البطران آخرته قطران
هل جربت الهجرة في بلاد الدنيا لأجل البحث عن لقمة العيش كالآسيويين والمصريين واللبنانيين؟ هل جربت الرعب والخوف والقلق كالفلسطينيين والعراقيين والأفغانيين؟ هل جربت الجوع والفاقة وشظف العيش كالأفارقة، وهل جربت ان تحرق وتعذب لأجل دينك كالمسلمين في بورما؟ هل جرّبت ان تدفع جزءا كبيرا من دخلك ضرائب كالانجليز والأمريكيين والأوربيين وغيرهم؟ هل جربت ان تعيش في بلدك آمنا مطمئنا ثم تجد نفسك مشردا، لا تملك الا ما ترتديه من ملابس كالسوريين؟ هل جربت ان تكون دراستك الجامعية مكلفة ماديا لك ولأهلك، بما لا يقل عن الخمسة آلاف دينار سنويا،
وهل فكرت بضرورة ان تعمل أثناء دراستك من أجل ان توفر مصروفك الخاص لتغطية احتياجاتك؟ هل جربت ان تسير في الطرقات وتدفع رسوم استخدام لها؟ هل فكرت بقمامة يجب ان تدفع مقابل ازالتها، ونجيل أمام منزلك يجب ان تبقيه مقصوصا ومشذبا طول الوقت؟ هل فكرت بتلك الحياة التي تعيشها ويحسدك عليها الملايين؟ سبحان الله عليك يا كويتي حين رضيت ان تكون ممن قيل عنهم لا تعمى العيون ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.مساجدنا منتشرة في كل مكان، نصلّي فيها بأمان واطمئنان، لا نعاني مشكلة في حجاب نسائنا وبناتنا، لا نحس بخطر يتهدد أرواحنا ومصائرنا، ننعم بالأمن والطمأنينة ورغد العيش، سياراتنا حديثة وفارهة نغيّرها باستمرار، طعامنا يجبى الينا من كل مكان، نحصل على الماء بأرخص الأسعار، والبنزين بأقل من تكلفة الماء،
والكهرباء بأقل التكاليف مقارنة بجميع دول العالم.تعليمنا ببلاش، وعلاجنا بالمجان، حياتنا طيبة يتمناها كل من هاجر الينا، ولو أردنا ان نعدّ نعمة الله علينا فلن نحصيها، فنحن والقرية الآمنة المطمئنة التي يأتيها رزقها رغدا من كل مكان صنوان، ولكن ماذا حدث لتلك القرية ولماذا؟ أذاق الله تلك القرية لباس الجوع والخوف ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، فلماذا كان ذلك؟ لأنها كفرت بأنعم الله بدل ان تكون شاكرة ذاكرة، فهل نفعل كما فعل أهلها، ونرفس النعمة بأرجلنا، وهل ننسى ان من كان معافى في جسده،
آمنا في سربه، عنده قوت يومه فكأنما ملك الدنيا بحذافيرها وليس بيتا وسيارة ومحلا وأجهزة على اختلاف أنواعها وأشكالها.بلدنا على الرغم من السلبيات الموجودة درّة الدرر، ومن يحبها ويخاف عليها، يحميها مما يخطط لها في الظلام، ولا يشارك الأعداء والكارهين من حيث يدري أو لا يدري بالخطط التي تدرس بعناية، وينفق عليها جهد، ومال، ووقتا لتفكيك الكويت وتدميرها.كن يا كويتي من الشاكرين الحامدين،
فبلدنا نحبها بكل ما فيها، ورغم ما فيها، ولا ننسى أننا نعيش فيها بنعمة كبيرة، لا يعيشها حتى مواطني الدول التي تنادي بحقوق الانسان والديموقراطية.نحن يا سادة ويا سيدات بخير بفضل من الله تعالى، فلنحمد الله على الايجابيات، ولنعمل بحب وود على تصحيح السلبيات، ودعونا لا نتوغل في الكراهية كما حدث عند غيرنا، جعلنا الله جميعا من الشاكرين في السرّاء، الصابرين على البلاء، وكما قال المولى عزّ وجلّ: {اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور}.
ملاحظة: مقتبس من كلمات لحملة أحب الكويت مع بعض التعديل.
عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw
“الوطن”