قصف غزة.. ألعاب نارية!
حسن الهداد
لو فكرنا.. بعقل ومنطق وتجرد من سخافة التعصب الأعمى الذي زاد قبور المسلمين، وتساءلنا عن الأحداث الأخيرة التي اجتاحت منطقتنا العربية بمثلث؛ الحرية والكرامة والإصلاح، فما هي النتائج؟
قبل أن أتطرق للنتائج الدرامية التي أعدها المخرج الصهيوني، لابد أولاً أن نقول أهلاً وسهلاً.. بالحرية والكرامة والإصلاح، فمن الطبيعي أن أغلبية المتضررين من الظلم الواقع عليهم نتيجة انعدام مبدأ العدل والمساواة في بعض البلدان العربية سيقفون مع هذه الشعارات البراقة، لطالما أنها سهلت الاستخدام، ومضمارها قصير لانطلاق الحشود لتحقيق أهداف المثلث الإنساني.
ولكن المصيبة تأتي عندما تتضح الصورة بكافة ملامحها، وتؤكد أن هذه الشعارات ما هي إلا كلمة «حق يراد بها باطل»! شعارات تعلن باحتراف من قبل الآلة الإعلامية التي يقودها المخرج الصهيوني، الذي همه الوحيد نشر الفتنة والقتال بالوكالة بين أبناء الوطن الواحد والدين الواحد، من دون أن يشعر المغفلون الذين يهرولون عبثاً وراء المخطط القذر، من دون أدنى فكر يردعهم إلى الواقع الأخف ضرراً، وحتى تتضح الصورة بشكل أفضل.. سؤالي: لماذا العرب اليوم يتقاتلون باسم الدين؟! لماذا الانقسامات اليوم في منطقتنا جميعها تحولت إلى طائفية؟! هل هذا الشحن الطائفي الذي نعيشه جاء نتيجة صدفة؟!
بالتأكيد أن هناك طرفا مستفيدا من دمارنا، وتشويه صورة الإسلام والمسلمين أمام العالم، والمستفيد حتماً هو من دبر مخطط إشعال الحرب الطائفية مع حلفاء السوء في كل مكان، لإثارة الفوضى باسم الحرية، التي كانت نتائجها وخيمة لأبعد الحدود.. هل هناك أكثر من القتل ودمار الدول والتشريد والإرهاب والجوع والانهيار؟!
تعالوا لنرى ماذا قال وزير الدفاع الإسرائيلي.. قال «إن انتصارنا يكمن عندما نجعل الأعداء (يقصد العرب) يتقاتلون ويصفون بعضهم بعضا، ونحن نتفرج عليهم حتى نخرج بالنهاية رابحين»! وفعلاً هذا المشهد هو ما يحصل اليوم أمامنا، ولو شاهدنا أنفسنا فسنجد أن العرب انشغلوا بتناحر «سنة وشيعة»، أدى إلى نشر الكراهية بين الفريقين، وهذا ما أراده بنو صهيون، حتى أدركوا أن العرب المسلمين سيطهرون بعضهم بعضا لصالح إسرائيل!
البارحة.. المسلمون كانوا يتباكون بدموع تشكو بأن «غزة تحت القصف الصهيوني»، إلى متى نتباكى ونحن أساساً سبب معاناتنا وسبب ضعفنا! تأكدوا تماماً لطالما نتلذذ بقتل ونحر بعضنا بعضا، فالصهاينة سيعتبرون قصفهم لغزة مجرد ألعاب نارية لن يزعل منها العرب والمسلمون!.
إلى متى يستمر حالنا المريض.. ألسنتنا تحارب الصهاينة، وأسلحتنا تطلق الرصاص على صدور بعضنا تحت التكبير «الله أكبر» وكأن الجنة تنادينا! هل نحن أمة تستحق الانتصار، مادام البعض منا يشجع نحر الرقاب، وتهجير أهل الديار بحجج طائفية نتنة؟!.
هل تريدون النتائج النهائية.. حسب قراءتي المتواضعة للأحداث، استمرار الحرب الطائفية بشراسة، والمرحلة المقبلة «التقسيم»، وسيبدأ بالعراق من خلال استفتاء عام، وسيزداد التشدد الديني بالمنطقة، والصهاينة سيستمرون في خداعنا والضحك على غبائنا، ومخططهم مستمر، ولن يفشل إلا بحالة واحدة أن نتوحد، وهذه أمر في غاية الصعوبة مادامت ساحة العقول محتكرة من أصحاب المزاج المتعصب، وهؤلاء العقول فقط تعرف كيف تهرول إلى نشر الطائفية أكثر من الهرولة إلى فعل الخير ونشر المحبة والسلام.
وأخيرا أقول إن مثلث «الحرية والكرامة والإصلاح» بحاجة إلى ثقافة تحمل مقومات هذا الشعار، ولن يأتي بالفوضى ونشر الكراهية باسم الدين أبداً.
“الكويتية”