مقالات

الكويت لم تسمع.. وإنما يريدونها أن تقمع!!

تداولت الصحف خلال اليومين السابقين أنباء عن زيارات متعددة تمت أخيرا للقاء حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه، وهي عادة كريمة شببنا وجبلنا عليها، فلطالما كانت أبواب «أسرة الخير» دائماً مفتوحة للجميع.. وهذا ما يميزنا عن غيرنا من الدول الأخرى.. فالعلاقة بين الشعب وأسرة الحكم علاقة فريدة حقاً وينظمها دستور نحتكم اليه، وهو من يحدد اطار علاقة الحاكم بالمحكوم، وقد ارتضيناها عنواناً لكويتنا ولنا ولأولادنا منذ قرون، ولذلك لا عجب في حدوث تلك الزيارات، وان كانت مثار حديث الناس لكون المشهد السياسي مرتبكاً ولأن هذه الزيارات تعكس حالة القلق الحالية عند الناس، جراء ما حدث في الأيام السابقة من مسيرات وصدامات بين مواطنين ورجال الأمن، ولقد استمعت وقرأت كل ما كتب عبر وسائل الاعلام والتواصل المختلفة وجدت ان الجميع متفق على ضرورة تطبيق القانون، وخلال اللقاءات أيضاً أكدها سموه حفظه الله لمن التقاهم بقوله: «لن نسمح لأحد ان يعبث بأمن الكويت واستقراره».

٭٭٭

هذه الزيارات تذكرني بأحداث جرت في الكويت عندما «كادت ان تضيع» كما وصفها سموه في تلك الفترة التي حدثت فيها، فهنا يجب أن يتم طرح الأسباب الحقيقية وراء كل ما يحدث اليوم، فما زلت أقولها وأكررها ان حبس «مسلم» كان الشرارة التي ألهبت الساحة الكويتية، وأعود وأكرر بلا ملل ان الأداء الحكومي السيئ على مدى 3 سنوات تسبب في ان البلد «محلك سر» أي لا تطوير ولا انجاز يذكر وانما ستر مستمر لعوارات هذه الحكومة التي استنسخها رئيسها 7 مرات أو 7 حكومات، عبر العطايا والمزايا والهبات.. مثل عطايا الهيئة العامة للزراعة (جواخير ومزارع) لهذا ولذاك، ومحاباة للبعض ممثلة في تعيينات غير مستحقة ومنح اراضٍ صناعية، ووكالات تجارية، وعلاج مجاني بالخارج، الى غير ذلك من الهدايا والعطايا التي تستنزف موارد الدولة دون ان يواكبها انتاج او تعمير او تشييد او حتى طرق نسير عليها بدلاً من هذه الشوارع المتهالكة اليوم!!.

٭٭٭

كنت أتمنى ان يكون الحديث عن الأجيال القادمة ومصيرها وما هي خطة الدولة لها، اليوم يشكل الشباب ما يفوق %60 من التعداد السكاني، كيف استعدت الدولة لهؤلاء من جامعات ووظائف وبنية تحتية لزيادة العمران والاسكان ولكن عن أي شيء تتحدث في ظل حكومة ستر العوارات؟!!.

نعم نريد تطبيق القانون، ولكن الفساد أصبح عنوان المرحلة والرشاوى سائدة في أغلب مؤسسات الدولة، والمواطن يرى ويرصد، ليس بيده أي شيء لتغيير واقعه الا بانتفاضه يقوم بها من بيده الأمر من أجل ان تكون القيادات على قدر المسؤولية. نعم جميعنا مع تطبيق القانون، عندما نرى تلك الوفورات المالية الهائلة تترجم الى مشاريع حيوية، تلبي احتياجات المواطن وتشعره بأنه في دولة تحترم القانون على الكبير قبل الصغير.

٭٭٭

ولكن السؤال هل نطبق القانون قهراً وقسراً وتعسفاً؟ هل مطلوب منا ان نشجع الدولة على تطبيق القانون بهذه القوة؟ لا أعتقد ان ذلك جائز فكلنا أبناء هذا الوطن ولا يجوز ان نعمق الفرقة والتشرذم والانشقاق الذي نراه الآن بين أبناء الشعب الواحد (بفعل أسباب شرحناها سابقاً) ولا نريد ان تكون عصا القانون فقط، هي التي تطبق اليوم، بحيث ينسى الناس كل ما عدا ذلك من قوانين أخرى.. تلك التي اليوم ما عاد أحد يحترمها!!.

٭٭٭

ولعله من المضحك المبكي ان نجد فينا من ينادي اليوم بفرض الأحكام العرفية في البلاد!! والمخيف لو يجد هذا الحديث أصداء في بعض الأوساط، ولست أدري لماذا يريد هؤلاء للدولة ان تصطدم مع حتى مؤيديها باطلاق مثل هذه الدعوات التي تفتقر الى الحصافة والكياسة والسياسة.. بل هي لو تعملون «نصيحة مدمرة» لو تم الأخذ بها، وكأن الكويت تتعرض لغزو خارجي أو حتى اخلال داخلي لا تقوى على مواجهته، والأصعب في الموضوع ان تنتقل السلطة كلها الى السلطة التنفيذية هذه (العاجزة)، وستكون هي السلطة المطلقة في هذا الشأن (لكم ان تتخيلوا واقعنا كيف سيكون)، ويترتب على ذلك تعطيل بعض مواد الدستور المتعلقة بالحريات العامة (كالحرية الفردية وحرية الاقامة والانتقال وحرية الصحافة والتعبير عن الرأي والمراسلات وتشكيل محاكم خاصة من عناصر قضائية وعسكرية للفصل في حالة مخالفة أي أوامر وغيرها من الأمور)!.

٭٭٭

أهكذا تريدون لأحوالنا ولكويتنا؟ أهكذا تريدون ان تكون علاقة الحاكم والمحكوم محكومة بقوانين أشبه ما تكون بقوانين عسكرية صارمة، ولماذا؟!.

هذه دعوات صدام وشقاق وليست دعوات لم شمل وحل مشكلات، ولن تضع أيدينا على أصل المشاكل والعيوب والخلل، وانما سوف ستزيد من حماية وتعسف الحكومة وستعطي الحماية الكافية للفساد والمفسدين، فلم تعد هناك رقابة شعبية وكما هي التجارب الانسانية تؤكد ان العنف لا يولد الا العنف والكره، وسيكون عنوان المرحلة هو الفرقة بين أفراد الوطن الواحد، ولا أجد مناصاً من ان أكرر جملتي السابقة «الكويت لم تعد تسمع .. وهناك من يريدها أن تقمع»، فهل هذا ما تريدون أن يكون به الحال؟!.

.. والعبرة لمن يتعظ!!.

منى العياف

alayyaf63@yahoo.com

twitter@munaalayyaf

“الوطن”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.