مقالات

الجرف الصامد!

صالح الغنام

حتى وإن كانت حركة “حماس” هي البادئة, وهي من سعى إلى “جر شَكَل” مع الكيان الصهيوني, تماما كما فعل “حزب الله” حين استدرج الصهاينة لضرب وتدمير لبنان في يونيو .2006 فلا يمكن أن يكون هذا مبررا للمجازر البشعة التي تقترفها أيدي الصهاينة في حق الأبرياء والعزل من شيوخ ونساء وأطفال. الكيان الصهيوني, قادر -لو شاء – على اقتناص أعضاء وكوادر “حماس” فردا فردا, إن لم يكن بواسطة جواسيسه ومخبريه من الفلسطينيين, فبإمكانه رصدهم وتمييزهم من انتفاخ كروشهم, وأرطال الشحم واللحم التي كست أبدانهم بفضل أموال التبرعات والمساعدات التي انهالت عليهم من كل حدب وصوب, بينما بقية الشعب في غزة تعاني الجوع وضنك العيش والهزال جراء الحصار الجائر!

العدوان الإسرائيلي على غزة, لا يمكن اختصار أسبابه في اختطاف وقتل مستوطنين, أو نتيجة قصف عشوائي لمدن إسرائيلية بصواريخ بدائية, ف¯ “حماس”, هي ربيبة إسرائيل, وهي لم تنشئها إلا لديمومة الكيان الصهيوني, ولضمان استدرار التعاطف العالمي واستمراره, ولاستقطاب الدعم الدولي, ولاستخدامها كشماعة تجهض بها مساعي السلام, وتنقض بسبب تهديدها لأمنها المعاهدات والاتفاقيات. لذلك, لا يمكن ل¯ “حماس” أن تشك خيطا في إبرة من دون مباركة أو تنسيق مع قيادتهم العليا في تل أبيب, فالتحرش بإسرائيل معلوم العواقب, ولا يمكن ل¯ “حماس” أن تجرؤ – لاحقا – على تكرار ما قاله نصر الله بعد تدمير إسرائيل لبلاده: “لو كنت أعلم ما كنت فعلت”!

أرجو ألا يفهم من هذا, على أنه تخذيل أو دعوة للقبول والتسليم, فالله سبحانه وتعالى, قال في محكم التنزيل: “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ”. ومنطقيا, لا يمكن ل¯ 30 أو 40 صاروخا, أن تكون هي القوة التي سترهب بها “حماس” عدو الله وعدونا, أو تنهي احتلالا دام نحو سبعين عاما… على أي حال, لا يمكن لنا كمسلمين وكعرب وكبشر الاكتفاء بالدعاء والتفرج على شعب غزة وهو يُهرس تحت الأنقاض. ولا يظنن أحدكم أن حكام الأمتين العربية والإسلامية عاجزون عن فعل شيء, بل هم قادرون – لو شاؤوا – بفضل ما تهيأ لهم من مصالح وعلاقات مع الدول الكبرى, على إيقاف عملية “الجرف الصامد” فورا. فالأمر لا يتعلق بإنهاء احتلال, وإنما بوقف عدوان, وكما أن “حماس” تتحمل وزر كل قطرة دم أريقت, فالحكام المسلمون والعرب لن ينجوا من إثم هذه الدماء, إن هم تقاعسوا أو اكتفوا ببيانات الشجب والإدانة والاستنكار!

salehpen -@hotmail.com

“السياسة”

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.