السفير بحر العلوم يشيد بالتطور المميز والايجابي للعلاقات العراقية – الكويتية
أشاد سفير جمهورية العراق لدى البلاد محمد حسين بحر العلوم بالتطور “المميز والايجابي” للعلاقات الكويتية – العراقية وتعاون البلدين لطي صفحة الماضي بهدف الوصول الى الاستقرار المنشود من الجانبين. واكد السفير بحر العلوم في لقاء مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) بمناسبة الذكرى العاشرة لعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ان ما تم اتخاذه من خطوات بين البلدين في غضون السنوات العشر الاخيرة ولاسيما في السنوات الثلاث الاخيرة “كان طفرة مميزة وقفزة نوعية” في العلاقة الثنائية. وقال ان العلاقات بين البلدين “مرت بانتكاسة كبيرة جدا من جراء الغزو الصدامي للكويت العزيزة” داعيا الى ان يتجاوز البلدان استحقاقاتها واسقاطاتها لاسيما انها تمس شعور الانسان العراقي لالتصاق كلمة المحتل بهذا الشعب وهو بريء من ذلك العمل.
واضاف ان جريمة الغزو “هي جريمة رجل نسي وتجاوز كل علاقات الاخوة العربية والجيرة والصداقة والمودة ورماها خلف ظهره بغزوه هذا البلد” مبينا ان ذلك “ليس من شيم الاسلام والعروبة ولا من شيم العراقيين واخلاقهم وعاداتهم وطباعهم”. وذكر ان البلدين بدأا بعد 24 عاما من الغزو الصدامي “بهمة القيادات الناضجة الحكيمة الواعية بطي صفحة الماضي وتجاوزها والتسامي فوق الجراح والعبور الى ضفة الاستقرار والامان والعلاقات الطيبة” مبينا ان هذا هو الاساس التي استندت اليه العلاقة العراقية – الكويتية واتخذته ارضية صلبة للعودة الى الوضع الايجابي الحالي.
واشار الى مشاركة الكويت للعراق في التخلص من براثن النظام الصدامي ودورها في ان يتنفس الشعب العراقي الصعداء ونسيم الحرية والمستقبل الايجابي.
وتطرق الى خطوات البلدين الطيبة التي اتسمت بالعزيمة والاصرار لطي صفحة الماضي والدخول في تاريخ جديد تحدده العلاقات الاخوية الطيبة وسيادة البلدين والاعتراف بكرامة البلدين والشعبين بدءا بتبادل واعادة العلاقات الدبلوماسية بين الكويت والعراق.
واوضح في السياق ذاته ان هذه الخطوة كانت علامة بارزة في بدء البلدين مسيرتهما الايجابية في بناء العلاقة لافتا الى ان البلدين اتخذا خطوات ايجابية كبيرة في نسج جسور الثقة بينهما من خلال زيارات المسؤولين العراقيين للكويت لتقديم الشكر لها على دعم العراق وعودته الى المحافل الدولية.
واستذكر الموقف “التاريخي” لدولة الكويت في اجتماع جامعة الدول العربية عام 2003 عندما طرح موضوع مناقشة عودة العراق الى الجامعة حين دخل وزير الخارجية السابق الشيخ محمد صباح السالم الصباح الى قاعة الاجتماع يدا بيد مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري .
وقال ان هذا الموقف مثل لوحة تاريخية تدل على ان الكويت امسكت بزمام مبادرة اعادة العراق الى حضن الامة العربية ودعمها واصرارها على هذه العودة لما للعراق من اهمية في المنطقة مشيرا الى ان وقوف الكويت الى جانب العراق في جميع المحافل الدولية كان له صدى ايجابي كبير.
واشاد بحر العلوم بموقف سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح التاريخي في قمة جامعة الدول العربية التي عقدت في مدينة سرت الليبية حين اكد على حق العراق في استضافة القمة العربية (التي تليها) عام 2012 والتي اصر سموه على الحضور والمشاركة فيها.
واكد ان زيارة سمو امير البلاد التاريخية الى بغداد اعطت مؤشرا على عزم القيادة الكويتية على عودة العلاقات الثنائية وكانت دلالة واضحة على عزيمة سموه على تسجيل هذه الزيارة تاريخيا.
وشدد على اهمية زيارات كبار المسؤولين العراقيين الى الكويت لاسيما زيارات الرئيس العراقي جلال الطالباني ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي “والتي كان لها وقع كبير وساهمت كثيرا في تقريب القلوب والافكار” منوها كذلك بزيارات سمو الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح سمو رئيس مجلس الوزراء وسمو الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح حين كان رئيسا للوزراء الى بغداد.
