مقالات

الفساد مؤسسة عالمية.. لكن المفسدين ليسوا فوق القانون!!

أصبح الفساد عنواناً عريضاً في العالم كله.. بل أصبح أشبه بـ«مؤسسة عامة» موجودة في كل دول العالم.. ومعروف ان النفس البشرية «أمارة بالسوء» و«الفساد» نوع من تجليات النفس الامارة، وقد عرّف الإمام ابن القيم الفساد فقال: «النية هي القصد والعزم على فعل الشيء ومحلها القلب ولا تعلق لها باللسان» أي أن القلب هو مبعث السلوك والأخلاق لأي انسان فاسد، وهذا الفاسد لا يشعر بفساد عمله، لأنه وهو بطريقه لاقتراف الفساد انما يعبر عن ذاته واخلاقه، وقد بين لنا قرآننا العظيم نماذج كثيرة للفساد والفاسدين وحذرنا منهم وقد قال الله في محكم كتابه {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}، وهو أكل السحت وأكل اموال الناس بغير حق كالرشوة وغيرها، فقد قال الله في محكم كتابه {وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين}.

٭٭٭

فالفاسد موجود في كل دول العالم، لهذا انشئت جهات رقابية متعددة من برلمانات وهيئات لمكافحة الفساد وصحافة حرة تراقب وتتابع لذلك نسمع اجراءات مكافحة للفساد تطول شخصيات ذات اعتبارات وتتمتع بمكانة دولية وتحظى بمقام رفيع، لكن سيف العدالة يكون لها بالمرصاد على اخطائها.. لذلك تجد الشعوب الحية مطمئنة على حاضرها ومستقبلها، عندما تجد ان الجزاء يكون من جنس العمل ولا كبير او صغير فوق القانون.

بالأمس اهتزت الصحافة العالمية بخبر توقيف الرئيس الفرنسي (نيكولاساركوزي) وابقائه على ذمة التحقيق في قضية استغلال نفوذ، تمثلت في سعيه لدى قاض كبير للحصول على معلومات منه حول تحقيق يجريه هذا القاضي، على وعد منه ان يمنحه منصباً رفيعاً.

٭٭٭

وأيضاً اهتز المجتمع الأندونيسي والعالم معه، عندما قضت محكمة اندونيسية على الرئيس السابق للمحكمة الدستورية (عقيل مختار) بالسجن مدى الحياة بتهم تتعلق بالفساد وغسل الأموال والتلاعب بنتائج انتخابات محلية.. وقد تم القبض عليه متلبساً أثناء تلقيه 3 مليارات روبيه نقداً من إحدى الساسة واعترف بانه طلب المال مقابل ضمان اعادة انتخاب رئيس إحدى المقاطعات العام الماضي!!.

أيضاً عرف العالم كله فضيحة أخرى وقعت في شهر ديسمبر الماضي في تركيا.. كانت فضيحة فساد كبرى بكل المقاييس.. أذلت الحكومة التركية ورئيسها.. وأصدر المجلس الأعلى للقضاة والمدعين على خلفية هذه الفضيحة قراراً باقالة (166) قاضياً تركياً بسبب تورطهم في قضايا فساد.

وكذلك عوقب (600) من عناصر الشرطة بسبب فضائح مالية زكمت الأنوف.

٭٭٭

كذلك أقدمت المملكة العربية السعودية في العام الماضي على أعفاء (4) قضاة بسبب الفساد وارتكاب مخالفات وظيفية كان منها شبهة الحصول على رشاوى.

هكذا.. يتبين من كل ما سبق ان الفساد ليس له هوية وأنه موجود في كل أنحاء العالم لكن مواجهته تحتاج الى توجيه وحسم وتفعيل أدوات الجهات الرقابية وتأكيد انه لا أحد فوق القانون، وان أموال الشعب يجب ان يكون لها حرمة وانه مهما اعتلى السارق من مناصب، فالجميع سواسية امام القانون والدول التي تحترم شعوبها هي التي يكون شعارها: العدل هو أساس الملك، فلا نجزع ولا نخاف او نقول «هذا ولدنا»، و«عفى الله عما سلف»، او نعفو بزعم انه بلغ من العمر عتيا!!.

٭٭٭

لا أعتقد انه يجب ان نترك مثل هذه القدوة السيئة للأجيال القادمة، بل علينا ان نقدم قدوة أفضل وان نتطور في مواجهة الفساد أكثر صرامة واشد رقابة، وهذه الدول قد منحت هيئات مكافحة الفساد فيها وقانون من أين لك هذا؟ كل الصلاحيات.. نعم كل الصلاحيات.. تحقيقات مكثفة وشاملة وكاملة، وقوانين من دون ثغرات واستقلال قضاء لا يعرف محاباة أو تواطؤاً.. او ما شابه ذلك.

من هنا تتحقق العدالة وينام الوطن مطمئناً فالعدالة لها حراسها.

أتمنى ان تصل الرسالة «السابقة» كما هي.

٭٭٭

مسلم البراك.. لا أتصور ان قضية سب وقذف ترقى للحبس على ذمة التحقيق 10 أيام، وسبق ان تم حبس صاحب حساب «الا الدستور» على قضية سب وقذف أسبوعين، وتم تجديدهما أخيرا بعد ان غرد صاحب الحساب مرة ثانية أسبوعين آخرين.. السؤال ما هي مبررات الحجز، واذا كانت النيابة تملك حق الحجز، ولكن هذا الحق له شروط والنيابة هنا تبدو وكأنها استخدمت الحجز كعقوبة، وهذا فيه كلام آخر!!.

.. والعبرة لمن يتعظ!!.

منى العياف

alayyaf63@yahoo.com

twitter@munaalayyaf

“الوطن”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.