مقالات

قوائم القبيضة.. البيضاء

ما نعيشه في الكويت اليوم من حالات التشكيك والاتهام لأشخاص يعلم كل الشرفاء انها ناصعة بيضاء بياض اللبن في نواياها وتعاملها وسلوكها.. بالتأكيد هو سلوك ينم عن مرض نفسي ورغبة في اخراج ما في الجوف داخل ذلك الانسان المريض.

هذا الانسان الذي لا يرغب ولا يحب ابدا ان تزكم رائحة عفنة أنفه فقط.. بل هو يريد ان يشمها الآخرون.. ليعرفوا ان من امامهم جيفة لا تستحق حتى الالتفات اليها.

لا شك في ان كل واحد منا تعرض في يوم من الايام وفي مرحلة من حياته الى موقف صدم فيه من رد فعل او تصرف او موقف لانسان كان يرجو منه العكس.. وان من امامه صورة قبيحة وبشعة لمن دخلت يوما من الايام الى قلوبنا.

لا شك ايضا في ان من تفاجأنا بموقفه ورده كان في يوم من الايام يسكن مكانا في قلوبنا او يحتل حيزا من احترامنا أو يتحلى بموقع خاص في نفوسنا.. ولكن كل ذلك تزعزع وتخلخل لانه بان على حقيقته.

علينا ألا نلوم انفسنا لاننا اسأنا التقدير في هؤلاء.. لا، بل علينا ان نسعد اننا تخلصنا منهم ولفظناهم من مواقعهم الخاصة جدا في قلوبنا ونفوسنا وضمائرنا اليوم قبل الغد.. فهم لم يتغيروا مع الوقت.. بل الزمن هو الذي كشفهم على حقيقتهم.. عندما خضعوا لابسط امتحان.

هذا النوع من البشر يعتاش على الحاجة ويتلون وفق الظروف بالشكل الذي يكسبه ود الآخرين.. وما ان تتغير البيئة.. كالحرباء يتغير لون جلده ليتكيف مع الوضع الجديد.. فلم يعد يحتاج ان يبدو كما ترتاح انت.. لان صلاحيتك انتهت عنده.

اصعب شيء على الانسان ان يكون ملتزما وخطا مستقيما.. لا تغيره مواقف او حالات.. فهو كما هو.. امام الفقير وامام الغني.. امام الضعيف وامام القوي.. لان هذا يحتاج الى صراع مع النفس.. وغالبا وللاسف ما تنجح المؤثرات الخارجية والمغريات في التأثير والتغيير.

لذلك، فالفئة المتمسكة بمبادئها واخلاقياتها.. باتت اليوم قليلة ان لم تكن نادرة.. بل انها وللاسف اصبحت مصدر استخفاف واستهزاء بل تندر السواد الاعظم من الذين يكشفهم الزمن في ابسط امتحان يخضعون له، لان الزمن يكشفهم لهشاشة اخلاقياتهم.

تلك الفئة القليلة.. هي عظيمة وقيمة وذات تأثير بالغ في كل النفوس.. حتى الضعيفة وان لم تبد ذلك.. لخجلها من نفسها.. فالقامة العالية تبقى عالية مهما سار تحتها ضعفاء النفس مرضى المصالح.. والشعور بغرور باهت كبهتان ذاتهم وحقيقتهم.

ومهما تعددت قوائم القبيضة ومهما طالت او قصرت فمن المؤكد جداً ان من حشرت اسماؤهم فيها لتحقيق غاية معينة سيظلون علامات فارقة لا تخفى على احد.. وستظل هذه الاسماء رايات بيضاء تراها الاعين، وان احاط بها سواد النفوس وظلام النوايا.

إقبال الأحمد

Iqbalalahmed0@yahoo.com

Iqbalalahmed0@gmail.com

“القبس”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.