مقالات

نعم سموك.. الكويت عصية

صدق توقعي وحدسي!.

نعم صدق، فعندما علمت ان سموه حفظه الله، سوف يتحدث الى شعبه يوم الأربعاء 25 يونيو، توقعت ان يكون حديثه حديثاً من نوع خاص.. فسموه لم يعتد ان يتحدث الينا ونحن على مشارف شهر رمضان، الذي اعتاد سموه فيه ان يوجه كلمته الينا، في العشر الأواخر.

صدق توقعي.. وقال سمو الأمير كلمته.. وقوله الفصل في القضية التي تشغلنا منذ فترة، والتي أرقت حياتنا ومضاجعنا، وجعلتنا لا نهدأ ونحن نبحث عن الحقيقة، في أي ظرف وفي أي وقت واي مكان.

٭٭٭

حملت كلمات سمو الأمير الغالي رسالة مهمة واضحة الى شعبه، الذي اعتاد ان يجد سموه دائماً معه في السراء وفي الضراء، تحدث سموه ليطمئن النفوس ويرسم ملامح القادم من الأيام، في ظل رؤيته الحكيمة، والتي تعودنا ان تظهر بجلاء ووضوح في أوقات المحن والشدائد. والحقيقة أننا جميعاً كنا نقف «محبوسي الأنفس» ننتظر من ولي أمرنا ان يقول كلمته، فقد عانينا شهوراً طويلة من قضية مفزعة في تفاصيلها وتجسد معاني الفساد بأشكاله وهي تعتبر ترجمة حقيقية وانعكاساً صارخاً لحالة التسيب المتفشية منذ زمن بعيد، والتي تقاعست الحكومة بالتعاون مع مجلس الأمة ولشهور طويلة في النهوض بمسؤولياتها حيال التحقيق في هذا الملف وايجاد حل جذري له، فلقد عملا لشهور طويلة على اغلاق هذا الملف وهو ما أثار في نفوسنا الريبة حيث استخدما كل السلطات الخاضعة لهم، والمؤتمرة بأمرهم ولكن بعد كلمة ولي الأمر هيهات، فقد وضع الجميع امام مسؤولياتهم التاريخية.

٭٭٭

عندما استمعت الى خطاب صاحب السمو وجدته يرسم لنا الخريطة التي سنسير عليها قدماً لكي تطمئن نفوسنا، فبعد كل السجال الذي حدث في الأيام السابقة، شدد سموه على ان «ما شهدته البلاد أخيراً من توتر ولغط وسجال وادعاءات حول وقائع تشكل ان صحت جرائم خطيرة لا يمكن السكوت عليها او التهاون بشأنها لأنها – وأقول ان صحت – تهدد امن الوطن ودستور الدولة ومؤسساتها وسلطاتها العامة وتمس القضاء المشهود له بالنزاهة والأمانة».

نعم سموك.. نحن جميعنا نتفق معك، فقد حددت مواضع الخطر والأمل تماماً ولهذا كنا دائماً ندفع بأن الحقائق لا يمكن طمسها أو تسويفها وقلنا ان ما حدث ويحدث زادنا شكاً، لأننا كنا نريد الحقيقة ولا نهدف الى شيء آخر غيرها، ولكن بسبب تعامل رئيس الحكومة والمجلس تزايد اللغط وكثر السجال والتوتر لأن الادعاءات كما قلت سموك تشكل جرائم خطيرة جداً لا يقبل أحد من المواطنين التستر عليها.

٭٭٭

أثلجت صدورنا سموك بكلماتك وعندما قلت لنا بحسم جملة: (أؤكد لكم بانه لن يكون هناك أي تهاون او تساهل تجاه من يثبت ضلوعه في جرائم الاعتداء على المال العام أو التكسب غير المشروع أو غيرها من الجرائم) هتفنا كلنا من الأعماق بوركت وسلمت وللمجد عشت يا سمو الأمير.

هذا ما كنا ننتظره.. ألا يحدث تهاون مع أي أحد مهما كبرت مكانته بأن يضع نابه على جسد هذا الوطن المعطاء، فالجزاء من جنس العمل، فنحن نريد ان نبني وطناً نغرس في نفوس أبنائنا ان لهم فيه حقوقاً وعليهم تجاهه واجبات، وأن المال العام له حرمته واننا بدولة مؤسسات لا مجال لمصطلحات من نوع (عفا الله عما سلف) و(هذا ولدنا) وغيرها من الجمل التي ساهمت في ترهل الدولة وتراجعها!.

٭٭٭

ونحن نعلم منذ عقود طويلة، ان الكويت مستهدفة من الخارج بسبب ديموقراطيتها ودستورها والحريات الموجودة بها وهذا ما نحن نفتخر به أمام العالم كله، وقد مررنا بأحلك الظروف ومنذ سنوات قليلة أيضاً كادت ان تضيع بسبب ما حدث في الوطن العربي من ربيع عربي، ولكن نحن نعلم ايضاً ان وحدتنا الداخلية يجب ان يكون قوامها الاصلاح واختيار الأصلح لتولي المناصب بكل امانة وصدق غير مفرط أو ان يستغل منصبه لمصالحه الخاصة، فقد نبه النبي عليه الصلاة والسلام الى هذا عندما طلب أبوذر الغفاري – رضي الله عنه – ان يستعمله على بعض الأعمال فقال: (يا أبا ذر انك ضعيف، وانها امانة، وانها يوم القيامة خزي وندامة الا من اخذها بحقها، وأدى الذي عليه منها).

٭٭٭

نحن نحتاج كما قال صاحب السمو لنا الى «التكاتف والوقوف صفاً واحداً للنجاة من هذه الأخطار التي عصفت بمن كانوا أكثر قوة وأعز نفراً».

ونحن قادرون ان نقف صفاً واحداً وننجي انفسنا من المخاطر، عندما نجد رجالاً توضع في المكان المناسب أقوياء لا يخافون في الحق لومة لائم، أمناء على مصالح الشعب وأمواله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال «ان اعرابياً سأل النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الساعة؟ فقال: (اذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة) قال: وكيف اضاعتها؟ قال اذا وسد الأمر الى غير أهله فانتظر الساعة».

٭٭٭

أخيراً.. ان كلمة سمو الأمير حفظه الله ورعاه نبراس لنا، وقد اختتم سموه كلمته الأبوية الصادقة بقوله: «انني على يقين ثابت بأن كويتنا الغالية بأهلها الأوفياء عصية على كل من أراد بها سوءاً».

نعم سموك انها «عصية»، والعاقل من اتعظ بغيره، وهي مقولة اكدتها في خطابك السامي وأختم بها مقالي هذا.. والعبرة لمن يتعظ!!.

منى العياف

alayyaf63@yahoo.com

twitter@munaalayyaf

“الوطن”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.