مقالات

قتلوا “فلسطين” وبكوا في جنازة غزة!

راكان بن حثلين : القضية الفلسطينية قتلت منذ أسقطناها من أولوياتنا وأصبح البعض أداة تحقق لإسرائيل ماعجزت عنه.

راكان بن حثلين : بلغنا اليوم مرحلة ضعف وهوان جعلت خطوطنا الحمراء خضراء تحت تصرف الصهاينة.

راكان بن حثلين : ردود الفعل الخجولة على المجزرة التي تتعرض لها غزة اكبر دليل على حالة الوهن التي نعيشها

راكان بن حثلين : “غزة”وكل بقعة في الأرض الفلسطينية نحرت على مذبح التناحر الاسلامي – الاسلامي،

أكثر من مئة شهيد، ومئات الجرحى، حصيلة المذبحة التي تنفذها اسرائيل ضد شعبنا الفلسطيني في غزة، والى الآن لم ترتجف شعرة من «شنب» الفاتح صلاح الدين «الجديد»، المشغول هذه الأيام بتصفية حساباته في الجبهة الداخلية.

صلاح الدين «الجديد» سابق الزمن بالاتجاه العكسي، وعاد بالساعة الى الوراء، الى حيث يسود الجهل والتخلف، وتطغى لغة القتل وسفك الدماء على لغة العقل والمنطق، يهدم البناء ليعود الى «صفر الفناء».

صلاح الدين جعل أولوياته فرض السواد على كل بقعة أرض تقع تحت وطأة أقدام طلائع قواته الفاتحة، ونحر كل مخالف له في المذهب أو العقيدة أو حتى التوجه السياسي، وهدم كل معلم يدل على وجود حضارة في العالمين العربي والاسلامي، ونبش كل قبر يضم مخالفاً له في الفكر او التوجه.

صلاح الدين وضع نصب عينيه ابادة كل الجيوش العربية او ما يسميها بجيوش الطواغيت، وكسر كل شوكة كانت تشكل في يوم من الأيام تهديدا للكيان الصهيوني، في اليمن وسورية ومصر والعراق.

كل أرض عربية هي جبهة قتال، وكل دم مباح، والحلال والحرام ما يقرره صلاح الدين، ولا أمان اليوم الا لاسرائيل.

نعم اسرائيل.. اسرائيل التي لم تقتل من العرب والمسلمين بقدر ما قتلوا هم بأيديهم، ولم تسفك من دمائهم الا قطرة من بحر الدماء التي سفكت في ملحمة الطائفية والقتل على الهوية التي يقودها صلاح دين هذه الأيام، ولم تدمر بلدا ولا جيشا عربيا بقدر ما دمر العرب والمسلمون، ولم تظهر حقدا أو عداء كما يظهر العرب والمسلمون تجاه بعضهم الآن، بفعل اعلام مجير ومسخر لاشعال الفتن، وألسن وأفواه تتقن التلاعب بالمشاعر قبل الكلمات، وتفيض بأسوأ خطاب مر في التاريخ البشري.

«غزة» وكل بقعة في الأرض الفلسطينية نحرت على مذبح التناحر الاسلامي – الاسلامي، منذ أصبح الأخ يستجدي الغرب لتوجيه ضربة عسكرية لأخيه المسلم، ومنذ أصبح التمدد المذهبي والفكري أخطر من المخططات اليهودية لتدمير المسجد الأقصى، ومنذ أن أصبح الدعاء لحزب الله بالنصر على اسرائيل حرام، ومنذ أن أصبح قتال المسلمين فيما بينهم أولى من قتال الصهاينة.

قتلت القضية الفلسطينية منذ أن أسقطناها من أولوياتنا، وأصبح البعض من أبناء جلدتنا – بتعمد أو بغباء أداة تحقق لاسرائيل في سنوات قليلة ما عجزت عن تحقيقه على مدى عقود طويلة، وتكسر كل ناب كنا نكشر به في وجه اسرائيل كلما أقدمت على جريمة بحق اخواننا الفلسطينيين، الى ان بلغنا اليوم مرحلة من الضعف والوهن والهوان، جعلت كل خطوطنا الحمراء خضراء تحت تصرف الصهاينة.

وأكبر دليل على حالة الوهن التي نعيشها اليوم، ردود الفعل الخجولة على المجزرة البشعة التي يتعرض لها أهلنا في غزة، تجمعات هزيلة، وخطابات وبيانات شجب واستنكار مستهلكة، ومواقف من هنا وهناك لابراء الذمة، ومظاهر تزول قريبا دون ان تترك ندبة واحدة على خد مجندة اسرائيلية.

المؤسف في الأمر ليس فقط ما يحصل للأخوة في فلسطين، وسحق الكرامة العربية على الأرض المقدسة، بل ان المؤسف ما نشهده من سحق للعقول باسم القومية العربية، وباسم الدين، فمن كانوا السبب في قتل القضية الفلسطينية، ها هم يتقدمون الباكين في جنازة «غزة»، ويتصدرون التجمعات المنددة بالعدوان الاسرائيلي، ويتباكون على دماء هم أرخصوا سفك أضعافها، ولكن.. بأياد عربية ومسلمة.

هؤلاء أنفسهم يسارعون في توجيه الاتهامات بالتقاعس والتخاذل والتواطؤ للحكومات العربية، بينما الواقع أنهم الأقرب الى التواطؤ، بل والعمالة أيضا، ولو كانت هناك حكومات على قدر المسؤولية لحاكمتهم بتهم الخيانة، ولنصبت لهم المشانق في الطرقات والميادين ليكونوا عبرة للأجيال التي نتوسم ان تحمل لنا في يوم من الأيام صلاح دين حقيقياً، يحقق لنا النصر والفتح الذي يحلم به كل مسلم وعربي، وليس «خراباً» يدعي الصلاح.

راكان بن حثلين

“النهار”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.