات!.

نحن لا نثق بالسلطتين، لا السلطة التنفيذية التي عمدت الى اخفاء كل الحقائق على مدى 6 شهور مضت، وقامت بتكميم الأفواه، ولا بمجلس الامة ورئيسه خصوصا من سعى وأتباعه بكل ما أوتوا من سلطة لاخفاء الحقائق ورفض كل توجه لاظهارها، ويقيناً فان من فعلوا ذلك في هذه القضايا لم يبّروا بقسمهم، لا بالمحافظة على المال ولا بالمحافظة على نظام الحكم ولا بالمحافظة على الحريات، ورغم الضغط الشعبي الهائل يأتي رئيس المجلس ليبحث عن مخرج اخر لأزمته بهذه الطريقة وباستخدام سلطة أخرى!!.

٭٭٭

رسالتي الى الشعب الكويتي.. اذا كان هناك شعب حي يستقرئ ويستنبط فان كل ما جرى يفرض علينا ألا نقبل بأي حال من الاحوال الا ان تكون هناك لجنة محايدة خارج اطار السلطات الثلاث هي وحدها التي تبحث في الموضوع، وكل ما تردد وكل ما قيل فيه، اما كل ما عدا ذلك من اجراءات فانني أعلن ان مؤسسة الفساد والدولة العميقة هي من ستنتصر في النهاية والله من وراء القصد!!.

.. والعبرة لمن يتعظ!!.

منى العياف

alayyaf63@yahoo.com

twitter@munaalayyaf

“الوطن”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.