الفوضى نهاية التاريخ لمنطقتنا!
سامي النصف
كانت الحرب العالمية الثانية التي حصدت 50 مليون ضحية اغلبهم من الشعوب الأوروبية بمثابة مباراة اعتزال وارتحال لإله الحرب مارس من محطة استقراره في اوروبا لقرون طوال الى منطقة الشرق الاوسط التي باتت منذ منتصف القرن الماضي محطة حروب الوكالة بين المعسكرين الشرقي والغربي، لذا شهدنا عدد حروب لا يعد ولا يحصى مثل حروب 48 و56 وحرب اليمن 62 و67 والاستنزاف والاردن 70 و73 ولبنان 75 و78 و82 والعراقية – الايرانية و90 و91 وحروب اليمنين و2003 و2006 وثورات وحروب الربيع العربي 2011 حتى اليوم وهذا غيض من فيض والقادم اعظم بكثير.
***
مع انتهاء الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي اوائل التسعينيات كتب المفكر د.فرانسيس فوكوياما كتابه الاشهر «نهاية التاريخ والانسان الاخير» عام 92 قال فيه ان الديموقراطية والليبرالية هما خيار الانسان الامثل والأخير معلنا انتهاء حقبة الصراع الايديولوجي الذي كان يتسبب في الحروب وهو ما كان سيفرض بالتبعية تصغير الجيوش والانفاق عليها لانتفاء الحاجة ولاختفاء الاعداء، الا ان المفكر د.صموئيل هانتغتون اتى في العام الذي يليه 93 بنظرية تبقي الصراع محتدما الى الابد لا على حدود الايديولوجيات التي يمكن سقوطها وتوقفها بل على خنادق الحضارات الباقية، فالحضارة الغربية في صراع دائم مع الحضارة الاسلامية التي ستستعين حسب كتابه «صراع الحضارات» بالارهاب كسلاح فاعل لها في حرب البقاء تلك، وبعدها هلت علينا تنظيمات القاعدة وبن لادن والزرقاوي والظواهري واحداث سبتمبر وداعش وفروخهم.
***
وتلا ذلك في منتصف التسعينيات صدور الكتاب الاشهر للمفكر د.زبيغنيو بريجنسكي المسمى «الفوضى على اعتاب القرن الواحد والعشرين» الذي تنبأ فيه قبل ما يقارب العقدين من الزمن بأن بدايات القرن الواحد والعشرين التي نعيشها حاليا ستشهد خلالها المنطقة الممتدة من غرب الصين الى شرق أوروبا، اي منطقتنا، فوضى عارمة وثورات شعبية وحروبا خارجية واهلية وانقسامات للدول قد تستخدم فيها حسب قوله الاسلحة النووية!
***
آخر محطة: 1- اذا كانت الديموقراطية السياسية والليبرالية الاقتصادية والرخاء والانماء نهاية التاريخ بالنسبة للشعوب الاخرى فالفوضى العارمة والانقسامات والحروب والثورات والخراب الاقتصادي وهدم المباني نهاية التاريخ لمنطقتنا لقرون قادمة.
2- ورضينا أم أبينا سيبقى إله الحرب مارس ضيفا ثقيلا على منطقتنا الى أجل غير مسمى يشرب كل يوم الدماء ويتغذى على الاشلاء ما دمنا نحكم عواطفنا لا عقولنا فيما نفعل!
samialnesf1@hotmail.com
salnesf@”الانباء”