مقالات

الكويت.. أهم منا ومن الفزعات!

حسن الهداد

خلونا نحسبها بالعقل، بعيداً عن الفزعات المبنية على تقديس رموز السياسة، ونطرح تساؤلاً يتناسب مع الأحداث المؤسفة التي تمر بها الكويت في هذه الأيام، على خلفية حجز النائب السابق مسلم البراك.

ماذا تعني المعارضة؟! حسب مفهومي المتواضع أنها تعارض الفساد، من خلال طرح مشاريع إصلاحية بهدف تصحيح الاعوجاج، مع حرصها على احترام القانون والدستور، والحفاظ على أمن وسلامة البلد من أي عبث، وغير ذلك مرفوض مهما كانت المبررات، ولو كانت على حق، لأن الخطأ لا يعالج بخطأ فوضوي.

سؤالي الآخر.. هل ما يحدث اليوم من مسيرات في الشوارع، وإشعال النيران وممارسات فوضوية.. تعتبر ممارسة للحريات التي كفلها لنا الدستور؟! وهل هي معالجة للفساد؟!

أعلم جيداً مدى تعاطف البعض مع مسلم البراك، ولا بأس أن نتعاطف معه بأساليب لا تضر بالبلد، وهذا حق مشروع لا نختلف بشأنه، ولكن يجب أن يأتي هذا التعاطف بتعبير حضاري يزيد من أعداد المتعاطفين، ولا ينفرهم من أساليب لا ترتقي بمفهوم الإصلاح الحقيقي، وليس إصلاح «النص كم» الذي لانزال نعاني منه! فمن يسعى لمحاربة الفساد، ومهما كان حجم هذا الفساد، يفترض أنه لا يدخل البلد بأزمة لا تلد إلا عنفاً، ولا تأتي إلا بردة فعل مقابلها من قبل رجال الأمن.

هنا أود أن أتوقف عند تلك النقطة، على اعتبار أنني أتحفظ على أساليب ردة الفعل الأمنية لأنها ليست حلاً، ولن تعالج الخلل الحقيقي الذي فجر هذه الأحداث، فلابد أن تكون هناك وسائل أخرى من شأنها منع أي احتكاك مع المتظاهرين، ووفق منظوري كان يفترض التعامل مع الحدث قبل وقوعه، وخاصة أنها كانت متوقعة أصلاً منذ الإعلان عن حجز البراك.

فلو كان هناك بيان واضح قبل أي احتكاك أثناء الاحتجاجات يدعو المحتجين على حجز البراك أن يذهبوا إلى «ساحة الإرادة» ليعبروا عن رفضهم واحتجاجهم، بعيداً عن المناطق السكنية، وعن إغلاق الشوارع التي تضر مرتادي الطرق، وقد تعرقل وصول حالات مرضية طارئة للمستشفى لا ذنب لهم، كان أفضل من أي ردة فعل، ولو نظرنا إلى كل المعارضين وأتباعهم في الدول الديمقراطية نجد التزاما بتظاهراتهم في أماكن محددة، وغير ذلك يعتبرونهم خارجين عن القانون.

نعلم جيداً أن محاربة الفساد في كل بقاع الديمقراطيات لن تأتي بأساليب التحدي، الذي قد يغيب حقيقة القضية المستحقة، فمن لا يعرف أصول المعارضة ما عليه إلا أن يبتعد عن ساحتها، حتى لا يصور للمجتمع بأن كل معارض فوضوي، الأمر الذي قد يتسبب بكراهية لكل من يحتج على التجاوزات والفساد، وبعدها يصبح كل معارض منبوذا.

من الطبيعي أن ممارسات الاحتجاج الفوضوية ستجعل الفاسدين في موقف لا يحسد عليه! لماذا؟! باختصار لأنهم سينقلون صورة غير حقيقية، بأن أي معارض يعد منقلبا على أركان الدولة، وهذا التصرف دائماً يستفيد منه الفاسدون في معظم دول العالم، الأمر الذي يجعلهم في موقف قوي يملكون مبررات على فسادهم بتغطيتها بأحداث تمارس من قبل أشخاص لا يفقهون أبجديات العمل السياسي السليم.

كثير من الحقوق ضاعت نتيجة جهل أصحابها الذين لا يدركون كيفية التعامل مع الأحداث بحكمة وحنكة، والسبب أن أنصار رموز السياسيين لا يعارضون من أجل إصلاح وطن بقدر ما يمارسون تقديس الأشخاص، وكأن رموزهم معصومون عن الخطأ، وهذا الأمر دائماً يكون لصالح أطراف أخرى تستفيد من أساليب أتباع المعارضة التي لا تنتمي للإصلاح بصلة.

أختم بمقولة.. الكويت أهم منا جميعاً، والأمن والاستقرار مقدمان على كل الممارسات غير المسؤولة.. والمعارضة الصادقة دائماً تبني أركانها من أجل وطن، وليس فزعة لرموز سياسية.

“الكويتية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.