واوضح ان تبادل زيارات الوفود الرسمية بين البلدين لبحث جميع النقاط التي كانت موضع توقف من اجل دراستها نتج عنه اتفاق على انشاء اللجنة المشتركة “وهي خطوة مثلت حجر الاساس في انطلاق العلاقة بين البلدين”. وقال ان الاجتماع الاول للجنة المشتركة الذي عقد في الكويت عام (2012) مثل بداية وضع النقاط على الحروف مشيرا الى ان اللجنة اهتمت بوضع العديد من النقاط على جدول اعمالها لبحثها وتأليف لجان مشتركة بين البلدين وتطويرها سعيا لحلها.
واضاف ان اجتماع اللجنة المشتركة في دورتها الثانية الذي عقد في بغداد كان تكملة لاجتماعات الدورة الاولى وتهيئة لوضع نصوص اتفاقيات جديدة في مختلف المجالات بين البلدين ووقع خلالها على عدد من الاتفاقيات .
وذكر ان اجتماعات الدورة الثالثة للجنة العليا المشتركة عقدت في الكويت في ديسمبر الماضي واستكملت خلالها النقاط الاولى المتوقفة في الاجتماعات السابقة مبينا ان الجانبين وقعا على اتفاقيتين في مجال التعاون السياحي وتشجيع الاستثمار.
وافاد بأن اجتماعات هذه اللجان تؤكد عزم الحكومتين على تطوير العلاقات بينهما مشيرا الى ان الحكومة العراقية سعت بكل اخلاص وجدية لتأكيد التزام العراق بكل القوانين الدولية التي كانت استحقاقا لنتائج الغزو الصدامي.
وعن ابرز القضايا التي احتاجت للحل بعد الغزو الصدامي اوضح بحر العلوم ان العراق هي الدولة الوحيدة التي تميزت ب70 قرارا دوليا فرض عليها نتيجة الغزو والسياسات المصاحبة له ومن ضمنها قسم كبير تحت احكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة منها ثلاثة قرارات خاصة بالحالة الكويتية العراقية وهي قرارات الحدود والتعويضات وثالث خاص بالاسرى والمفقودين والممتلكات الكويتية.
وبين ان اهم هذه القرارات هو قرار الحدود لاسيما الفقرة المتعلقة باستكمال صيانة العلامات الحدودية وهي المرحلة الثالثة من مراحل ترسيم الحدود بين البلدين لافتا الى الاجتماعات المكثفة التي عقدت بين الجانبين لوضع الاسس وتطبيق المرحلة الثالثة من الترسيم باشراف فريق متخصص من الامم المتحدة ومرافقة وفدين فنيين من الكويت والعراق.
وقال ان الفريق الاممي بدأ اعماله مطلع عام 2012 وحدد له جدول زمني وعلى اثره تمت صيانة جميع العلامات الحدودية من العلامة رقم (1) الى العلامة رقم (106) مضيفا انه على ضوئها واكمالها اعلنت الامم المتحدة التنفيذ الكامل لقرار الحدود الاممي واتمام العراق الكامل لهذا القرار وما تعلق به.
واضاف ان هذا “العمل التاريخي الكبير باستكمال هذه الخطوة المهمة اعتبر حجر الاساس في بناء مستقبل علاقات واضحة المعالم بين الكويت والعراق” مؤكدا ان العراق اثبت النوايا الطيبة والايجابية تجاه الجار الكويت والمجتمع الدولي وعزمه وتصميمه على احترام جيرانه من خلال احترامه وتطبيقه الكامل لهذا القرار الدولي.
وافاد بحر العلوم بأن وضع أي بلد تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة يعني ان هذا البلد يمثل تهديدا للامن والسلم الدوليين وهو ما يقيد حركة البلد والتطور والتنمية والتبادل المالي وكل شيء فيه.
وعن القرار الدولي الخاص بالتعويضات ذكر ان مجلس الامن الدولي اقر تعويض الكويت من جراء الخسائر التي منيت بها وتعويض المتضررين من مواطنين ومقيمين خلال فترة الغزو مضيفا انه تم تشكيل لجنة الامم المتحدة للتعويضات عام 1994 وعلى ضوئها “فرض على العراق تسديد مبلغ 52 مليار دولار نتيجة لهذا الغزو”. وقال ان المبلغ المتبقي على العراق اليوم هو حوالي تسعة مليارات دولار من اجمالي المبلغ (52 مليارا) مضيفا ان العراق يدفع حاليا ” حوالي مليار وربع المليار كل ثلاثة اشهر لدولة الكويت وعلى هذا المنوال سيسدد العراق في عام 2015 المبلغ كاملا وهو ما يعني خروج العراق مما يفرضه عليه هذا القرار من احكام الفصل السابع”. وفيما يتعلق بموضوع الاسرى والمفقودين الكويتيين والممتلكات الكويتية اوضح ان القرار الدولي بهذا الشأن ينص على ان على العراق العمل الجاد لارجاع المفقودين والاسرى الذين فقد اثرهم وعددهم حوال (605) من كويتيين وغير كويتيين وهو الامر الذي حتم على العراق البحث عنهم وتسليم رفاتهم الى دولة الكويت. وافاد بأنه نتيجة لتعاون البلدين الايجابي وتشكيل لجنة بينهما تحت اشراف اللجنة الدولية للصليب الاحمر تم العثور على حوالي 247 رفات لهؤلاء الاسرى مؤكدا ان العراق اثبت تعاونه الايجابي الكبير في هذا الصدد من خلال التعامل مع كل المعلومات التي ترد له سواء من داخل العراق او الكويت او اللجنة الدولية. وذكر ان المسؤول عن هذه القضية هو رأس النظام صدام حسين وقلة محدودة من المحيطين به لهذا ندرت المعلومات حول هؤلاء المفقودين مبينا ان الجهد كان كبيرا للحصول على المعلومة الحقيقية في هذا الملف.
واضاف ان العراق خصص لجنة خاصة في وزارة حقوق الانسان للقيام بهذا الجهد وابعاده عن كل الملفات السياسية لكونه ملفا انسانيا.
وقال بحر العلوم ان العراق اكتوى بهذه النقطة كما الشعب الكويتي في فقدانه لهؤلاء الاسرى حيث غيب الالاف من العراقيين الذين اخفى اثرهم النظام لافتا الى ان العراق يعثر كل فترة على مقبرة جماعية لهؤلاء المغيبين.
وذكر ان جدية العراق وتعاونها الايجابي مع الكويت في هذا الملف سهل نقله ليكون ملفا ثنائيا بين البلدين وتحت اشراف بعثة الامم المتحدة في العراق (يونامي) موضحا ان هذا الانتقال “كان يعني اخراج الملف من احكام الفصل السابع الى الفصل السادس من ميثاق الامم المتحدة وهو ما مثل خطوة مهمة جدا ونصرا للعلاقات العراقية – الكويتية”.
وعن الممتلكات الكويتية المفقودة بعد الغزو الصدامي اوضح بحر العلوم ان هناك مسروقات ومحفوظات وطنية كويتية يجب على العراق ارجاعها مبينا أن الحكومة العراقية وجهت عبر وسائل الاعلام دعوة لجميع العراقيين افرادا ووزارات ومؤسسات لكل من يعثر على ممتلكات كويتية ان يتقدم بها الى السلطات العراقية لاعادتها الى دولة الكويت.
وقال بحر العلوم ان هذه الدعوة لاقت تجاوبا كبيرا من العراقيين بإرجاعهم كل ما يجدونه من ممتلكات كويتية الى وزارة الخارجية العراقية والتي بدورها تسلمها الى وزارة الخارجية الكويتية. واوضح انه في اخر جولة لتسليم الكويت ممتلكاتها اعادت فيها العراق قبل حوالي اسبوعين 4500 كتاب تعود الى جامعة الكويت ومؤسسات كويتية اخرى و3 لوحات فنية ثمينة للفنان (بيكاسو) يبدو انها مسروقة من متحف الكويت الوطني وآنية نحاسية كبيرة تم تسلمها من اصحاب العلاقة في المتحف ووزارة الاعلام. واشار في هذا الصدد الى جهود وزارة التعليم العالي في بغداد مع الجامعات العراقية وجمعها لحوالي 100 الف كتاب عائدة لدولة الكويت سيتم ترتيبها وجردها في بغداد وتسليها للكويت في الجولات المقبلة. وأكد بحر العلوم جدية العراق في بذل اقصى الجهود في سبيل العثور على هذه الممتلكات واعادتها الى اصحابها رغبة في وتعزيز الاواصر وتقريب الجسور والقلوب بين البلدين.
وعن حل القضية بين مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية ونظيرتها العراقية قال ان القضية كانت قانونية وطالبت من خلالها مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية بتعويض المؤسسة العراقية لها بمبلغ 500 مليون دولار وفقا لقرار محكمة بريطانية.
وذكر ان هذا المبلغ سدد بكامله لمؤسسة الخطوط الجوية الكويتية نتيجة للتعاون الجاد بين البلدين وفي مقابله اسقطت الخطوط الكويتية جميع المطالبات القانونية المستحقة على الخطوط العراقية “وهذه من اهم الامور التي ساعدت على تطور العلاقة بين البلدين”. واضاف ان المجتمع الدولي شهد تطور هذه العلاقة بين البلدين لاسيما في خضم المشكلات التي تمر بها المنطقة فكان هذا محط اعجاب وتقدير المجتمع الدولي لتمكن العراق والكويت من نسج خريطة طريق لعلاقتهما تمثلت في احراز تطور وتقدم كبير لها معربا عن الامل في ان يشمل هذا التطور كل المجالات ولا يقتصر على المجال السياسي.
وكان تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة قد تمكن في فبراير 1991 من تحرير دولة الكويت من براثن الغزو الصدامي لاراضيها الذي حدث في الثاني من اغسطس عام 1990.